أخبار الدارسلايدر

سؤالان لعزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان

من حق الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على وسائل الإعلام المكتوبة والإلكترونية حق نشر بلاغاتها وبياناتها، حتى تلك التي كانت فيها أكثر انتقادا للدولة والمخزن وللسلطات العمومية. ولم يسبق أن حجبت هذه الوسائط التواصلية أعمدتها وصفحاتها على رفاق عزيز غالي الحاليين ولا السابقين، بل كانت دائما حاضنة للنشر ودعامة للبث بصرف النظر عن المواقف والخلفيات التي تحاول تصريفها نحو الفاعلين المؤسساتيين والحزبيين وغيرهم.

واليوم، من حق الصحافة الوطنية على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن تبادلها نفس الاهتمام والمهنية وأن تجيب على سؤالين فقط، وذلك إعمالا للحق في المعلومة، ومجاهرةً بالشفافية الداخلية للجمعية التي تتمتع بالمنفعة العامة، وكذا تبديدا للتوجسات التي باتت تعتري الرأي العام في ظل مكامن الفراغ التي أفرزتها مواقف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الآونة الأخيرة.

سؤال الشفافية الداخلية والتخليق؟

لقد استرعى انتباه العديد من المنابر الإعلامية الوطنية تسجيل مفارقة غريبة، وهي أن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اعتادت نشر بيانات التنديد والشجب إزاء سلوكات الموظفين العموميين وأجهزة الدولة، بيد أنها لم تكشف يوما عن مساعيها لتخليق البيت الداخلي، وهو ما  يطرح سؤالا مشروعا حول ما إذا كانت الجمعية تحجب فعلا عن الرأي العام الوطني “الخروقات والإخلالات الداخلية المنسوبة لأعضائها”، خاصة وأننا نعرف أن تفاعل العوامل الحية داخل أية بنية تنظيمية تفرز تجاوزات وأخطاء مهما كانت متانة وتماسك هذه البنية.

ولعل ما يعزز هذا التساؤل المشروع، هو أن العديد من التقارير الإعلامية كانت قد نشرت “مزاعم وادعاءات” حول تستر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عن شكايات داخلية بالتحرش والاعتداء الجنسي بين بعض الأعضاء إما من نفس الجنس أو من الجنسين معا! بل إن بعض هذه التقارير تحدثت عن جرائم أخلاقية وقعت داخل المقر المركزي للجمعية بالرباط، وأن “كبار الرفاق” مارسوا ضغوطا فوقية على الضحايا بدعوى عدم إعطاء “المخزن الفرصة لضرب مشروعية الجمعية المغربية لحقوق الإنسان”؟

إن شرعية ومشروعية سؤال الشفافية الداخلية للجمعية المغربية يفرضها أيضا مبدأ “المعامل بالمثل”! فالدولة تبنت في السنوات الأخيرة نهجا تواصليا تكشف فيه عن جميع التدابير الزجرية والعقوبات التأديبية التي تتخذها في حق موظفيها المخالفين، ولنا في إدارة الأمن الوطني المثال الأوضح والصريح، إذ ما انفكت تنشر باستمرار قرارات التوقيف والإحالة على العدالة في حق موظفيها الذين يرتكبون تجاوزات سواء مهنية أو جنائية.

فمن غير المستساغ، أن تنشر إدارة الأمن مجهوداتها لتخليق البيت الداخلي وترصيد الشفافية في مؤسسة كانت توصف دائما بأنها  “صامتة”، بينما تلوذ الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بالصمت إزاء ما ينشر حول خروقات وتجاوزات أعضائها، اللهم إلا إذا كانت تضم بين أطيافها “أنبياء ورسل معصومين من الخطأ وإتباع الشهوات والنزوات”!!

وما يعضّد مشروعية هذا التساؤل أن بعض المنابر الإعلامية الوطنية توصلت مؤخرا بأخبار حول “إقصاء الجمعية المغربية وكذا حزب النهج لحقوق بعض الأقليات الجنسية داخلهما”، والجميع تحفظ على نشر تلك الأخبار من منطلق احترام حميمية الأشخاص وحرياتهم الشخصية، لكننا في المقابل نحتاج إلى توضيحات مطبوعة بالشفافية والوضوح من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان حول مزاعم “كبتها لتلك الحقوق ووأدها للشكايات الجنسية المسجلة لديها”.

سؤال الحماية الحقوقية؟

 بعث الضحية المفترض في قضية سليمان الريسوني برسائل وطلبات مؤازرة للعديد من الجمعيات المدنية والمنظمات غير الحكومية التي تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، بما فيها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟ وقد تحدث الضحية المفترض محمد آدم عن معاناته المزدوجة: معاناة الاعتداء الجنسي، ومعاناة الإقصاء المجتمعي بسبب الميولات المثلية، وكذا التهميش الحقوقي من جانب الجمعيات التي اختارت الاصطفاف إلى جانب المشتبه فيه بدلا من الضحية حسب تصريحاته لبعض المنابر الإعلامية.

وهنا يحق لنا أن نتساءل مع الضحية المفترض: هل سيتم استقبال محمد آدم والاستماع إلى معاناته من طرف الجمعية المغربية لحقوق الإنسان؟ أم أن افتراض الإدانة فيه هو موقف راسخ مثلما أكدت ذلك المواقف الأخيرة للجمعية والمعلن عنها في بلاغات وتصريحات إعلامية متواترة؟ وهنا لسنا في موقف إعطاء الدروس والتذكير بشمولية وكونية ثقافة حقوق الإنسان، لأن الجمعية هي من اعتادت إعطاء هذا النوع من الدروس للدولة ولمؤسساتها، بل نحن بحاجة لمعرفة الجواب الذي تفرده الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لطلب المؤازرة الذي تقدم به الضحية محمد آدم؟

وكملاحظة أخيرة، فإن هذا النوع من الأسئلة لا يمكن اعتباره تدخلا في عمل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ولا محاولة لإحراجها في قضية الضحية المفترض محمد آدم، وإنما هي نوع من  “المراقبة المواطنة والرقابة الإعلامية” على جمعية حقوقية تكتسب صبغة المنفعة العامة، لم يسبق لها أن كانت موضوع استفسار أو تقييم لعملها، وإنما كانت هي الماسكة دائما بمقاليد النقد والانتقاد والشجب والتقييم…الخ.

وللتذكير ختاما، فهناك العديد من الأسماء والشكايات التي يمكن للجمعية المغربية لحقوق الإنسان الاستئناس بها في معرض بحثها عن جواب لسؤال الشفافية والتخليق الداخلي، والتي تتحدث الصحافة الوطنية على أنها أقصيت داخليا، ولم يترتب عنها أي إجراء تأديبي أو قضائي، وهو ما يعتبر “تشجيعا على الإفلات من العقاب، وحجبا للحق في المعلومة عن الرأي العام الوطني”.

زر الذهاب إلى الأعلى