تيك توك يأسر الأطفال والمراهقين ويثير مخاوف الوالدين
تطبيق يجده المراهقون منفذا للتعبير عن الذات والآباء يعتبرون محتواه خادشا للحياء.
قالت أنستازيا باسيل، كاتبة أميركية من لوس أنجلس ولديها أطفال تتراوح أعمارهم بين 10 و12 عامًا، إنها شعرت بالضيق بسبب كلمات الأغاني الجريئة في تطبيق تيك توك و”التطرف في المحتوى الجنسي” الذي شاهدته. مشيرة إلى أن أفضل صديقة لها يحب ابنها البالغ من العمر 10 سنوات تيك توك، طلبت منها عدم السماح لابنتها باستخدامه عندما تبيت خارج المنزل.
وأكد بعض مستخدمي التطبيق الصيني أنه حقيقي وموثوق به أكثر من تطبيق الصور إنستغرام؛ حيث أفادت إميلي ريتشر، البالغة من العمر 19 عامًا من مدينة سيمكو بأونتاريو، بأنها تستخدم إنستغرام من أجل تنزيل صورها التي تبدو لطيفة، أو لأجل نشر الأمور الجيدة التي تقوم بها، مضيفة “لكن أستخدم تطبيق تيك توك لأبدو أكثر حرية، ولأقول النكات والمزاح وحتى أرتدي ملابسي بحرية وبشكل غريب. وقد انتشر لها مقطع فيديو وهي تلقي بقطعة مخلل في فمها في شهر نوفمبر الماضي”.
وجذب تيك توك الكثير من الاهتمام لأنه أول خدمة تواصل اجتماعي تمتلكها الصين تحقق نجاحًا باهرًا في الغرب. وحقق التطبيق نجاحا في الولايات المتحدة وأغلب دول العالم، حيث يجذب المشاهير والشركات التي ترغب في الوصول إلى الأطفال والشباب المنفصلين عن وسائل الإعلام التقليدية.
وكشفت شركة “سينسور تاور” الأميركية، أنه تم تحميل تطبيق تيك توك 1.65 مليار مرة. وفي عام 2019، كان هو التطبيق الثاني الأكثر تنزيلًا في متاجر تطبيقات غوغل أبل، متخلفًا عن تطبيق واتساب فقط. وتقدر شركة الأبحاث “إي ماركيتر” أن تيك توك ضاعف قاعدة مستخدميه في الولايات المتحدة تقريبًا إلى 37.2 مليون مستخدم في عام 2019.
وكشفت إحصائيات في 2019 أن أكثر من 800 مليون شخص في دول أوروبا والغرب باتوا يستخدمون التطبيق يوميا، وأن نحو 3.7 مليون بريطاني يستعملون التطبيق لتسجيل الفيديوهات نحو 8 مرات يوميا، كما يستخدمه بشكل دائم نحو 4.1 مليون ألماني، و2.7 مليون إسباني، ونحو 2.4 مليون شخص من إيطاليا.
وبالنسبة إلى العديد من المستخدمين، وخاصة الأطفال والمراهقين، فإن ما يميز تيك توك هو روح الدعابة التي تسيطر عليه. ومن أجل استخدامه، ما عليك سوى تنزيل التطبيق والشروع في التجول عبر مقاطع الفيديو، وليس بالضرورة أن تكون صديقا لأحد أو أن تبحث عن أي شيء لمشاهدته، ستصادفك مجموعة كبيرة من مقاطع الفيديو المضحكة من مستخدمين غرباء.
وساعد التطبيق في إطلاق نجوم موسيقيين مثل ليل ناس إكس، الذي تعد أغنيته “أولد تاون رود” أطول أغنية في تاريخ تصنيفات بيلبورد. وهناك مقاطع فيديو لمسرحيات هزلية مضحكة، ومقاطع فيديو وراء الكواليس لعمليات تحضير الوجبات السريعة، وغيرها الكثير.
ولا يتردد الآباء والأمهات والمختصون في التعبير عن مخاوفهم من تأثيرات التطبيق السلبية على المراهقين وحتى الشباب، وتؤكد المخاوف على الطبيعة الجنسية للكثير من مقاطع الفيديو التي تعرض على تيك توك.
ومنعت الهند وإندونيسيا تطبيق تيك توك مؤقتاً بسبب الخوف على الأطفال، وبدورها حذرت دول عربية -من بينها الجزائر- من مخاطر استخدام هذا التطبيق وذلك في إطار الوقاية من الأخطار التي تنجر عن الاستعمال السيئ لشبكات التواصل الاجتماعي، لاسيما تطبيق تيك توك الذي يشكل خطرا محدقا على فئة القصّر، حيث تتميز هذه المنصة بكونها تسمح بتقاسم العروض الفنية (أغان، رقص، تهريج، تقليد، تحديات…) التي تكون في شكل مقاطع فيديو قصيرة المدة، وفق بيان نشرته وزارة التربية الجزائرية في وقت سابق على صفحتها في فيسبوك.
وأشار البيان إلى أن مخاطر استعمال هذا التطبيق تكمن في سهولة تقاسم وتشارك مقاطع الفيديو، مما قد تترتب عليه مواقف غير أخلاقية أو غير لائقة تعرّض القصّر والشباب إلى الابتزاز والاستغلال الجنسي من طرف المنحرفين.
وتقدمت النائبة في البرلمان المصري، مايسة عطوة، وكيلة لجنة القوى العاملة، في أواخر 2019 بطلب وقف تيك توك.
وقالت إن “انتشار هذا التطبيق الواسع بين الشباب والمراهقين، دفع الجماعات الإرهابية لاستغلاله وتحويل مساره من محتوى ترفيهي يتداوله
الشباب بمقاطع خاصة حول تقليد بعض الأغاني أو مقاطع الأفلام، إلى منفذ لعرض أناشيد تلك الجماعات ولقطات تظهر بعض الجثث ومقاتليها”.
وقام تيك توك بإعداد إرشادات المنتدى بشأن ما هو مسموح به، حيث يوفر وضعا مقيدًا للمحتوى غير المناسب ويسمح بفتح حسابات محدودة للمستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 13 عامًا، رغم أنه لا يتحقق من الأعمار.
وفي العام الماضي، وافقت الشركة على دفع غرامة قدرها 5.7 مليون دولار أميركي بسبب جمعها المعلومات الشخصية عن الأطفال دون سن الـ13.
وتقول الشركة إنها تحذف حسابات “تم إنشاؤها بشكل خاطئ”، مثل حسابات المستخدمين القاصرين الذين لديهم تواريخ ميلاد مزيفة، عندما يتم الإبلاغ عنها من قبل مستخدمين آخرين.
ونبهت تقارير إلكترونية إلى إمكانية استغلال المتنمرين جنسيا لهذا التطبيق لاستقطاب المراهقين من كلا الجنسين. وأكدت أن هذا التطبيق -بغض النظر عن المحتوى الذي يقدمه- يستهدف المراهقين ويعمد إلى إثارة مشاعرهم ورغبتهم في الشهرة.
ووسط تزايد شعبية التطبيق بين المراهقين والانتقادات الموجهة إليه بسبب التهديدات التي يتعرضون إليها، أعلن تيك توك مؤخرا عن إطلاق وضع “الأمان العائلي” الجديد، الذي يتيح للآباء إمكانية تقييد استخدام أطفالهم للتطبيق.
وتتيح هذه الخاصية للآباء إمكانية تحديد مدة قصوى للاستخدام اليومي للطفل تبلغ 40 أو 60 أو 90 أو 120 دقيقة، وفي حال تخطي المدة القصوى المحددة لن يتمكن الأطفال من استخدام التطبيق إلا إذا قام الآباء بإدخال كلمة المرور.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للآباء تحديد عدم إمكانية إرسال رسائل خاصة إلى الطفل، إلا إذا كانت هذه الرسائل من قبل الأصدقاء فقط، أو يمكنهم إيقاف الرسائل الخاصة تماما لحمايتهم من الاتصال بهم من قبل الغرباء. ويوجد أيضا وضع مقيد يتم فيه حجب مقاطع الفيديو غير المناسبة لعمر الطفل. ويجب على الآباء -الذين يرغبون في تقييد استخدام التطبيق من قبل أطفالهم- أيضا تثبيت التطبيق على هواتفهم الذكية.
كما أنه يتعين على مستخدمي تيك توك أن يعيدوا ضبط إعدادات حماية البيانات في التطبيق. وهذا يشمل ضبط البروفايل على الوضع الخاص بحيث لا تكون المنشورات مرئية إلا للأصدقاء فقط. كما يتيح وضع “أمان العائلة” على تيك توك إمكانية إدارة نوع المحتوى الذي يمكن لأطفالهم أن يشاهدوه.