أخبار دولية

المحتجون يملأون شوارع العراق في غياب الرأس المدبّر لقمعهم

غضب المحتجين ينصبّ على دور واشنطن وطهران السلبي في بلادهم.

استأنف الآلاف من العراقيين تظاهراتهم في عدد من مدن وسط وجنوب البلاد وذلك في أوّل جمعة بعد مقتل قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني الذي يُعتقد على نطاق واسع أنّه وراء وضع وتنفيذ مخطّط قمع الانتفاضة العراقية المستمرّة منذ بداية شهر أكتوبر الماضي عن طريق قتل المحتجين في ساحات الاعتصام والتظاهر، أو عبر ملاحقتهم في مواطن تنقّلهم وإقامتهم واغتيال بعضهم واختطاف البعض الآخر.

وبدأت الاحتجاجات في العراق تنحو منحى الغضب من التدخلات الإيرانية والأميركية في البلاد وتطالب بإنهائها باعتبار الصراع على النفوذ بين الطرفين أحد الأسباب الرئيسية في ما آلت إليه الأوضاع العراقية من تراجع على مختلف المستويات.

وأعاد المتظاهرون إحياء الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة المناهضة للحكومة مع دخولها يومها المئة منذ انطلاقها في الأول من أكتوبر الماضي.

وفي ساحة التحرير المركزية وسط العاصمة بغداد وعلى غرار مدن عدة في جنوب البلاد، تظاهر الآلاف من العراقيين هاتفين “يلعن أبو أميركا لأبو إيران”، بحسب ما أفاد به مراسلون من وكالة فرانس برس.

وخرج المتظاهرون إلى الساحات الرئيسية في الديوانية والناصرية والبصرة والنجف وكربلاء التي شهدت ليلا مواجهات بين المتظاهرين والقوات الأمنية.

ومنذ أيام عدة، تنتشر دعوات من ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي لاستئناف الحراك في العاشر من الشهر الأول في السنة الجديدة ليتناسب مع انطلاقته الأولى في اليوم الأول من الشهر العاشر من السنة الماضية.

ويندد العراقيون منذ أكثر من ثلاثة أشهر بالطبقة السياسية الحاكمة التي يتهمونها بالفساد والمحسوبيات. وتعيش البلاد حالة شلل سياسي منذ استقالة حكومة عادل عبدالمهدي، ولا تزال الكتل السياسية غير قادرة على التوافق لإيجاد شخصية بديلة لرئاسة الوزراء رغم انقضاء المهل الدستورية.

وأسفرت أعمال العنف التي شهدتها التظاهرات في أنحاء البلاد عن مقتل نحو 460 شخصا غالبيتهم من المحتجين، وإصابة أكثر من 25 ألفا بجروح. وتعرّض الناشطون أيضا لحملات تخويف وعمليات خطف واغتيال في محافظات عدة.

ولكن فيما تتجه الأنظار إلى العراق الذي صار أشبه بملعب بين واشنطن وطهران على خلفية اغتيال الأميركيين للجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني في بغداد، يرى العراقيون في ذلك فرصة لإيصال صوتهم.

وقال الناشط حيدر كاظم من الناصرية إنّ “عودة التظاهرات تعبر عن التمسك بمطالب ثورة أكتوبر وعن تجديد مطالب الشعب بأن ترفع الطبقة الحاكمة يدها عن مقدرات البلاد”.

وتسود حالة من الترقّب صفوف النشطاء والمحتجّين العراقيين بشأن طريقة تعامل السلطات العراقية معهم بعد مقتل سليماني والمهندس.

ولا يتوقّع أغلب هؤلاء تراجعا في حدّة القمع، ويذهب الأكثر تشاؤما من بينهم إلى توقّع زيادة في وتيرة القمع وإطلاق يد الميليشيات بشكل غير مسبوق للسيطرة على الشارع بقوّة السلاح على أساس أن ظروف البلد وحالة التوتّر التي تسوده لا تسمحان بالتظاهر.

وأظهرت لقطات فيديو مصوّرة بهواتف المحتجّين إطلاق الرصاص الحي على متظاهرين في مدينة كربلاء جنوبي العاصمة بغداد وسقوط جرحى في صفوفهم.

ودارت الجمعة اشتباكات بين متظاهرين والقوات الأمنية في محافظة البصرة جنوبي بغداد.

وأبلغت مصادر محلية وكالة الأنباء الألمانية بأن الاشتباكات اندلعت بعد أن تدخلت القوات الأمنية لفض تظاهرة في مركز المحافظة واعتقال عدد من المتظاهرين واقتيادهم إلى مراكز الاحتجاز.

وأوضح شهود عيان أن المتظاهرين انتقلوا للتظاهر أمام مقر قيادة شرطة البصرة للمطالبة بإطلاق سراح زملائهم وهم يهتفون بشعارات تطالب بعدم تقييد الحريات.

إلى ذلك عادت عملية الاغتيال برصاص مسلّحين مجهولين، مستهدفة هذه المرّة صحافييْن عراقييْن عقب تغطيتهما احتجاجات الجمعة في البصرة.

وتلقّى المحتجون دعما سياسيا قويا بإعلان زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي، الجمعة، استقالته من عضوية البرلمان. وذكر مكتب علاوي في بيان مقتضب أن زعيم الائتلاف “أعلن استقالته من عضوية مجلس النواب العراقي نتيجة فشل المجلس في أداء دوره التشريعي والرقابي وعدم تعامله بجدية وايجابية مع مطالب الحراك الشعبي والجماهيري”.

وتجاوز المحتجّون في العراق المطالب المعيشية المباشرة، إلى أهداف أكبر تدور حول التخلّص من النظام القائم واستعادة الدولة العراقية لهيبتها ومنع التدخّلات الخارجية في شؤونها.

وضمّ المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني صوته لصوت المحتجّين مندّدا بالمواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران على أرض العراق، قائلا إنها تهدد بجر البلد ومنطقة الشرق الأوسط إلى صراع أكبر.

المصدر: الدار ـ  وكالات

زر الذهاب إلى الأعلى