غير مصنف

زواج المتعة بالمغرب… حقائق وحالات

الدار/ فاطمة الزهراء أوعزوز

يعتبر المغرب واحدا من البلدان التي عرفت في الظرفية الأخيرة أصنافا متعددة من الزيجات التي تخرج عن المألوف، وتمث بصلة لعادات ضاربة في القدم ومتوغلة في الماضي، في هذا الصدد يمكن أن نورد زواج المتعة، الذي يربط بين شخصين من الأفراد سواء في الأوساط الجامعية بين أساتذة و طالبات، أو بالأوساط السياسية التي تعتبر الأحزاب الحيز الأساسي الذي تشهد انتشار هذا الوضع ولو بشكل نسبي، لأن التحفظ والكتمان يشكلان العنوان البارز الذي يسيطر على هذا الموضوع.

” الزواج المؤقت أحب إلي مما يدعونني إليه”

سهام وهو إسم مستعار لفتاة عاشت مغامرة زواج المتعة، والتي تبين من خلال حديثها أنها تفضل تسميته بالزواج المؤقت الذي ينجلي بعد حين، ولقد عقدت قرانها على أحد الأساتذة الجامعيين وهي طالبة صحافة وإعلام في أحد المعاهد الخاصة، ولم يستمر الزواج الذي تقول في حديثها لقناة “الدار”  سوى 4 أشهر، وكان ذلك برضى الطرفين معا.

سهام تشتغل كصحافية في إحدى المؤسسات الإعلامية بالمغرب، وعن أسباب قبولها هذا الصنف من الزواج تقول أن السبب الرئيسي مادي وربحي بالأساس، خصوصا وأنها تزوجت من رجل سياسي، له مسار سياسي يشهد له التميز والتفرد في العديد من المهام، وهو الأمر الذي أمكنها على حد تعبيرها من تحقيق مجموعة  من المكتسبات في مجال عملها، وهي التي كان من الصعب عليها تحقيقها بسهولة لأنها تتطلب وقتا طويلا، غير أنها وجدت في زوجها “المؤقت” الذي لم يعد بعد حين الملاذ الذي أعانها على تحدي الإكراهات التي كانت ستعترض طريقها المهني.

“رجل سياسة مغربي…سهام مجرد رقم وزواج المتعة عادة عابرة في حياتي”

من جهة أخرى ربطنا الاتصال بالزوج الذي عقد قرانه على الشابة “سهام”، ليوضح في تصريح حصري لقناة “الدار” أن سهام تعد مجرد رقم في حياته الخاصة بالنظر لكون زواج المتعة يعتبر بمثابة عادة وليس مجرد حالة عابرة،  خصوصا وأن السنة الواحدة يمكن أن تعرف على حد تعبيره على أكثر من زيجة واحدة.

وعن الدوافع التي جعلته يتخذ هذا القرار، يقول أنها تظل اعتبارات شخصية تبررها اختياراته الذاتية، لأنه يفضل الارتباط المرحلي العابر بدل الارتباط المستمر بالزوجة خصوصا وأنه مر من  عدة تجارب زواج فاشلة انتهت بالطلاق، وأصبح أبا لأكثر من إبن من أمهات متعددات وبعدها قرر ألا يربط علاقة زواج جدية للاستمرار، بل أصبحت الرؤية التي يتبناها تستقر عند عدم الاستمرار في العلاقة الزوجية، التي يصبح فيها مجرد طرف تنتهي صفته كزوج بعد حين.

يقول الشخص نفسه أن هذه الظاهرة لا تعتبر حكرا عليه فحسب، بل هناك مجموعة من الحالات التي تتكرر بشكل يومي خصوصا في أوساط السياسيين، وتعتبر هذه شهادة حية من شخص يخبر مجال السياسة في المغرب، ويرفض الإفصاح عن العديد من المعطيات معتبرا الموضوع حساس وقد يحدث مجموعة من التغيرات الجذرية، لأنه يخص مجموعة من السياسيين الذين  يشغلون مناصب وازنة في الساحة السياسية، وهو الأمر الذي ينطبق على حد قوله على الحرم الجامعي، الذي يعرف انتشارا عددا مهما من هذه الحالات.

تعتبر قصة سهام واحدة من ضمن مجموعة من القصص التي تحتاج إلى تسليط الضوء بالطريقة الكفيلة بإعطاء الحقوق لذويها، خصوصا وأن حصول هذا الأمر في الخفاء مؤشر دال على حتمية وجود مجموعة من الانتهاكات التي يمكن وصفها بالقاهرة، لأنها تتوارى عن أعين القانون، لتتفنن الأيادي خصوصا منها “السياسية” في حسن انتقاء الضحايا بعناية مركزة حسب الشهادات الواردة في السياق نفسه.

 زواج المتعة..تعتيم للحقيقة وانتهاك محظور

بقدر ما يتسم هذا الموضوع بأهمية تكاد تكون منقطعة النظير، بقدر ما يعلوه قدر كبير من الخطورة، بالنظر للسرية التامة التي تعتريه وكلما اتخدت إجراءات الزيجات في سرية تامة كلما اتسع المجال لتعتيم الحقيقة والتملص من الحقوق، الأمر الذي يحيل بشكل مباشر على وجود مجموعة من الحقوق المنتهكة التي ترتكب في الخفاء، في ظل غياب تام للقدرة والشجاعة الكفيلة بكشف الواقع، في أفق مناقشة المحظور وإزالة الستار عن مجموعة من الحقائق المتوارية عن الأنظار.

“زواج المتعة..مرتع الرغبات الجنسية بمباركة من الشرع والقانون”

وجذير بالذكر اللإشارة، أن الوارد أعلاه لا يعد انطباعا ذاتيا إنما هو الانعكاس المرآوي  الذي يعتبر محاكاة لواقع فعلي، نوقن مصداقيته بناء على منطوق مجموعة من الفتيات التي أقدمن على توقيع عقد الزواج الذي يشترط فيه الالتزام بمدة زمنية محدودة فقط، للعيش تحت سقف واحد، ثم يتم العمل على مباشرة إجراءات الطلاق، إنه زواج المتعة الذي يعتبره الكثير من الأفراد بمثابة الخلاص الذين يجدون فيه المرتع الخصب استجابة لرغباتهم الخاصة، غير أن الأمر  يتم بمقتضى الشرع والدين، و التعاقدات الخاصة يتم إبرامها بشكل خاص بين الأفراد المعنية بالأمر إي الزوجين.

“زواج المتعة حقيقة…والسرية المطبقة تعتم  حقيقة المعيش”

في السياق ذاته تكثر مجموعة من الانعكاسات السلبية التي تترتب عقب هذا الصنف من الزيجات، خصوصا وأن القاصرات تعتبر في الكثير من الأحيان بمثابة الطعم الذي يتم اعتماده في أفق عقد القران عليهن، ويشار في هذا الصدد أن العائلات اللواتي تشكو الفقر، غالبا ما يرحبون بفكرة الزواج المؤقت أو ما يعرف بزواج المتعة، في أفق سد الحاجيات الأساسية التي تثقل كاهل رب الأسرة، وهذا الأمر هو الذي يستدعي اتحاذ مجموعة من الإجراءات المستعجلة في أفق إيجاد الحلول الكفيلة بتجاوز هذه الإشكالية في الطرفية الحالية التي تنطلي حيله على مجموعة من العائلات.

من جهة ثانية تكثر القصص التي تجسد هذا الواقع، غير أن الصمت المطبق هو العنوان الغالب على هذه القصص، بدافع الخوف من الفضيحة والعار، في ظل غياب القابلية على تقبل النقد من مجتمع مغربي يصنف في عداد المجتمعات المحافظة، التي تقيم وزنا نافذا للآخر كونه يعد عنصرا فاعلا في المنظومة المجتمعية، التي لا يشكل فيها الفرد سوى جزءا من “نحن” الجامعة.

في هذا السياق لا يمكن أن تتضح الصورة إلا من خلال إيراد مجموعة من القصص الحية في هذا الصدد، والتي تشكل الواقع المعاش، الذي يعتبر تجسيدا فعليا للموضع قيد الدراسة، خصوصا وأن هذا الأخير تعتريه سرية كبيرة يصعب في إطارها الحصول هلى مجموعة من الأصوات الشاهدة على هذه الحقيقة المتوارية عن الأنظار.

“زواج المتعة… مرادف لزنا حلال”    

قال الباحث في علم الاجتماع علي الشعباني لقناة “الدار”، إن زواج المتعة لا يعد صنفا جديدا من الزواج بل هو ضارب في القدم، ويقصد به إبرام عقد النكاح المنتهية صلاحيته بالطلاق بعد حين يتم الاتفاق عليه بين طرفين، وعن الأسباب التي تدفع الشريكين إلى اتخاذ هذا القرار، أي الارتباط المؤقت هو الرغبة في قضاء وقت حميمي، وإشباع الرغبات الجنسية بشكل لا يتنافى مع الشرع الإسلامي.

وأضاف أن  ظهور هذا الصنف من الزيجات كانت مرتبطة في بداياتها بمجموعة من المبررات التي أوجدتها، خصوصا وأن التاريخ يكشف وجود أسبابا مقنعة لاتخاذ قرار الارتباط المؤقت، بينما الوضع الحالي يفتقر للأسباب التي بشأنها أن تكون مقنعة لاتخاذ قرار الارتباط المؤقت الذي يحل بعد حين.

ومن هنا يدعو علي الشعباني إلى ضرورة اتقاء شر الانعكاسات السلبية التي يمكن أن تتولد عقب زواج المتعة الذي   يشغل في ذهن العديد من المقبلين عليه شكل “النزوة أو الزنا الحلال” التي يمكن إشباعها دونما اللإقدام على انتهاك الخطوط العريضة للشرع.

“زواج مؤقت لا يرقى لدرجة الظاهرة…بل يغطي حالات معدودة”

من جهته قال المفكر الإسلامي محمد عبد الوهاب رفيقي في تصريح حصري لقناة “الدار”، إن زواج المتعة يعد شكلا من أشكال الزيجات القديمة التي أتاحها الإسلام بموجب مجموعة من الظرفيات الزمنية القاهرة التي جعلت منه لزاما، من قبيل الحرب حيث تم تشريع عقد القران على مجموعة من النساء اللواتي كن يرافقن الجنود المحاربين أثناء تنقلاتهم، في أفق الحفاظ على الشريعة التي تعتبرالعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج محرمة ومرفوضة بشكل قطعي.

وعن زواج المتعة في الوقت الحالي يقول عبد الوهاب رفيقي، إنه من الصعب الحديث عنه في الظرفية الحالية لأنه يخص فقط مجموعة من الأفراد وليس شريحة عريضة، ومن ثم فالأمر يستعصي عن النقاش وينفلت من الإحاطة العلمية، لأنه لا يعد ظاهرة جلية للعيان كما هو الشأن في الماضي، بل يخص حالات نادرة اتضح من خلالها أنها ملموس “في أوساط بعض السياسيين المغاربة، خصوصا منهم الإسلاميين، حيث تم الحديث في زمن ليس ببعيد عن مجموعة من الحالات التي أثبتت وجود هذه الحالات بشكل ملموس  في المغرب”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 + 12 =

زر الذهاب إلى الأعلى