الدار/ رضا النهري:
عندما فاجأ فيروس “كورونا” العالم، قليلون خمنوا في البداية بأن الوضع يمكنه أن يطول، لذلك كان الانتظار منطقيا، فاستمر بضعة أسابيع ثم بضعة أشهر، وفي النهاية بدا أن التعايش مع الفيروس لا مفر منه، لكنه تعايش قاتل، تماما مثل فيلم “النوم مع العدو”، لذلك بدا كثيرون يفكرون في أنجع وسيلة للهرب من هذا الفيروس.
كانت أبرز طريقة للهروب من الفيروس هو العمل عن بعد، أو الدراسة انطلاقا من المنازل، وإغلاق المرافق العامة، لكن مع مرور الوقت، صار البعض يفكرون في الهروب من الفيروس بطريقة عملية، خصوصا الذين لا تربطهم التزامات بالعمل أو بالتواجد في مكان معين، وهؤلاء هم الذين استغلوا ظروف الوباء لكي يحققوا واحدة من أغلى أمانيهم: السفر.. ثم السفر.
الكثير من المتقاعدين في بلدان الغرب، خصوصا بعد أن عرفوا أنهم مستهدفين أكثر من غيرهم بالفيروس، قرروا السفر نحو مناطق بعيدة، خصوصا الجزر النائية، حيث معدلات الإصابات بالفيروس نادرة جدا أو منعدمة، وهناك ضربوا أكثر من عصفور بحجر واحد، لقد استغلوا ظروف الوباء للسفر، وعاشوا حياة رغيدة في مناطق لا تتطلب الكثير من اجل الاستهلاك، وأكثر من هذا راوغوا الفيروس وأفلتوا بجلدهم من براثنه.
وهناك الكثير من سكان المدن من الذين يمتلكون منازل ثانوية في البادية أو على الشواطئ، قلبوا المعادلة وجعلوا من المنازل الثانوية منازل رئيسية، واستقروا فيها يشتغلون عن بعد، فحققوا واحدة من أجمل أمنياتهم، أن يغادروا المدينة ليرتاحوا من ضجيجها وتلوثها، ليس لأسبوع أو أسبوعين، بل لأشهر طويلة.. براتب مدفوع طبعا.
هناك من حققوا أمنية أكبر، حيث حلموا طوال حياتهم باقتناء سيارة عبارة عن منزل بعجلات، والطواف عبر البلدان والمدن والقرى، وهذه أمنية حققها من يملكون حسا أكبر من المغامرة، والذين أجّروا منازلهم وشققهم، واقتنوا “لاكارافان”، وصاروا ينامون كل ليلة في مكان مختلف، تارة على ضفة النهر وتارة في سفح جبل ومرة على شاطئ البحر وتارة في وسط البلدة ومرة على قارعة الطريق.
إنها أحلام كانت تبدو بعيدة.. فجعلها الفيروس قريبة جدا..!