المواطنسلايدر

سبتة ومليلية.. تهريب غاشم يروم احتلالنا

الدار/ رضا النهري

تعيش مدينتي سبتة ومليلية اختناقا اقتصاديا غير مسبوق، حيث صار تجار المدينتين المحتلتين يحنون إلى تلك الأيام الخوالي من ازدهار التهريب المعاشي مع باقي التراب المغربي، وفي سبيل عودة تلك الأيام يقومون بأي شيء، الحلال منه والحرام.

يعرف الجميع تلك الحكمة القائلة “آخر الدواء الكي”، هذه مقولة قديمة تعكس حاجة المرء إلى اتخاذ القرار الصارم في الوقت المناسب، لأن أي تخاذل بعد ذلك قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.
نعرف جميعا هول الاقتصاد الموازي الذي غرسته سبتة ومليلية في جسد الاقتصاد المغربي، وندرك حجم معاناة عشرات الآلاف من حمالات السلع، اللواتي يسميهن البعض “مهربات”، أو تسميات أخرى حاطة من الكرامة.
باب سبتة، مثلا، صار منذ مدة يحمل اسما آخر وهو “باب المذلة”، لأن فيه تُمتهن الكرامة الإنسانية وتُمحى أية ذرة من العزة في سبيل حفنة من الدراهم، لذلك لا بد من إيجاد حل، لأنه كلما طال أمد هذه النقطة السوداء إلا واستفحل الداء، والإقفال النهائي للمعبرين الحدوديين أمام السلع المهربة ضرورة قصوى، طال الزمن أو قصر.
اليوم، وبعد أن صارت سبتة ومليلية تحتلنا جميعا بسلعها الخطيرة، اقتصاديا وصحيا واجتماعيا، وبعد أن صارتا رمزا لامتهان الكرامة، أصبح من الضروري تطبيق حكمة “آخر الدواء الكي”، وجعل هذا المعبر الحدودي ككل المعابر الحدودية، مع أنه معبر وهمي في أرض مغربية في البداية والنهاية.

لم يجن المغاربة من معبري مليلية وسبتة غير الخراب، الخراب للاقتصاد والأسر والصحة، بينما المهربون الحقيقيون يجنون أمولا خرافية ويودعونها في الأبناك الإسبانية والأوربية، بينما زهقت أرواح نساء من أجل مائة أو مائتي درهم.
إغلاق هذين النقطتين الحدوديتين أمام تهريب السلع سيكون هو القرار الصائب، أكيد أنه سيكون قرارا متأخرا، وسيترك خلفه الكثير من الضحايا، لكنهم ضحايا مؤقتون، ومن الأجدر بتر عضو متعفن من جسد قبل أن يتحول الجسد كله إلى ضحية… فأن يأتي هذا القرار متأخرا.. خير من ألا يأتي أبدا.

اليوم نفهم سر الاختناق الاقتصادي في سبتة ومليلية، فنحن كنا نمدهما بسبل الحياة، ولا غرابة أن تطرح وزيرة الخارجية الإسبانية هذا الموضوع على المسؤولين المغاربة في زيارتها مؤخرا للمغرب، فالإسبان لم يكتفوا باحتلال سبتة ومليلية، بل أرادوا احتلالنا جميعا عبر ذلك التهريب الغاشم.

زر الذهاب إلى الأعلى