أخبار الدارسلايدر

لماذا يجب أن يذهب المغرب إلى أبعد مدى في مواجهة “أمنستي”

الدار / افتتاحية

من الواضح أن المواجهة الجارية حاليا بين المغرب ومنظمة العفو الدولية “أمنستي” سيكون لها ما بعدها. كل المؤشرات تدل على أن ما أصدرته المنظمة الحقوقية الدولية من تقارير بخصوص قضية الصحافي عمر الراضي تأسس على دعائم واهية، ويفتقد للأدلة والبينات الكافية لإثباته. وأكبر دليل على ذلك أن المنظمة لم تجب بعد على مطالب الحكومة المغربية التي دعتها إلى تقديم الأدلة المادية الملموسة التي تظهر وجود عملية تجسس على هاتف الصحافي عمر الراضي من طرف السلطات المغربية. ويزداد موقف المنظمة ضعفا وغموضا بعد أن عمدت صحيفة “نيويورك تايمز” الشهيرة إلى حذف مقال سبق أن نشرته، نقلا لقصاصة عممتها وكالة “رويترز” للأنباء، يضم اتهامات من منظمة العفو الدولية “أمنستي” للمغرب بشأن “استخدام برنامج تجسس إسرائيلي ضد الصحافي عمر الراضي”.

حذف صحيفة من حجم وقيمة “نيويورك تايمز” لمقال كهذا دليل مؤكد على أن المعطيات التي تضمنها الخبر غير مؤسسة. ينضاف إلى هذا خسارة المنظمة للدعوى القضائية التي رفعتها بخصوص برنامج التجسس المذكور، حيث صدر رفض طلب “أمنستي” عن محكمة إسرائيلية، قالت في قرارها إن “محاميي المنظمة لم يقدموا أدلة كافية لإثبات ادعاء محاولة تعقب ناشط في مجال حقوق الإنسان بمحاولة اختراق هاتفه الخلوي”. ومن الواضح أن تمادي المنظمة الحقوقية الدولية في توجيه اتهامات خطيرة للمغرب في مجال حقوق الإنسان قد بلغ مداه بالنسبة للسلطات المغربية.

ومن الواضح أن الحكومة المغربية تريد أن تجعل من هذه المواجهة معركة حاسمة للتصدي لكل الحملات التي تستهدف المغرب، وتسعى إلى النيل من المكتسبات التي حققها في المجال الحقوقي وكان سباقا لها على المستوى الإقليمي وفي محيطه العربي والقاري. وفي ظل غياب الأدلة المادية التي تدعم اتهامات أمنستي للمغرب، تصبح التقارير والبلاغات التي أصدرتها المنظمة في قضية الصحافي عمر الراضي غير ذات معنى، خصوصا تلك التي جاءت مشحونة بتحامل كبير بلغ بالمندوبة الإقليمية للمنظمة في الشرق الأوسط حد وصف سجل المغرب الحقوقي بـ”المزري”. ولأجل هذه اللغة التي تتجاوز حد مراقبة أوضاع حقوق الإنسان وإصدار التوصيات والمساعدة في خلق بيئة حقوقية إلى مستوى آخر من التوجيه الذي يتأكد يوما بعد يوم أنه لا يخلو من خلفيات إيديولوجية واضحة.

ومن سوء حظ منظمة “أمنستي” أن خطأها الاستراتيجي في توجيه اتهامات غير مؤسسة ودون أدلة، يأتي في سياق فقدت فيه الكثير من المنظمات الدولية مصداقيتها وموثوقيتها لدى الناس. لقد أظهرت جائحة فيروس كورونا على سبيل المثال، الوجه المزري لمنظمة الصحة العالمية، ومدى تعرضها للاختراق من أصحاب المصالح في مجال الصحة العالمية، وكذا محدودية اطلاعها وضبطها العلمي للقضايا الصحية. ومن المؤكد أن ما حدث مع منظمة الصحة العالمية، التي انسحبت منها الولايات المتحدة رسميا، ليس ببعيد عن المنظمات الحقوقية وأشهرها منظمة العفو الدولية التي احترفت توجيه التوصيات والتقارير الساخنة حول أوضاع حقوق الإنسان في العديد من بلدان العالم لكن بمنطق غير متوازن فيه الكثير من سياسات الكيل بمكيالين.

فالمنظمة التي كلفت نفسها عناء رفع دعوى قضائية لدى المحاكم الإسرائيلية من أجل قضية الصحافي عمر الراضي، لم تستطع يوما أن تكلف نفسها عناء مقاضاة الحكومة الإسرائيلية أو محاسبتها حول الجرائم التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية.   ولهذه الأسباب وغيرها يجب على الحكومة المغربية أن تذهب إلى أبعد مدى في مواجهة أمنستي قضائيا وإعلاميا ودبلوماسيا لفضح ما يجري في خلفيات المنظمات التي أصبح بعضها مطية للابتزاز والتشويه الممنهج.

زر الذهاب إلى الأعلى