الدين والحياةسلايدر

عبادي: التطرف خروج عن مقاصد الدين والشباب هدف للمتطرفين

الدار/ تقارير

قال أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ان التطرف يستبطن بما هو تجاوز لحد الاعتدال، غُلوًّا وتشدُّدًا وتنطُّعًا، وهي جميعها أوصافٌ مذمومة جرى النهي عنها شرعا بصيغ مختلفة أثرت عن سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، مؤكدا أن علة النهي عن هذه الأفعال أنها تهدد باختلال أسس النظام الاجتماعي، وتصدع السلم الأهلي للأمة والجماعة، كما تفضي إلى تعسير دين الرحمة والتنفير منه، من خلال تكليف الخلق بما لا طاقة لهم به.

ودعا عبادي في اصدار جديد حمل عنوان “في نقض أسس التطرف ومقولاته” الى مواجهة هذه الظاهرة، من خلال منهج الإسلام الذي اعتمد نهجا في التبليغ والدعوة والمناصحة واضح المعالم، يقوم على “الحكمة والموعظة الحسنة، مشيرا الى ان ” إيديولوجيا العنف والتطرف، تعبر عن شذوذ فكري تصوري، وانحراف منهجي عن جادة الهدي الإلهي، مهما كانت المبررات. كما تقوم على جهل مركب بأصول الدعوة، وذهول مريع عن منهجها ومقاصدها وفلسفتها؛ جهل بأن الأصل في الإيمان؛ العلم والإرادة والاختيار الحر.

واعتبر الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن النزوع للتطرف، والتوسل بأساليب العنف والإرهاب، لا يختص به مجتمع دون آخر، ولا حضارة أو ثقافة دون غيرها، ولا دين دون سواه. فمن خلال استقراء العديد من التجارب، نلحظ أن هذا النزوع يحكمه عاملان أساسان؛ يتمثل أولهما في الشعور الوثوقي بامتلاك الحقيقة، ويتجسّد ثانيهما في السعي للتماهي مع الجماعة المصطفاة بحثًا “يوتوبيًا” عن المعنى والكرامة والعزة والقوة والوحدة والتضامن والصفاء والخلاص.

فما يوحد الحركات المتطرفة، يضيف عبادي، أنها تفتقر للوعي الضروري بمقاصد الدين، والتمييز ضمنه بين دائرة الأمور العقدية التوقيفية، التي تستوجب القطع والتسليم والتوقف، والأمور الدنيوية التوفيقية المصلحية، التي تستوجب النظر والاجتهاد، والموازنة والترجيح، كما تفتقر هذه الحركات للوعي بتعدد السياقات واختلافها، وما يقتضيه كل ذلك من تنسيب للمواقف والأحكام، كما تتّسم بعجزها المزمن عن إجراء التسويات والتوافقات اللازمة مع الذات ومع الآخر.

وأوضح أن الرابطة المحمدية للعلماء حينما تصدّت لمقاربة هذه الظاهرة المدمّرة، إنما تصدّت لها بقصد التحليل والتفسير، سعيا للفهم، واقتراح ما تراه مناسبا من علاج، انطلاقا من كونها أكاديمية للعلوم الشرعية والفكر الإسلامي، وليس بقصد الإدانة فحسب.

وقد قاربت الرابطة هذه الظاهرة، يستطرد أمينها العام، بعد إجراء أبحاث ضافية حولها، طبيعةً ومنشأً وتطورًا، وتجميع ما تمكنت من الوصول إليه من مراجع وآراء ورؤى وخبرات حول الموضوع، بتنظيم العديد من الفعاليات العلمية (ندوات، ورشات، ملتقيات، ملفات علمية، تثقيف بالنظير، برامج تكوينية، شراكات، تفكيك للخطاب المتطرف…).

فأخطر ما يمكن أن يتهددنا في ظل هذه الفتنة العمياء؛ هو أن تختلط علينا المذاهب، وتختلّ لدينا المعايير، وتصاب بوصلة وجهتنا بالجنون والعبث، وتستغرقنا مجريات الأحداث، ودهاليز الفوضى ومتاهاتها، وهو الأمر الذي يجعلنا ننهج نهج التشمير لمواجهة التدمير، والتفكير والتدبير، لمواجهة التمزق والتتبير.

إن الجماعات المتطرفة، عادة ما تستغل القلق الوجودي، والفراغ الروحي والنفسي، من خلال نزعتها الطهرية والوثوقية، ووعودها بتقديم حلول جذرية وناجزة، للأوضاع القائمة، التي يتم وصمها بالفساد والزيف، والظلم والانحلال والجاهلية..

ومع أن مزاعم ووعود هذه الجماعات لا تنطلي تلقائيا على الكافة، إلا أن هناك أشخاصا ممن لديهم القابلية النفسية للاستجابة لخطابها، وبوجه خاص من ضمن فئة الشباب، ممن يصدرون عن معيارية أخلاقية حدية صارمة، ويعبرون عن مشاعر الاستهجان والنفور من الازدواجية بين القول والفعل، بين الواقع والمثال، وكذا من غياب القدوة.. في ذهول تام عن الطبيعة المركبّة والنسبيّة للواقع الاجتماعي والسياسي، والحقيقة الإنسانية.

وهنا يبرز الدور الحاسم لإشاعة الوعي النقدي، واستيعاب الحقيقة الدينية ضمن منظور مقاصدي، في أبعادها التاريخية والأنثربولوجية والسوسيولوجية والسيكولوجية. وكذا مسؤولية كل من الدولة والمجتمع، على توفير الوسائل والشروط اللازمة للتأطير الديني والثقافي والتربوي والرياضي والفني للمجتمع وبوجه خاص للشباب.

زر الذهاب إلى الأعلى