المواطن

ورش إحداث السجل الاجتماعي الموحد مشروع اجتماعي واستراتيجي بأبعاد متعددة

اعتبر الباحث الأكاديمي في القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة (الحسن الثاني) الدار البيضاء عتيق السعيد أن ورش إحداث السجل الاجتماعي الموحد يشكل مشروعا اجتماعيا واستراتيجيا بأبعاد متعددة.

وقال السعيد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن “ورش إحداث السجل الاجتماعي الموحد الرامي إلى تيسير وضبط عمليات استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، يعد مشروعا اجتماعيا واستراتيجيا بأبعاد متعددة، وأيضا بطموح واسع الأفق في مجال الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، كونه يهم فئات واسعة من المغاربة تعد القاعدة الأساس لحيوية للمجتمع وتماسكه”.

وسجل أن مشروع قانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، الذي صادقت عليه لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية بمجلس المستشارين الأسبوع الماضي ، يأتي في سياق استكمال تفعيل مسلسل الإصلاح الشامل للمجال الاجتماعي الذي تعرفه المملكة بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس الرامية إلى إرساء عقد اجتماعي تنموي جديد في إطار متكامل ودقيق، يحقق تنمية متوازنة وعادلة للنسيج المجتمعي والمساهمة في إرساء مناخ للاستقرار والسلم الاجتماعي، الكفيل يجعل المواطن، لاسيما الفئات الهشة والفقيرة، في صلب عملية الإصلاح التنموي الشامل، والغاية الأساسية منها.

وأضاف أن مشروع القانون يأتي في سياق مواكبة التحول الرقمي الذي يشهده العالم، والدور الريادي الذي تلعبه عمليات “الرقمنة العمومية” في جمع وتحديث البيانات الاجتماعية التي من شأنها أن تسرع وتيرة التدبير الإداري للمجال عبر تسهيل وتجويد عمليات الإصلاح الإداري في الفضاء الاجتماعي من خلال اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، واستعمال تكنولوجيا حديثة تفضي ، بشكل ملموس ، إلى العناية الدقيقة بقضايا التنمية المستدامة، بما يضمن من جهة الفعالية والنجاعة والسرعة في التنفيذ، ومن جهة أخرى تعزيز الشفافية والنزاهة في هذا المجال.

وسجل أن الأزمة الوبائية لجائحة كورونا ساهمت في ضخ سيل من المبادرات التضامنية لتحصين النسيج المجتمعي من آثارها وتداعياها سواء بالمجال الاقتصادي أو الاجتماعي، كما دفعت إلى تحديد الأولويات للخروج من هاته الظرفية العصيبة، ومدى الحاجة إلى سجل اجتماعي موحد وعملياتي لمواكبة ودعم الأسر المتضررة من الجمود التجاري جراء إجراءات التباعد الاجتماعي لردع انتشار الوباء.

وفي هذا السياق، يضيف الباحث الأكاديمي، يشكل مشروع إحداث السجل الاجتماعي الموحد آلية فعالة ودقيقة لتيسير عمليات وإجراءات الدعم الاجتماعي.

وتابع أن مشروع القانون يهدف إلى وضع منظومة وطنية لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، عبر إحداث سجل اجتماعي موحد وسجل وطني للسكان، الغرض منهما تحديد الفئات المستهدفة، من أجل تمكينها من الاستفادة من برامج الدعم، مشيرا إلى أنه بالتالي “سنكون أمام إطار تقني محدد ودقيق يمكن الاستفادة من مجموعة الآليات الضبطية من أبرزها التحقق من صدقية وصحة المعطيات من عدمها والأدوار الوسائطية للهيئات المعتمدة من طرف الوكالة الوطنية للسجلات المرخص لها بتقديم طلب التحقق من صدقية المعطيات، أو الحصول على بعض المعطيات التكميلية”.

كما يهدف المشروع، بحسبه، إلى تنقيط الأسر عبر منح قيمة عددية لكل أسرة مقيدة في السجل الاجتماعي الموحد، تحتسب بناء على المعطيات المرتبطة بظروفها الاجتماعية والاقتصادية، مع منح الأسر إمكانية مراجعة التنقيط الممنوح لها من طرف الوكالة، ليكون هذا التحيين للمعطيات مساهما في تشخيص وتقييم الوضعية الاجتماعية بشكل مستمر وواقعي دقيق.

ولفت إلى أن المشروع سيمكن من توفير بنك معطيات اجتماعية مهمة تحدد بشكل مفصل ومستمر الأوضاع الاجتماعية التي ستعمل بمثابة إطار موحد ودقيق يفضي إلى فحص عملية الدعم الاجتماعي بناء على معايير مضبوطة، تكون الإطار الصحيح لرصد الفئات المستهدفة من الدعم، وأيضا القدرة بشكل استشرافي على قياس مؤشرات فعالية ونجاعة المشاريع التنمية في المجال الاجتماعي بالمغرب.

وشدد الباحث الأكاديمي على أن المغرب في حاجة إلى تفعيل مبادئ الحكامة الإدارية في برامج الحماية الاجتماعية من أجل السعي نحو تجاوز الاختلالات المادية ومعالجتها بشكل ناجع وفعال، بغية تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية التي تنعكس على تحسين السلم الاجتماعي كمدخل للإقلاع التنموي المنشود بالبلاد.

وأبرز أن هذا المشروع الاجتماعي، في أبعاده ودلالته التنموية المستدامة، يجسد الإرادة في الانتقال من التدبير الإداري النمطي أو الكلاسيكي إلى الاستثمار التكنولوجي الذي يساعد على تحديد آليات/التقنية الكفيلة بتنظيم وضبط عملية الاستهداف لبرامج الدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى توحيد وتجميع منابع برامج الحماية الاجتماعية في إطار واحد دقيق وشامل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المملكة أطلقت خلال السنوات الماضية العديد من البرامج الاجتماعية بميزانيات كبيرة،

وأشار إلى أن المغرب مقبل على منعطف جديدة على مستوى رقمنة المعطيات الاجتماعية يهدف إلى إحداث أكبر قاعدة بيانات بيو-مترية، وهو مشروع سيساهم في الحد من تجزئة البيانات الاجتماعية بشكل يضمن الموثوقية والجودة والدقة في الاستهداف والدعم الاجتماعي المباشر.

وخلص إلى أن المشروع يمكن أن يعتبر مؤشرا واقعيا ودقيقا لقياس دينامية التحولات الاجتماعية والاقتصادية بمختلف مناطق المملكة، بما سيخدم أيضا مشروع النموذج التنموي الجديد، بل أكثر من ذلك يمكن أن يشكل القاعدة الأساس التي يبنى عليها التطور المستدام للنموذج التنموي بشكل يضمن تحقيق الواقعية في التقييم والرصد على نطاق واسع.

المصدر: الدار- وم ع

زر الذهاب إلى الأعلى