الدار/ رضا النهري:
من غريب الصدف ان المتطرفين من كل الديانات والإيديولوجيات اتفقوا على أن وباء “”كورونا” مجرد مؤامرة، أي أنه إما غير موجود بالمرة وتم ترويجه فقط لأهداف سياسية أو اقتصادية، أو أنه تم خلقه عمدا من طرف قوى الشر، من دون تحديد طبيعتها، لأهداف تروم التحكم في مصير البشرية على المدى الطويل.
نظرية المؤامرة هذه لا تعدم الأتباع، بمن فيهم بسطاء الناس الذين يشبهون ذلك المواطن المصري البسيط الذي ظهر على اليوتوب وهو يروج لنظرية المؤامرة ويفند وجود الوباء أصلا، وبعد بضعة أيام توفي بالفيروس، في مشهد مؤثر.
نتذكر أيضاً أبو النعيم المغربي، الذي بادر، في الأيام الأولى لظهور الفيروس، الى اعتباره مجرد خرافة، وأسهب في تعداد أسس وأركان المؤامرة الدولية لتقويض الإيمان وترهيب المؤمنين، وأكيد انه الآن مثل غيره، يضرب كفا بكف وينتظر أن تفاجئه المختبرات الدولية بإنتاج لقاح سريع لهذا الوباء.
وفي الأيام الأولى، كان هناك كثيرون يشبهون ابو النعيم في ديانات وبلدان أخرى. ففي الولايات المتحدة الامريكية سخر مسؤولون كبار من الفيروس واعتبروه مجرد إنفلونزا عادية لن ترعبهم ولن تجعلهم يوقفون المصالح الاقتصادية، قبل أن يقنعهم الفيروس بأنه فعلا فيروس.
نظرية المؤامرة تفشت حتى بين الناس العاديين، حيث خرجوا في مظاهرات يدينون فيها ما سموه الأكاذيب التي يروجها السياسيون، وحدثت هذه المظاهرات في البلدان المتقدمة أكثر ما حدثت في البلدان المتخلفة، وربما تعبت شعوب البلدان الفقيرة من كل أشكال المؤامرات الحقيقية حتى لم تعد تأبه بأخبار الفيروس ومصدره، فإفريقيا، مثلا، التي تعيش ضحية لكل اشكال المؤامرات السياسية والاقتصادية، لن تشغل نفسها كثيرا بالفيروس
الخبراء يقولون ان الفيروس سيستوطن الكرة الأرضية، مثل الإنفلونزا، وان الناس سيتعايشون معه، رغم كلفته المرتفعة، وهذا ما سيعزز موقف مروجي نظرية المؤامرة، الذين يصبون الماء كله في طواحينهم، لأنه إن قتل الفيروس الكثير من البشر فهو مؤامرة، وإن قتل القليل فهو مؤامرة.