أخبار الدارسلايدر

جمالي الادريسي: يدعو الى الاهتمام بالأطفال ويحذر من عدم التعاطي الواقعي مع حقوقهم

الدار/ خاص

استهل عبد الواحد جمالي الادريسي، منسق مؤسسة محمد السادس لاعادة ادماج السجناء كلمته الافتتاحية لأشغال الندوة الجهوية المنعقدة بالدار البيضاء، اليوم الثلاثاء حول “عدالة الأحداث بين التجريد والتجسيد”، بمقتطف من الرسالة الملكية التي وجهها جلالة الملك محمد السادس الى مؤتمر الطفل بتاريخ 23 مارس 2013 التي قال فيها جلالة الملك ” واننا كل الفاعلين في هذا المجال حكومة وهيآت عمومية وجماعات محلية ومجتمعا مدنيا وقطاعا خاصا ومؤسسات إعلامية للمزيد من التعبئة والتنسيق للنهوض بأوضاع طفولتنا في إطار خطة مندمجة للعشرية الثانية وتوفير كل الوسائل الكفيلة بتفعيلها لتنشئة الطفل بما يضمن تفتحه ومساهمته في بناء شخصيته ومجتمعه وتحقيق مواطنته الكاملة”.

وأكد أن المؤسسة ومنذ تأسيسها سعت إلى تعبئة كل مكونات المجتمع ذات الصلة بحقوق الطفل وما تتطلبه حمايته وحسن تنشئته من تكفل، فانخرطت لأجل ذلك في شراكات دعم وتعاون مع القطاعات العمومية والخاصة المحلية منها والدولية”، مبرزا أن “مؤسسة محمد السادس لإعادة الادماج تؤمن بأن حقوق الطفل مندمجة وهرمية وأنها اشتراطية وآنية تتنوع بتنوع التزامات القطاعات والهيئات والمؤسسات المعنية، سعت وستظل، في احترام تام منها لاختصاصات جميع القطاعات، إلى ضبط إيقاع التنسيق بينها بما يحقق تكفلا ناجعا ومثمرا للطفل، بصلابة لا تسعها قدرة وإصرار، ولا يحصره أفق وطموح ولا تحده غاية، تجسيدا كما ذكرت للإرادة الملكية السامية في مجال الطفولة وبما يتلاءم في آن مع التزامات المغرب الدولية.

وقال عبد الواحد جمالي الادريسي انه رغم تسييج المشرع الدولي ومعه الوطني الطفل بترسانة من النصوص القانونية ولفه بالعديد من الإجراءات الحمائية، سواء كان في وضع إهمال أو وضعية صعبة أو ضحية جناية أو جنحة أو في وضعية نزاع مع القانون، فإنه قبل هذا وذاك يوجد شرط مسبق على الجميع الاعتراف به هو الايمان بأن حق الطفل في الحياة، في الحرية والأمان الشخصي، في عدم الخضوع للتعذيب والمعاملة القاسية في التربية وفي الحصول على مستوى معيشي ملائم، في التغذية في اللعب، في تلقي العناية الصحية، في التعليم، في الوعي بحقوقه، في النماء في المشاركة وفي الأمن النفسي والجسدي، والتنشئة الاجتماعية، وفي استيعاب الحد الأدنى من العلم، وفي القدوة الصالحة، هي أمانة في عنق الكبار يفرضها القانون مرة ويفرضها الواجب الأخلاقي مرات متعددة. والاعتراف بهاته الحقوق، صيانتها وحمايتها من أي خرق تعتبر قضية تتجاوز النصوص القانونية والمساطر القضائية”.

وأضاف ذات المتحدث أن “هناك ما هو أفظع من تجاهل القانون والخطأ في فهمه أو تطبيقه، وهو عدم الاعتراف بالطفل كإنسان، عدم صيانة حقوقه وحرياته الأساسية، التعامل معه باعتباره أداة أو عقبة أو مصدر تهديد أو عبء زائدا، يجعله رافضا لأي مشاركة في تجاوز الانحراف. فإنكار إنسانيته يقضي على إمكانية تصور احتضانه ونمائه وتنشئته اجتماعيا. وأن تكريس التعامل معه في العقاب وفي نظام العدالة التقليدية يدفعه لمراكمة العنف والقسوة واستضمارهما بداخله مع حرصه على توجيه فوهتهما اتجاه القيم المحمية جنائيا”.

واعتبر أن ” الاعتراف بالطفل كانسان كامل الحقوق هو أمانة ودين في عنقنا فإذا لم نعترف به ولم نؤمن له ذاته فلن يعترف بنا وبمؤسساتنا، فمن يتعرض كيانه للتهديم لا يمكن أن يبني ذاته أو يبني المجتمع، فعدم الاعتراف بإنسانية الطفل وحقوقه الأصيلة تنهار معه المؤسسات والقانونين {رجاء أنظروا ما يحدث للآباء والأمهات والمربون وغيرهم} ويؤدي إلى تدميره داخليا، وإلى زرع الطابع العدواني في كيانه ومن تم في بنيات المجتمع.

واستطرد رئيس مؤسسة محمد السادس لاعادة ادماج السجناء أن ” المملكة المغربية صادقت على العديد من الصكوك والمواثيق الدولية الخاصة بحقوق الطفل أو ذات الصلة بها وعمد المشرع إلى ملائمة تشريعاته الوطنية وفق مضامينها وجاء بتدابير وآليات خاصة بالأحداث على مختلف وضعياتهم القانونية لحمايتهم وإنقاذهم تحول دون احتجازهم أو فصلهم عن أسرهم.، غايتها التأهيل داخل حضن المجتمع حرصا على حسن النماء والسلامة الذهنية والجسدية غير أن الفعل الأداتي لازال في بعض مواطنه يسير على استحياء”.

أكيد أن الصورة جد إيجابية بخصوص الاهتمام بالطفل في عدالة الأحداث ببلادنا فالعمل جبار ومفتول، ومتلاحق وموصول من القائمين على السطلة القضائية والعديد من المتدخلين في منظومة عدالة الأحداث، يترجم ذلك الكثير من اللقاءات والندوات والمؤتمرات سعيا من المسؤولين على السلطة القضائية إلى تمكين الأجهزة المتخصصة والفاعلين في المجال من أصول وغائيات منظومة عدالة الأحداث، وهذه خلايا التكفل بالنساء والأطفال بكافة وضعياتهم على مستوى محاكم المملكة تعد أحد أهم الآليات التي بالقدر الذي تنتصر فيه لحقوق الطفل وما تتطلبه خصوصيته ومركزه القانوني نجدها قائمة على جمع الشركاء والمتدخلين في المنظومة بشكل دوري وأسلوب متناغم يتأبط كل منهم كتاب المعايير النموذجية للتكفل بالنساء والأطفال”.

ودعا ذات المتحدث الى تجاوز المفارقة بين ما هو قانوني وما هو واقعي باستيعاب الفلسفات والأسس النظرية والعلمية التي تقوم عليها النصوص القانونية والأوقاف الدولية، وامتلاك النموذج المعرفي الذي يؤطرها أو يحدد آفاقها ومناهجها وطرق تطبيقها، أما أن يركن بعض الفاعلين إلى قواعد قانونية جاهزة دون إدراك لسر صناعتها وانتاجها، يظل معه التعامل معها سطحيا إجرائيا محضا، يتعلم كيف يطبقها بشكلها الجاهز بدون امتلاك الفلسفة والنموذج الموجهين لها”.

زر الذهاب إلى الأعلى