الرأيسلايدر

إسبانيا تنتظر المواجهة بين الملك السابق والنائب العام “اليساري”

الدار/ رضا النهري:

منذ أن تنازل الملك خوان كارلوس دي بوربون عن عرش إسبانيا سنة 2014، فإن المتاعب لم تتأخر في ملاحقته، وهي متاعب لاحقته أيضا في السنوات الأخيرة لحكمه، وكثيرون يقولون إن هذا الملك لاحقته المشاكل طوال عمره، فإذا لم تلاحقه هي، فإنه هو من يلاحقها.

اليوم، وبعد ست سنوات بعيدا عن سدة الحكم، يجد الملك الأسبق نفسه وحيدا في مواجهة تحقيق غير مسبوق في التاريخ الحديث لإسبانيا، حين سيجلس وجها لوجه، أمام النائب العام، لكي يسأله عن أشياء كثيرة، أهمها عمولات بعشرات الملايين من الدولارات في صفقات بالعالم العربي، وتحويل أموال نحو أبناك خارجية، وأيضا تبييض أموال محصلة من مصادر مجهولة.

يمكن القول إن الملك السابق تعوّد، إلى حد ما، على مثل هذه التهم، لكنها ستكون المرة الأولى التي سيواجه تحقيقا من الصعوبة بمكان، رغم أن الدستور الإسباني لا يزال يضع الكثير من العصي في عربة أية إمكانية لمحاكمة قضائية للملك، حتى لو كان ملكا سابقا.

لكن الشيء الطريف، وربما الشيء المر، في كل هذا هو أن النائب العام الذي سيحقق مع “الملك” ليس سوى إيناسيو كامبوس، الرجل الذي سارت بذكره الركبان، والذي اكتسب خبرة كبيرة في التحقيق في قضايا فساد كثيرة في إسبانيا، والذي أرسل أكثر من سياسي إلى السجن، بمن فيهم صهر “الملك” خوان كارلوس، إنياكي أوردارغارين.

جلوس ملك سابق أمام قاض يساري حتى النخاع ومتشبع بانتمائه القوي للبروليتارية الزراعية، سيجعل التحقيق مثيرا من البداية حتى النهاية، ومنذ الآن، تشحذ وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي لغتها للتعامل مع حدث متفرد مثل هذا.

من سوء حظ خوان كارلوس، الملك السابق ووالد الملك الحالي، أن كامبوس، الذي وصل السبعين عاما هذه الأيام، يمكنه أن يمدد سن تقاعده حتى الثانية والسبعين، وهو ما سيمنحه الوقت الكافي لكي يحول أيام خوان كارلوس إلى كابوس حقيقي، رغم أن نتائج التحقيق قد تنتهي بالحفظ..

بقيت هناك إشارة تكشف عن سخرية القدر في حياة مليئة بالمتناقضات. فالقاضي إيناسيو كامبوس ولد في مدينة صغيرة وفقيرة، وفي شارع يحمل اسم الملك خوان كارلوس، صحيح أنه عندما ولد لم يكن خوان كارلوس قد تولى الحكم، لكن ذلك الشارع حمل اسمه ذاك لاحقا، وكأن القدر يمرر الإشارات هنا وهناك، إشارات قد تكون غامضة، وأحيانا تتحول إلى مفارقات عجيبة.

زر الذهاب إلى الأعلى