تفاصيل تحقيق كشف تجسس الاستخبارات الأمريكية والألمانية على أكثر من 100 دولة من بينها المغرب
الدار/ تقارير
كشفت صحيفة “واشنطن بوست” أن الاستخبارات الأمريكية والألمانية استخدمت على مدى سنوات تجهيزات تابعة لشركة سويسرية متخصصة بتشفير الاتصالات، للتجسس على أكثر من مئة بلد عدو وحليف، من بينها المغرب.
وأظهر تقرير للصحيفة الأمريكية، نشرته أمس الثلاثاء بعد تحقيق مطول أجرته بالتعاون مع التلفزيون الألماني “زد دي إف” ومحطة الإذاعة والتلفزيون السويسرية “إس إر إف”، أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية اشترت في عام 1970 شركة التشفير “كريبتو إيه جي” في إطار “شراكة سرية للغاية” مع جهاز الاستخبارات الألماني “بي إن دي” عن طريق شركات مسجّلة في دول تعد ملاذات ضريبية آمنة.
وكانت شركة “كريبتو إيه جي” قد تربّعت بعد الحرب العالمية الثانية على عرش قطاع بيع تجهيزات التشفير المحمولة، وقد باعت تجهيزات بملايين الدولارات لأكثر من 120 بلدا.
وأبقي على تشفير التجهيزات التي بيعت إلى حلفاء الولايات المتحدة، أما ما عداها فكان العملاء الأمريكيون قادرين على فك تشفيرها.
وعمدت وكالتا الاستخبارات (الأمريكية والألمانية) إلى “التلاعب بتجهيزات الشركة بغية فك الرموز التي كانت البلدان (الزبائن) تستخدمها في توجيه رسائلها المشفّرة”.
وتمكنتا بهذه الطريقة من مراقبة أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران في العام 1979، وتزويد بريطانيا بمعلومات عن الجيش الأرجنتيني إبان حرب (الملوين/فوكلاند)، ومتابعة حملات الاغتيال في أمريكا اللاتينية، وفق صحيفة واشنطن بوست.
كما أتاحت هذه الآلية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية امتلاك دليل على تورّط ليبيا في اعتداء استهدف في العام 1986 ملهى ليليا في برلين الغربية أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين.
واعتبارا من العام 1970 باتت “سي آي إيه” ووكالة الأمن القومي “تراقبان عمليا كل عمليات شركة “كريبتو”، وتتخذان القرارات المتعلقة بالتوظيف والتكنولوجيا والتلاعب بالخوارزميات واستهداف المشترين”، وفق الصحيفة.
لكن البرنامج لم يتح التجسس على خصوم رئيسيين للولايات المتحدة، ولا سيما الاتحاد السوفياتي والصين، لعدم تعاملهما مع “كريبتو”.
من جهتها أكدت “سي آي إيه” أنها “على علم” بهذا التحقيق من دون الإدلاء بأي تعليق رسمي حول عملياتها.
فعلى مدة سنوات الثمانينيات كانت قائمة عملاء شركة التشفير “كريبتو إيه جي” Crypto الرئيسيين تقرأ مثل كتالوك النقاط الساخنة العالمية. في عام 198 ، كانت المملكة العربية السعودية أكبر عملاء لشركة Crypto ، تليها إيران وإيطاليا وإندونيسيا والعراق وليبيا والأردن وكوريا الجنوبية.
في إفريقيا، كشفت الخريطة التي استهدفت المخابرات الأمريكية والألمانية، أن 18 دولة أفريقية كانت تتجسس على استخدام معدات Crypto AG ، بما في ذلك دول المغرب العربي الخمسة: المغرب والجزائر وموريتانيا وليبيا وتونس. “تشير السجلات إلى أن أربع دول على الأقل – إسرائيل والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة – كانت على علم بالعملية أو تم تزويدها بمخابرات سرية من قبل الولايات المتحدة أو ألمانيا من “الغرب”.
واعتبرت الشركة السويدية “كريبتو إنترناشونال”، التي اشترت “كريبتو إيه جي” أن تحقيق الصحيفة “يثير القلق”، نافية وجود “أي رابط مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية وجهاز الاستخبارات الألماني”
والثلاثاء أبلغت السلطات السويسرية وكالة “فرانس برس” بأنها بدأت “تحقيقا” حول الأمر في 15 يناير الماضي. وعلّقت سويسرا في ديسمبر الماضي رخصة عامة للاستيراد كانت قد منحتها للشركتين اللتين ورثتا “كريبتو إيه جي” وذلك بانتظار تقديم الإيضاحات اللازمة.
إن تجسس الولايات المتحدة وألمانيا على البلدان المغاربية يمكن أن يفسر العديد من المواقف والتوصيات الأمريكية بشأن القضايا الحساسة في المنطقة، مثل النزاع حول الصحراء المغربية، حيث كشف تحقيق صحيفة “الواشنطن بوست” الأمريكية والقناة الألمانية، أن وكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية كانت على علم بالاجتماع بين المغرب والجزائر، الذي يعود إلى سنة 19 أكتوبر 1978 ، بعد الأزمة التي اندلعت بين البلدين.
وكان ذلك بفضل مساعدة من خبراء إسرائيليين وفرنسيين، حيث بنى المغرب جداره الرملي في الثمانينيات كما كشفته وثيقة سرية لوكالة المخابرات المركزية، في حين أن الولايات المتحدة أقنعت المغرب أيضًا بالتخلي عن الاستفتاء في الصحراء واختيار مقترح الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية .