الصين تندد برسالة واشنطن “الخطيرة” لرئيسة تايوان
نددت الصين بقرار الولايات المتحدة “الخطير” تهنئة رئيسة تايوان تساي إنغ-ون على تنصيبها الأربعاء، لتتحوّل الجزيرة التي تُحكم ذاتيا إلى مصدر توتّر جديد بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم.
وحققت تساي فوزا ساحقا في انتخابات كانون يناير، لتتولى الرئاسة لولاية ثانية في نتيجة شكّلت ردا واضحا من الناخبين على حملة بكين المتواصلة لعزل الجزيرة.
وتم تنصيب تساي لولاية مدتها أربع سنوات إضافية خلال حفل أقيم الأربعاء واستغلته لدعوة الصين للعيش بسلام جنبا إلى جنب مع تايوان تحكم ذاتيا وإلى خفض منسوب التوتر.
لكن رسالة تهنئة بعثها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لتساي وأشاد فيها بـ”شجاعتها وحكمتها” أثارت تنديدا من بكين، التي ترفض أي اعتراف رسمي بتايبيه.
وقالت وزارة الدفاع الصينية إن خطوة بومبيو “خاطئة بل وخطيرة للغاية”.
وأعربت وزارة الخارجية الصينية عن “غضبها الشديد” حيال الرسالة متّهمة واشنطن بخرق التزاماتها الدبلوماسية.
وتثير تساي (63 عاما) حفيظة بكين لأنها تعتبر تايوان دولة ذات سيادة بحكم الأمر الواقع، لا جزءا من “الصين الواحدة”. ومنذ وصولها إلى السلطة عام 2016، رفضت الصين التحاور معها وكثّفت الضغوط الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية على الجزيرة.
وتعتبر بكين تايوان جزءا من أراضيها وتعهّدت مرارا بانتزاعها بالقوة إذا لزم الأمر.
وبينما تعترف واشنطن دبلوماسيا ببكين إلا أنها حليف رئيسي لتايوان بل إنها ملزمة من قبل الكونغرس ببيعها أسلحة لتضمن قدرتها على الدفاع عن نفسها.
وتحسّنت العلاقات بين تايبيه وواشنطن بشكل إضافي في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما تدهورت علاقات بلاده مع الصين.
وتتطلع الصين إلى تطبيق نموذج قائم على مبدأ “بلد واحد بنظامين” كما هو الحال مع هونغ كونغ، الذي من شأنه أن يسمح لتايوان بالمحافظة على بعض الحريات مع خضوعها لسلطة الصين القارية.
لكن تساي أوضحت أن تطبيق هذا المبدأ في تايوان غير مقبول. وقالت في خطاب تنصيبها “لن نقبل باستخدام سلطات بكين (نموذج) +بلد واحد بنظامين+ للتقليل من شأن تايوان وتقويض الوضع الراهن عبر المضيق”.
وجددت دعوتها إلى بكين للتحاور بينما حضّت الرئيس الصيني شي جينبينغ على العمل معها لتخفيف التوتر. وقالت “لدى الجانبين مهمة إيجاد طريقة للتعايش على الأمد الطويل ومنع ارتفاع منسوب العداوة والخلافات”.
وحُكمت تايوان (التي تعرف رسميا بجمهورية الصين) بشكل منفصل عن البر الرئيسي الصيني منذ 1949 بعدما خسر القوميون الحرب الأهلية أمام الشيوعيين وهربوا إلى الجزيرة لتأسيس حكومة موازية.
وعلى مدى عقود، اعتبر قادة تايوان أنفسهم الممثلين الحقيقيين للصين بأكملها رغم اعتراف غالبية الدول دبلوماسيا ببكين.
لكن مع انتقال الجزيرة إلى الديموقراطية منذ تسعينات القرن الماضي، ظهرت هوية تايوانية فريدة ولم يعد كثيرون يسعون لأي شكل من أشكال التوحيد مع الصين.
وأثار الأمر قلق بكين التي تشدد على أن أي إعلان استقلال رسمي من قبل تايوان سيشكّل تجاوزا للخط الأحمر.
وعقب خطاب تساي، حذّر مكتب الشؤون التايوانية في الصين من أن بكين “لن تتسامح إطلاقا” مع انفصال الجزيرة.
بدورهم، أشار محللون إلى أن خطاب تساي في الحقيقة كان تصالحيا.
وفي تايبيه، قال جي. مايكل كول المتخصص ببرنامج تايوان في جامعة نوتنغهام لفرانس برس إن “الرئيسة تساي رسمت خطوطا واضحة وحددت عدة أمور غير قابلة للتفاوض بينما قدّمت تنازلات خطابية كافية كان بإمكان القيادة في بكين، إن أرادت ذلك، الاتفاق معها عليها”.
وأشار المحلل السياسي من “جامعة نورمال تايوان” فان شيه-بينغ إلى أنها “تطمئن الولايات المتحدة كذلك بأنها لن تتهور ولن تتسبب بالمشاكل”.
وشكّل تنصيب تساي فرصة لها كذلك للاحتفال بنجاح تايوان في معركتها ضد فيروس كورونا المستجد.
وعلى الرغم من قربها جغرافيا واقتصاديا من الصين، تمكّنت تايوان من احتواء فيروس كورونا المستجد على أراضيها. وقد أعلنت عن 440 إصابة بينهم سبع وفيات.
المصدر: الدار ـ أ ف ب