تحديات كبيرة تواجه التعافي الاقتصادي في المنطقة العربية بسبب تداعيات جائحة كورونا
أكد صندوق النقد العربي أنه في الوقت الذي تتجه فيه الدول العربية إلى فتح اقتصاداتها بشكل كامل أو جزئي، عقب الإغلاق التام بسبب جائحة كورونا، هناك تحديات كبيرة تواجه التعافي الاقتصادي في المنطقة، أبرزها ضيق حيز السياسة المتاح لدعم الانتعاش على المدى المتوسط بسبب الاختلالات الداخلية والخارجية المتزايدة.
وجاء في تقرير جديد للصندوق حول “آفاق الاقتصاد العربي”، متضمنا تحديثا لتوقعات النمو والتضخم في الدول العربية لعامي 2020 و2021، أن تعافي الاقتصادات العربية يصطدم أيضا بالحاجة الملحة لضمان التخصيص الفعال والسريع للموارد بين القطاعات الاقتصادية، لمواكبة التحول الهيكلي الديناميكي الذي فرضه انتشار الفيروس، وهو ما يستلزم الإ سراع بوتيرة التحول الرقمي.
كما أبرز الحاجة إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي واعتماد سياسات سوق العمل النشطة للحد من فقدان الوظائف، خاصة في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة، موضحا أن من ضمن التحديات التي يواجهها التعافي الاقتصادي أيضا الضيق المرتقب للأوضاع في الأسواق المالية وأثره على قدرة الاقتصادات العربية على تلبية متطلباتها التمويلية والحاجة إلى أنماط تمويل مبتكرة لأهداف التنمية المستدامة.
وبحسب التقرير، فمن المتوقع أن يكون لجائحة فيروس كورونا تأثير سلبي عميق على الاقتصادات العربية، حيث تساهم القطاعات المتأثرة بالإغلاق الكلي أو الجزئي بنحو 70 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في المنطقة العربية.
من ناحية أخرى، كشف التقرير تضرر قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذي يساهم بحوالي 45 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي وثلث العمالة الرسمية، لافتا إلى أن الدول العربية المصدرة للنفط ستتحمل 50 في المائة من عـبء التخفيض العالمي في إمدادات النفط في عامي 2020 و2021 المقررة في إطار اتفاق “أوبك +”، الأمر الذي سيكون له تأثير كبير على الاقتصادات العربية. فعلى الرغم من جهود التنويع الاقتصادي المستمرة، يوضح التقرير، لا يزال قطاع النفط يسهم بنحو 27 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمجموعة، و42 في المائة من إجمالي الصادرات، و60 في المائة من الإيرادات العامة.
وذكر أن حكومات الدول العربية اتخذت حتى الآن إجراءات جادة متبوعة بإجراءات وقائية للحد من التأثير السلبي لانتشارها على الاقتصادات العربية، وحزم تحفيز لتنشيط الطلب الكلي بلغت قيمتها ما يقرب من 231.6 مليار دولار، بما في ذلك مجموعة متنوعة من التدابير لتخفيف الأثر الاجتماعي والاقتصادي للفيروس، ودعم الانتعاش الاقتصادي على المدى المتوسط.
وأشار إلى اختلاف مستويات حزم التحفيز باختلاف المساحة المالية المتاحة لكل دولة عربية، وكذلك مستويات تغطية شبكات الأمان الاجتماعي، وقدرة البلدان على تعبئة أموال ضخمة في وقت قصير للتغلب على الصدمات الاقتصادية.
وفي ظل هذه التطورات، يؤكد التقرير، تواجه الاقتصادات العربية تحديات متعددة الأبعاد سوف تؤدي إلى انخفاض كل من مستويات النشاط في القطاعين النفطي وغير النفطي، متوقعا انكماش الناتج المحلي الإجمالي في الدول العربية بنسبة تقارب 4 بالمائة العام الحالي قبل أن يتم تسجيل تعاف تدريجي العام المقبل وتسجيل معدل نمو في حدود 2،6 بالمائة.
وشدد صندوق النقد العربي أن الأزمة سيكون لها وقع أشد على الاقتصادات العربية المصدرة للنفط التي من المتوقع أن تسجل انكماشا بحدود 4،7 في المائة خلال العام الحالي، مقابل توقع انكماش أقل للاقتصادات العربية الأكثر تنوعا في حدود 2 بالمائة.
وخلص التقرير إلى ان الاقتصاد العالمي يشهد أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي في ظل انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد التي تسببت في ضرر بالغ لمستويات النشاط الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء وهبطت بمستويات ثقة المستهلكين والمستثمرين ومستويات الإنتاج والاستهلاك والاستثمار والتجارة وتدفقات رؤوس الأموال الدولية إلى أدنى مستوياتها، وهو ما يتوقع في ضوئه انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة تتراوح ما بين 5 إلى 8 في المائة وفق تقديرات المنظمات الدولية وخسارة الاقتصاد العالمي لما يتراوح بين 8 إلى 12 تريليون دولار خلال عامي 2020 و2021.
المصدر: الدار- وم ع