الرأيسلايدر

الخلاف حول “الإثراء غير المشروع” يعرقل مجددا تعديل القانون الجنائي

الدار / خاص

بعد البلوكاج الجديد الذي دخله مشروع تعديل القانون الجنائي في البرلمان طفت على السطح مجددا النقاشات حول الأسباب الحقيقية لتأخر هذه النص الذي يضم تعديلات تمس قضايا مجتمعية مختلفة كالإجهاض والجرائم وحماية المال العام. ونظرا للقضية الخلافية الرئيسية المتمثلة في بنود تجريم الإثراء غير المشروع التي تضمنها يبدو أن هذا التعديل سيدخل مجددا ثلاجة اللجان البرلمانية في انتظار ولاية تشريعية أخرى بعد أن انتهت دورة أكتوبر دون الحسم فيه.

هذا النص التشريعي يراوح مكانه داخل دواليب البرلمان منذ 2016 وتنتهي رحلته الأسبوع الماضي بتأكيد وزير العدل أنه لا يمكنه أن يصادق على مشروع القانون الجنائي دون اطلاع الحكومة على مكوناته ومناقشته، مشيرا إلى أن الحكومة الحالية لم يسبق لها أن ناقشت موضوع مشروع القانون الجنائي، وبالتالي “لا يمكن لوزير العدل أن يذهب باسمها إلى لجنة العدل والتشريع ويقبل التعديلات أو يرفضها”.

وسبق أن ظهرت خلافات بين الفرق البرلمانية حول تجريم الإثراء غير المشروع بين من يدعو إلى اتخاذ عقوبات محدودة تعتمد الغرامات التصالحية وبين من دعا إلى تشديد العقوبات السجنية. وبدا من خلال الأخذ والرد أن نوايا تعطيل وتأجيل المصادقة على هذا التشريع الذي من المفترض أن يحمي المال العام هي الغالبة، وهو الأمر الذي دفع منظمة ترانسبارانسي الدولية قبل أسابيع قليلة إلى انتقاد البرلمان وتقاعسه في تبني مشروع القانون الذي يهم بالأساس الموظفين المكلفين بمهام رسمية، داعية إلى ضرورة تضمينه عقوبات بالسجن في حق الأشخاص الذين يثبت اختلاسهم أموال عمومية.

وقد تحولت عملية مناقشة هذا المشروع إلى ما يشبه المهزلة بالنسبة للكثير من المراقبين بعد أن طالت أكثر من اللازم. فهذا القانون الذي يتأرجح في رفوف المؤسسة التشريعية منذ أكثر من ثلاث سنوات أصبح شبيها بولادة عسيرة ومؤلمة يخدرها البرلمانيون بمزيد من المسكنات ويرفضون أن تخرج إلى حيز الوجود. ويتزامن هذا التأخر مع تزايد درجة الكشف عن حالات الفساد واستغلال المال العام التي تكشفها سنويا تقارير المجلس الأعلى للحسابات علما أن هذا التشريع قد يحصن إلى حد ما ممتلكات الدولة والمال العام من النهب والاستغلال الذي تتعرض له.

وينص مشروع القانون على فرض غرامات ما بين 100 ألف إلى مليون درهم في حق أي شخص « تبثت زيادة كبيرة وغير مبررة لذمته المالية أو ذمة أبنائه»، بعد توليه لمهمة أو وظيفة عمومية. ومن بين النقاط الخلافية بين الفرق البرلمانية مسألة حدود التصريح بالممتلكات فبينما يدعو بعض الأطراف إلى أن تشمل عملية التصريح زوجات وأبناء الموظفين يدافع آخرون عن الاقتصار على التصريح بممتلكات الموظف المعني بالمسؤولية.

ويبعث التقاعس في الحسم في هذا القانون رسائل سلبية إلى المجتمع الذي يعاني أصلا من غياب الثقة في العمل السياسي والحكومي ويحمل انطباعات غير إيجابية عن علاقة المسؤولين السياسيين والموظفين السامين بالذمة المالية وبتدبير المال العام. ويزكي تزايد وتيرة القضايا الجنائية المتعلقة باستغلال المال العام لمصالح شخصية لبعض المسؤولين من استمرارية جو انعدام الثقة. وتشهد مختلف محاكم المملكة منذ بضعة أسابيع فتح أبحاث وتحقيقات قضائية ضد منتخبين ومسؤولين محليين وجهويين في قضايا مختلفة بعد أن شرعت جمعيات المجتمع المدني في الانتصاب كطرف فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى