أخبار الدارسلايدر

ورقة أخنوش في زمن “كوفيد 19”.. تصور للمستقبل وخارطة طريق لمغرب الغد

الدار / افتتاحية

من غير الممكن أن تخرج المبادرات السياسية لرئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش عن قوته الاقتراحية التي عهدها فيه المغاربة.

إنه اعتاد أن يمارس السياسة فعلا واقتراحا. قبل أسابيع قليلة كان أول المبادرين إلى التعبير بلغة الأرقام عندما تبرعت مجموعة إفريقيا غاز التي يمتلكها بمائة مليار سنتيم لصندوق تدبير جائحة كورونا. وبعد الدعم المادي، ها هو ذا يفتح صندوق اقتراحات الحزب للمساهمة في مواجهة الأزمة التي أثارها تفشي فيروس كورونا.

ومرة أخرى يصر وزير الفلاحة والصيد البحري على تبئير الاقتصاد باعتباره التحدي الأكبر بعد تحدي حماية الأرواح والصحة العامة.

هذا ما ينطق به مقاله المنشور أمس والذي يتضمن رؤيته حول “مغرب بعد كورونا”. إنها رؤية تمتد بين الطموح والتخطيط، فالرجل يؤكد بقوة على أهمية السير قدما في الانفتاح وتوفير الموارد المالية دون خوف من تبعات المبادرة إذ لن “يكون أمام الدولة من خيار سوى الرفع من مستوى المديونية وتحمل المخاطر، ومواكبة الفاعلين حتى يتمكنوا من تخطي المرحلة”، لكنه ينبه في الوقت نفسه إلى ضرورة “تنظيم الخروج من الأزمة”. وعلى الرغم من أن اقتراحات رئيس حزب الأحرار تلقي على عاتق الدولة الكثير من الأعباء إلا أنه لا يفوت الفرصة للتحذير من عدم المبالغة في تدخلها.

هذا ما يجعله يشدد وبلغة صريحة على ضرورة تجاوز ما يسميه “خطاب الأسبقية لمداخيل الدولة”. هذا يعني أن أخنوش يرى في أزمة “كوفيد 19” فرصة ينبغي استثمارها من أجل تقوية دور القطاع الخاص، بدل ترسيخ خطاب عودة الدولة الذي راج عبر العالم منذ بدء الوباء. ومن هذا المنطلق جاء تحذير أخنوش في مقالته من مسألة “الترويج لسياسة تقشفية” وهو الأمر الذي اعتبره خطأ جسيما. وانسجاما مع هذا الطرح ينتقي أخنوش لفظة “المواكبة” بدل التدخل، وكررها عدة مرات في مقالته للتنبيه على ضرورة فسح المجال للفاعلين الاقتصاديين، والمقاولات على الخصوص من أجل الإسهام في الخروج من الأزمة.

هذا الخروج الذي سيحتاج في نظره إلى ثلاثة أشهر يحتاج إذا حسب ما توحي به اقتراحاته إلى “مراجعات” فكرية للكثير من التصورات الاقتصادية السائدة، ويبدو أن عزيز أخنوش، يريد أن يجعل من أزمة جائحة كورونا فرصة على مستوى التصورات والبرامج…

فهجومه الشديد على خيار “التقشف” نابع من إيمان حزب التجمع الوطني للأحرار، بالطروحات الاقتصادية القائمة على توسيع دائرة الإنفاق لتقوية الطلب الداخلي.

هذا ما يجعل الطموح يتحول إلى “جرأة” في مقال أخنوش عندما يقول “إن مستوى الدين في لحظة ما لا يهم بقدر ما يهم منحى الدين على المديين المتوسط والبعيد. كما أن لجوء الدولة إلى الاقتراض من أجل التغلب على أزمة خارجية، لا مفر من تداعياتها، أمر جد طبيعي”.

لكن ورقة أخنوش في زمن “كوفيد 19” ليست مجرد تصور للمستقبل، إنها أيضا دفاع عن مكتسبات الماضي، وهو الذي تعرض في الشهور الماضية إلى هجوم شديد عقب صدور تقرير المجلس الأعلى للحسابات، وتبخيسه نتائج مخطط المغرب الأخضر. فأيام الحجر الصحي التي يعيشها المغرب وعرفت توقف دواليب الإنتاج في كثير من بلدان العالم أثبتت حسب قوله “تمكن المغرب من ضمان الاكتفاء الغذائي الذاتي والتموين العادي للأسواق”، مشيرا إلى مخطط المغرب الأخضر.

ولأنه يريد أن يبقى وفيا للخط السياسي الذي رسمه الحزب في السنتين الماضيتين، لم يكن أخنوش ليفوت فرصة هذا الخروج الوطني والإيديولوجي والسياسي الصريح دون أن يربط الجمهور بتيمة “الثقة” الحاضرة في الكتاب الأبيض للحزب المعنون ب”مسار الثقة”، عندما أكد على أن نجاعة تدبير الأزمة رهين بتعزيز “روابط الثقة بين الدولة والمواطن والمقاول”. لكن مسار الثقة لا يحضر في المقالة كمرجع فقط، إنه على ما يبدو كتاب محين تم تحديثه على وجه السرعة في سياق الأزمة، بعد أن اقترح إجرائين جديدين لملفين قديمين يراهما من الإصلاحات الطارئة التي يتعين الانكباب عليها في القريب العاجل.

زر الذهاب إلى الأعلى