أخبار الدار

تفاصيل دراسة ترصد أسباب التحاق المغربيات بالتنظيمات الارهابية

الدار / خاص/ المحجوب داسع

قدم مركز "البحث والتكوين في العلاقات بين الأديان"، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، دراسة حول "التطرف العنيف النسائي" أو التطرف بصيغة "المؤنث"، والذي تم الاشتغال عليها بدعم من الحكومة البريطانية و مكتب الأمم المتحدة للمرأة، واستعرض نتائجها الدكتور، فريد العسري، الخبير المشرف على كرسي "الأبحاث "ثقافات، مجتمعات ووقائع دينية" بالجامعة الدولية للرباط.

الأقارب لهم دور محوري في تطرف المغربيات

الدراسة كشفت أن الأقارب) الاخوة، الأزواج، الأصدقاء (لهم دور رئيسي في التحاق النساء المغربيات بالتنظيمات المتطرفة، وعلى رأسها تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"، وكذا في تحديد أدوارهن، وتشكيل "هوية نسائية" نابعة من فكر، وايديولوجية التطرف العنيف"، مشيرة الى أن "التفاعلات، وشبكات التواصل الاجتماعي، تسهم في استقطاب النساء المغربيات للتنظيمات المتطرفة"، علاوة على أن الدعاية المتطرفة العنيفة تقدم النساء في صورة نموذج مثالي كـ"طاهرات" و "بريئات" محميات من قبل رجال "أقوياء" و" مقدسين".

المغربيات العائدات..لا نرغب في المساس بالأمن المجتمعي

وتشير الدراسة الى أن المغربيات المنحدرات من مناطق الشمال، والعائدات من حضن التيارات المتطرفة، يعتبرن هذه التجربة كـ"مشروع" وليس كـ"مسار من العنف" داخل تنظيم مسلم متطرف، كما ان النساء اللواتي تم مقابلتهن في اطار هذه الدراسة، لاتحدوهن رغبة في المساس بالامن الداخلي للمغرب، واستلهام الفكر والخطاب المتطرف الى المجتمع المغربي.

أهم أسباب الالتحاق..الغرب "مصدر الشر"

وبخصوص الأسباب والعوامل التي تدفع هؤلاء المغربيات الى الالتحاق بالتنظيمات الارهابية، تفيد الدراسة أن نظرية "تعرض المسلمين للقمع من طرف الغرب"، واعتبار هؤلاء النسوة لأنفسهم كـ"ضحايا للمجتمع"، وكذا البحث عن دور أقوى وفعال في الحياة"، كلها أسباب تحفز هؤلاء المغربيات للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة الارهابية، ينضاف اليها أيضا، الرغبة في تأسيس ما يمسى بـ"الدولة الاسلامية"،  في اطار ما يعتبرنه واجبا "أخلاقيا" و"انسانيا".

74 في المائة من النساء المتطرفات من أوساط اجتماعية "هشة"

وكشفت الدراسة أن 74 في المائة من المغربيات اللواتي التحقن بالتنظيمات المتطرفة، ينحدرن من أوساط اجتماعية "هشة"، كما أن 156 من المغربيات عدن الى المغرب، بعد التحاقهن بالتنظيمات المتطرفة مابين سنتي 2013 و 2017.

وتكشف الدراسة أيضا،  أن " بروفايلات" المغربيات اللواتي يلتحقن بالتنظيمات المتطرفة، تختلف، على اعتبار أن فكر الراديكالية ينمو في سياقات مختلفة، وبدوافع مختلفة أيضا، كما أن تجارب النساء المتطرفات لايمكن اعتبارها فقط من زاوية كونهن "ضحايا مجتمعيات للاستقطاب" أو "متلاعب بعقولهن"، بل لهن أيضا دور في الجنوح نحو التطرف العنيف"، بحكم وجود قابلية مسبقة لديهن لاعتناق الفكر المتطرف.

الحكامة الأمنية..المغرب يضرب بقوة

تؤكد هذه الدراسة أن "الحكامة الأمنية تشكل سارية عماد التجربة المغربية في محاربة التطرف العنيف والإرهاب في المغرب، من خلال انشاء "المكتب المركزي للأبحاث القضائيىة" البسييج"، وتعزيز الترسانة التشريعية والقانونية، عبر مراجعة قانون مكافحة الإرهاب في سنة 2003، ينضاف اليها دور المندوبية العامة لادارة السجون واعادة الادماج في ادماج المعتقلين في قضايا الارهاب من خلال برنامج "مصالحة". كلها عوامل تسهم بشكل كبير في احباط كل المشاريع والمخططات الإرهابية التي تهدف الى زعزعة الاستقرار والامن المجتمعيين بالمغرب".

وسجلت الدراسة، تميز التجربة المغربية في مجال محاربة التطرف العنيف والإرهاب، لارتكازها على ثلاث مقاربات متكاملة: مقاربة الحكامة الأمنية، مقاربة محاربة الفقر والهشاشة والحد من الفوارق المجتمعية )المبادرة الوطنية للتنمية البشرية(، ومقاربة تعزيز قيم الإسلام السمحة والمنهج الوسطي المعتدل المتزن" )إعادة هيكلة الحقل الدني، وضبط آليات اشتغاله(، علاوة على دور برنامج مصالحة الذي أشرفت عليه الرابطة المحمدية للعلماء بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج، في مصالحة المعتقلين في قضايا التطرف والإرهاب، مع أنفسهم، ومع النص الديني ومع المجتمع عبر تأهيلهم للاندماج من جديد في محيطهم المجتمعي.

تقوية مؤسسات العلماء..الرابطة المحمدية للعلماء أنموذجا

وسجلت الدراسة ذاتها، دور برنامج مصالحة التي أشرفت عليه الرابطة المحمدية للعلماء في إعادة مصالحة المعتقلين السابقين في قضايا التطرف، مع انفسهم ومع المجتمع ومع النص الديني، وكذا انشاء معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، الى جانب اشراك المجتمع المدني في جهود محاربة الإرهاب والتطرف العنيف.

من جهة أخرى، سلطت الدراسة الضوء على الدور المحورية للمرأة المغربية العالمة في مجال تفكيك خطاب التطرف العنيف، وتعزيز قيم الإسلام السمحة، من خلال تجربة المرشدات الدينيات، التي تجسد "الريادة النسائية المغربية" في مجال دحض أطروحات العنف والتطرف، فضلا عن الدور الذي تلعبه الرابطة المحمدية للعلماء في مجال تعزيز "الريادة النسائية" من خلال اللقاءات والندوات الوطنية والدولية، التي ينظمها مركز "التكوين في العلاقات بين الأديان وتعزيز السلم، وكذا اطلاق الرابطة المحمدية لسلسلة "دفاتر تفكيك خطاب التطرف العنيف"، وسلسة من المنصات الرقمية، والوحدات المتخصصة في النشء والشباب، وبرنامج "العلماء الوسطاء" و "العلماء الرواد" في تشبيك مستدام مع باقي المؤسسات الوطنية.

تعزيز "الريادة النسائية"..مفتاح محاربة "التطرف النسائي"

ودعت الدراسة الى المزيد من العمل لتعزيز الريادة النسائية في مجال تعزيز السلم ومحاربة التطرف العنيف والإرهاب، من خلال الكدح المستدام على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي، وتعزيز حضورهن على المستوى الرقمي، وكذا تقوية الأنشطة الوقائية على مستوى الميدان، وعلى الصعيد المؤسساتي.

وتوخت هذه الدراسة، استبانة أدوار النساء داخل التنظيمات المتطرفة والارهابية، وفهم ظاهرة التطرف الديني النسائي، وكذا تقديم المبادرات المؤسساتية، وتحليل الأدوات، والبرامج وآليات التدخل لدى المجتمع المدني، والدولة للحد من التطرف الديني النسائي، كما رامت هذه الدراسة أيضا تقديم شهادات لنساء التحقن بالتنظيمات المتطرفة، وتحديد أدوارهن داخل هذه التنظيمات، ومختلف العوامل الشخصية، والعلائقية، والمجتمعية التي تدفع النساء للالتحاق بالتنظيمات المتطرفة.

واستندت الدراسة الى 12 مقابلة مع نساء مغربيات لتحديد العوامل المحددة التي تدفع تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الى الاهتمام بالنساء، وفهم العوامل الشخصية، والسياقية والعلائقية التي تدفع النساء الى الارتماء في أحضان التنظيمات الإرهابية.

وفي اطار هذه الدراسة، تم عقد مقابلات مع 7 عائلات في شمال المغرب، اللواتي التحق بعض أفرادهن من النساء بالتنظيمات المتطرفة، وذلك في اطار مقاربة "النوع الاجتماعي" التي استندت اليها الدراسة.

زر الذهاب إلى الأعلى