ماكرون يدافع عن إصلاحاته ليلة رأس السنة رغم الإضرابات
يتوجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بكلمة الى الأمة ليلة رأس السنة في محاولة لكسب الدعم لمشروعه إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل، وذلك رغم المواجهة الاجتماعية التي تثيرها هذه الإصلاحات على نطاق واسع متسببة باكبر اضراب في وسائل النقل منذ عقود.
ويترقب الفرنسيون كلمة الرئيس التي تأتي بعد 27 يوما على الإضراب، عن كثب في ظل أجواء متوترة، رغم أن مكتبه قد أعلن الاثنين أنه “ليس من المقرر في هذه المرحلة أن يتطرق الرئيس إلى تفاصيل هذا الإصلاح”.
والاضراب الذي بات الاطول في وسائل النقل منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي، يعتبر بمثابة اختبار لقدرة ماكرون على تطبيق وعده الانتخابي باصلاح فرنسا.
ولا يبدو حتى الآن أن هناك أفقا لحل الازمة في حين ان المشاورات بين النقابيين ورئيس الوزراء إدوار فيليب لن تستأنف قبل 7 يناير.
وتترجم المعارضة لهذا “النظام الشامل” للتقاعد القائم على أساس النقاط والذي يستبدل 42 نظام تقاعد منفصل، بإضراب يشل حركة نقل القطارات والنقل الباريسية. وباتت مدة هذا الإضراب أطول من الذي شهدته البلاد عام 1995 ضد مشروع إصلاح نظام تقاعد الموظفين العموميين، والذي تخلت عنه الحكومة في نهاية المطاف.
ولا تزال حركة سكك الحديد والنقل مضطربة في العاصمة صباح الثلاثاء، خصوصا مع توقف محطتين للحافلات عن العمل.
وتأمل النقابات والمعارضة، التي تتهم الحكومة بأنها تريد القضم من تعويضات التقاعد، أن يعلن ماكرون في كلمته عن إيضاحات أو تنازلات، غير أن توقعاتهم قد تخيب، إذ أن ماكرون يبدو عازما على تنفيذ أكثر المشاريع طموحا في عهده.
ويتوقع أن يعيد التأكيد على “طموحه القوي” بتطبيق إصلاح لنظام التقاعد “يصوب العديد من أوجه عدم المساواة” وسيعيد التأكيد على “انفتاحه على الحوار”، “بدون الدخول في تفاصيل الإصلاح”، بحسب مكتبه.
ولا يبدو أن الرئيس سيتطرق إلى تعديل في تحديد سن التقاعد عند 64 عاما، يمكن المتقاعدين عند بلوغه الحصول على معاش كامل، وهو تعديل من شأنه أن يحظى بموافقة الاتحاد الفرنسي الديموقراطي للعمل، أكبر نقابة في البلاد.
ويطالب البعض حتى داخل الغالبية الرئاسية بإعادة النظر في هذه النقطة على وجه التحديد.
وطالب 15 نائبا من الجناح اليساري في حزب الجمهورية إلى الأمام الثلاثاء في مؤتمر صحافي بـ”بديل لتحديد سن التقاعد”، الذي يعتبر “غير عادل اجتماعيا “، وذلك من أجل الأخذ بعين الاعتبار “كافة الأوضاع الخاصة” (كحالات المهن الطويلة، أو الشاقة…).
وتعترف الحكومة، التي تريد أن تفاوض حول نقطة مشقة بعض المهن، بضرورة الأخذ بعين الاعتبار الحالات الفردية وتعتزم مناقشة ذلك في يناير.
وحتى ذلك الحين، يتوقع أن يذكر الرئيس الثلاثاء بعزمه على مواصلة الإصلاحات، التي كانت إحدى المواضيع الرئيسية في حملته الانتخابية عام 2017.
وقالت الثلاثاء مساعدة وزير الاقتصاد أغنيس بانييه-روناشير لإذاعة فرانس إنتر “نحن لا نريد المواجهة من أجل المواجهة فقط، نريد تطبيق إصلاح ضروري”.
في الأثناء، ومنذ تقديم المشروع الصيف الماضي، تتزايد التساؤلات حول فحوى الإصلاحات، والأثر الذي ستخلفه على كل عامل، خصوصا في ظل عدم معرفة طريقة تحديد قيمة النقاط التي يقوم عليها النظام المستقبلي.
وارتفعت النبرة في الأيام الأخيرة، خصوصا بعد تبادل حاد للاتهامات خلال عطلة نهاية الأسبوع بين الحكومة والاتحاد العام للعمل النافذ.
واتهم وزير الدولة للنقل جان باتيست دجيباري الاتحاد العام باعتماد أداء نقابي قائم على “التجميد” و”التخويف” إزاء غير المضربين.
من جهته، اعتبر رئيس النقابة فيليب مارتينيز أن الحكومة تعتمد أسلوبا من “الفوضى” وتراهن على “تدهور” المواجهة.
وقال الاثنين إيف فيرييه الأمين العام لـ”القوة العاملة”، ثالث أكبر نقابة في فرنسا، “أعتقد أن الوقت حان للتوقف”.
العام الماضي، واجه ماكرون كذلك موجة غضب اجتماعية قادتها حركة “السترات الصفراء”. وأقر حينها مساعدات بقيمة 10 مليارات يورو، وتراجع عن ضريبة مثيرة للجدل على الوقود التي كانت المحرك الرئيسي للتظاهرات.
المصدر: الدار ـ أ ف ب