الدار/ رضا النهري:
منذ الأسابيع الأولى لظهور وباء “كورونا”، بدا جليا أن ضحاياه الأساسيين هم من كبار السن أو من المصابين بأمراض مزمنة، وهذا ما ثبت لاحقا حيث أن الأغلبية الساحقة من الضحايا كانوا من هذه الشريحة، خصوصا إذا ترافق المرض المزمن مع التقدم في العمر، فيكون إذاك الوباء على موعد مع صفقة مربوحة بالكامل.
كبار السن، في مختلف مناطق العالم، كانوا، إذن، الخبر الأبرز فيما يخص فيروس كورونا، فقد فضلهم على غيرهم في الفتك والإماتة، وعادة ما تتناقل الأخبار خبر الوفيات بالفيروس وتقرن ذلك بعمر الضحية، كما لو أن هذه الأخبار تبعث برسالة تطمين للشباب ومتوسطي بأنهم أكثر بعد من غيرهم من هذا الوباء، لكنها أكثر من رسالة تطمين، إنها رسالة تمييز حقيقي ضد المسنين.
ونتيجة لهذا، فإن كبار السن لم يعانوا فقط من شراسة الفيروس أكثر من غيرهم، فقد قاسوا أيضا من سوء المعاملة والإهانة، ليس في البلدان المتخلفة، بل في البلدان المتقدمة، التي ما فتئت تعطي دروسا لغيرها في احترام مبادئ حقوق الإنسان والعناية بالمسنين.
وتناقلت وسائل الإعلام أكثر من مرة المآسي التي عرفتها دور للمسنين في عدد من بلدان أوربا، خصوصا في إيطاليا وإسبانيا، حين تُرك هؤلاء لمصيرهم في عدد من المرات، إلى درجة أن هناك إقامات للمسنين ودعت كل المقيمين بها بسبب الوباء، حيث تخلى الممرضون والإداريون عنهم خلال الجائحة وتركوهم يلقون مصيرهم المؤلم.
وفي أحيان كثيرة أخرى تعرض هؤلاء للإهانات والضرب من طرف المسؤولين عن دور الرعاية، إلى درجة كان يتم خلالها عزل المصابين منهم في غرف حقيرة في انتظار موتهم، ومن دون إخبار المصالح الطبية.
وتشير تقارير صحية في أوربا إلى أن هناك موجة من التمييز الاجتماعي حيال المسنين، سواء في دور الرعاية أو في منازل خاصة، أو حتى في الشارع. ويرجع هذا التمييز إلى كون قرابة 90 في المائة من ضحايا الفيروس هم ممن فوق السبعين عاما، وهذا ما جعلهم فريسة سهلة، ليس للفيروس فقط، بل أيضا لما هو أشنع، التمييز الاجتماعي والإهانة.