في مواجهة تداعيات الجائحة، تدابير ملكية تستشرف آفاقا واعدة
يشكل الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مساء اليوم الأربعاء، إلى الأمة، بمناسبة الذكرى ال21 لعيد العرش المجيد، صلب تعبئة غير مسبوقة لتفعيل أوراش الحماية الاجتماعية والإنعاش الاقتصادي التي باتت أكثر إلحاحا في ظل التداعيات الوخيمة التي أفرزتها جائحة كورونا وألقت بظلال قاتمة على مختلف القطاعات.
وتعكس التدابير القوية المتخذة، على غرار ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، وتعميم التغطية الاجتماعية والتغطية الصحية الإجبارية، بكل وضوح رؤية عملية وجريئة ومواطنة.
وبهذا، تكون الرؤية الملكية للتعامل مع التداعيات السلبية لوباء ” كوفيد 19″ بمثابة تجسيد للمشروع الملكي الشامل، فضلا عن أنها تعكس لعودة الدولة باعتبارها فاعلا في التخطيط الاستراتيجي وفي مجال الحماية الاجتماعية.
إن تأكيد جلالة الملك على ” أن نجعل من المكاسب المحققة في هذا الظرف القصير، منعطفا حاسما، لتعزيز نقط القوة التي أظهرها المغاربة”، إنما يندرج في سياق حرص جلالته على استمرارية الأوراش الكبرى التي تم رسم معالمها ووضع أسسها على سكة التنفيذ.
فجميع المقاربات المتخذة تؤكد على دينامية متجددة باستمرار، حيث أن التجسيد الملموس والأفق المرتبط بالتدابير العملية تم تحديدهما بشكل جيد. من دون إغفال أن الطموح يتمثل في تسريع وتيرة الإصلاحات التي تحتمها الظرفية واغتنام الفرص المتاحة.
ووعيا بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للأزمة، فإن الرؤية الملكية لا ترتكز فقط على الصندوق الخاص بتدبير جائحة وباء كورونا، بل تتجه نحو إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى في مختلف المجالات.
إن ضخ ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، يعد حدثا في حد ذاته، يجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة، دون إغفال ضرورة إرساء إطار تعاقدي لإرساء فرص نجاح هذه الخطة وانخراط كافة الفاعلين.
وهكذا، فبفضل المنظور الشمولي والروح العملية اللذان يعدان حجر الزاوية في المقاربة الملكية، يكون صاحب الجلالة قد وضع التدابير التي يدعو إليها في إطار رؤية متكاملة لإصلاح ما فتئ يتطور ويقدم حلولا للاختلالات في مؤسسات القطاع العام وفق منطق النجاعة السوسيو اقتصادية.
فهذا الطموح بالتحديد هو الذي يعكس الإعلان الملكي عن إصلاح شامل لنظام الحماية الاجتماعية، الذي يعد مكونا استراتيجيا لكنه يعاني من تعدد المتدخلين ونسبة تغطية منخفضة.
لهذا السبب فقد حان الوقت لإطلاق عملية لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة، خلال الخمس سنوات المقبلة. إنها مبادرة تأتي في خضم التداعيات التي سببتها الجائحة والتي تستدعي أخذ زمام الأمور لمعالجة القضايا التي تمس الحياة اليومية للمغاربة.
وفي هذا الصدد يقول جلالة الملك، ” ويأتي في مقدمة ذلك، توفير الحماية الاجتماعية لكل المغاربة، التي ستبقى شغلنا الشاغل، حتى نتمكن من تعميمها على جميع الفئات الاجتماعية “.
ويستدعي الانكباب بكل جدية على معالجة تبعات الجائحة على القطاعات الحيوية للاقتصاد، وفق المنظور الملكي، تعبئة كافة مكونات المجتمع وتوحيد الطاقات والإمكانيات.
وبكل تأكيد، فإن جلالة الملك قدم تشخيصا عميقا لحجم تداعيات الأزمة، كما عمل، في الوقت ذاته، على تحفيز الموارد والفاعلين للاستجابة لها ومعالجتها.
المصدر: الدار- وم ع