مال وأعمال

دراسة تكشف اختلالات كبيرة في الأجور بالقطاع الخاص في المغرب

الدار: خاص

يتقاضى كبار المستخدمين المغاربة أربعة مرات متوسط ما يتقاضاه المستخدمون في سوق الشغل، وإحدى عشرة مرة أكثر مما يتقاضاه غير الأطر. الهوة بين المجموعات سحيقة. وهي نتيجة لوجود اختلالات كبيرة في الرواتب. ففي فرنسا على سبيل المثال، يتقاضى المديرون الكبار 2.7 أكثر من المتوسط، و5.6 مرة أكثر من غير الأطر. المغرب لا يمثل استثناء مقارنة بدول صاعدة أخرى، كتركيا حيث يرتفع راتب المستخدمين الكبار 14.5 مرة مقارنة براتب العمال، مقابل 16 مرة في رومانيا.
ومن جهة الراتب، ليس هناك ما يدفع المديرين للشكوى. فأصحاب القرار في المقاولات يتقاضون تعويضا أربع مرات أعلى من متوسط السوق. وبخصوص غير الأطر، يرتفع متوسط عائدهم الشهري بإحدى عشرة مرة. في هذه الفئة يبقى المغرب جدا عن كونه بلدا منخفض التكلفة.
"تتبنى المقاولات سياسات في الراتب تتميز بوجود كثير التفاوتات، وهو ما يطرح تساؤلات تهم الحركية وتدبير المسارات المهنية. فالانتقال من فئة إطار إلى مدير يتطلب، على سبيل المثال، من المشغِّل بدل مجهود كبير فيما يتعلق بالتعويضات الممنوحة"، تكشف أندريا بيز مدير الاستشارة بمكتب "ديوره" الذي انتهى للتو من إصدار نسخة 2018 من "Total Remuneration Survey" (بحث مجموع التعويضات عن الشغل)، بشراكة مع مؤسسة "Mercer". وشمل الدراسة هذه السنة 165 مقاولة تنشط في 15 قطاعا و16 مجموعة وظيفية و700 منصب شغل.
ويضيف بيز أن "راتب المسؤولين المغاربة يقارب الراتب المعمول به في الدول الأوربية، كفرنسا مثلا. ما تزال طريقة التدبير ما عمودية، كما أن هناك اختلافا حادا بين المناصب". ويرى خبراء "ديوره" أن هذا الارتفاع في تعويضات المديرين في الشركات لا يعكس أداءهم، وإنما يجد تفسيره خاصة في غياب الكفاءة.
وما زال تضخم الأجور هذه السنة يواصل ارتفاعه. ففي 2018، لاحظ المديرون ارتفاع راتبهم الثابت المضمون بـنسبة 2.3 في المئة، مقارنة بـ 4 في المئة الخاصة بالمسيرين، و3.8 في المئة الخاصة بالأطر. وهي ارتفاعات تتجاوز كثيرا معدل التضخم (1.6 في المئة). أما علاوتهم التحفيزية فتجاوزت هي الأخرى كل التوقعات "25 في المئة من الراتب الأساس مقابل 21 في المئة التي كانت متوقعة). ومن جهة أخرى، ارتفع الراتب الثابت لفئة المسيرين. وترى هند الطلحي، مستشارة لدى 'ديوره' أن "هذا راجع إلى كون هامش تطور هذه الفئة جد مهم. وفيما يخص المديرين فبالإمكان تحفيزهم بطرق أخرى كمنحهم راتبا متغيرا وامتيازات أكثر أهمية".
ويساهم شح المواهب في فئة المسيرين والمسيرين المتوسطين في هذه الوضعية. ويضيف بيز أن "من بين المناصب المطلوبة أكثر في المغرب هناك منصب رئيس فريق ومسؤول جودة ورئيس مشروع رقمي. وتؤثر ندرة هذه الكفاءات فعليا على الأجور".
ومع ذلك يحافظ المديرون على رواتب ثابتة مهمة. فتجدهم بالمقارنة مع نظرائهم في دول صاعدة أخرى، كتركيا على سبيل المثال، يراهنون أكثر على الأمن، حيث تتراوح تعويضاتهم الثابتة في حدود 80 في المئة (67 في المئة في فرنسا، و73 في المئة في رومانيا، و79 في المائة في تركيا)، مقابل 11 في المئة بالنسبة للجزء المتغير.
وعلاقة بالقطاعات، تعتبر الصناعة الدوائية والتكنولوجيا العالية أكثر القطاعات تعويضا. فالمديرون في "فارما" على سبيل المثال يتقاضون راتبا أعلى 25 في المئة مقارنة بمتوسط راتب السوق (زائد 17 في المئة بالنسبة للأطر). أما في قطاع التكنولوجيا العالية، فيتقاضى الأطر زائد 13 في المئة، بينما يصل راتب غير الأطر إلى زائد 35 في المائة. وفي المقابل من ذلك، يقل راتب المشتغلين في مجال التجهيز عن المتوسط (ناقص 20 في المئة بالنسبة للمديرين، وناقص 13 في المئة للمسيرين وناقص 25 في المئة لغير الأطر).
وعلى مستوى الوظائف، يتقاضى موظفو الموارد البشرية أجورا جيدة، يليهم موظفو تقنيات المعلوميات؛ بينما يتقاضى موظفو الإنتاج واللوجستيك أقل الأجور. أما في فئة الأجراء الشباب، فقد خلصت الدراسة إلى أن المهندسين الحاصلين على الدبلومات يجنون أكثر، يليهم خريجو شعبة التجارة، مع تقدير كبير نوعا ما لمن تابعو دراستهم في الخارج، حيث تضمن له تلك الشهادات رفع أجورهم بما يقدر بـ 10 إلى 20 نقطة. غير أن هذه الميزة تتلاشى مع الزمن. فما يهم على المدى المتوسط هو جودة والكفاءة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

3 + ستة =

زر الذهاب إلى الأعلى