إيفاد لجنة حكومية ليس إنجازا سيدي العمدة
الدار / افتتاحية
من مظاهر الفشل في تدبير جائحة فيروس كورونا، ما نشهده اليوم في بعض المدن من تعثر كبير على مستوى إيجاد التكفل العلاجي لكافة المصابين في ظروف إنسانية وطبية لائقة. فالصور والفيديوهات القادمة من مدينة مراكش على سبيل المثال تظهر أن البنيات الصحية في هذه المنطقة مقبلة على أيام صعبة بسبب تزايد الحالات وقلة الموارد والإمكانيات. ومن غير المستبعد أن يحدث انهيار في المنظومة الاستشفائية إذا لم يتم تعبئة المزيد من الموارد والوسائل الاستثنائية العاجلة.
وأمام هذه المأساة التي تخفي وراءها معاناة المرضى وأسرهم، يفترض أن تغيب كل الحسابات والمصالح الشخصية الضيقة، ويتم تعزيز التضامن بين جميع الفئات والهيئات والمؤسسات، للتغلب على هذه الأوضاع وإنقاذ المدينة من كارثة صحية محدقة. لكن هذه الروح التضامنية لا تعني دائما أهل السياسة والمنتخبين. فوسط كل هذا لم يتردد عمدة المدينة، عضو حزب العدالة والتنمية، محمد العربي بلقايد في محاولة توظيف سياسي مكشوف للمأساة عندما أعلن أنه كان وراء إيفاد لجنة حكومية للوقوف على حقيقة الوضع الصحي بمراكش وتطويق وباء كورونا بالمدينة.
رئيس المجلس الجماعي لمراكش المنتمي للبيجيدي ادعى انه من تواصل مع رئيس الحكومة للتدخل لايفاد اللجنة المذكورة، والحقيقة أن هذا لم يحدث لانه لا يدخل في اختصاصاته. كما أن المعلومات المؤكدة المتوفرة لحد الساعة تكشف أن والي جهة مراكش هو من نسق مع وزارة الصحة لإيفاد لجنة من وزارة الصحة لتطويق وباء كورونا والوقوف على حقيقة الوضع.
لماذا يروج إذا رئيس المجلس الجماعي لمراكش هذه المغالطة؟ الجواب الواضح المستقى من التجربة المتراكمة هو أن الغاية سياسية وانتخابية صرفة. والأنكى من كل هذا أن السيد بلقايد مصاب بفيروس كورونا ويوجد تحت الحجر الصحي منذ فترة، ورغم ذلك لم تمنعه إصابته من الدخول في هذه الحسابات السياسية الانتخابية الضيقة. يجب إذا أن لا ننظر بسذاجة إلى كل التحركات التي يقوم بها العديد من المنتخبين في ظل هذه الأزمة. فمثلما هناك مستفيدون على المستوى الاقتصادي والمالي، هناك أيضا من يسعى إلى تحقيق المكاسب السياسية ولو على حساب الحقيقة والواقع الصارخ. لقد كانت مستشفيات مراكش تنتظر من المجلس الجماعي أكثر من مجرد ادعاءات وتنافس على مبادرات الغير، فقد كان أولى بالمجلس أن يبادر إلى دعم الأطباء والممرضين مثلا على مستوى الإقامة والإيواء الذي يطالبون به منذ فترة، بدلا من هذه المغالطات الانتخابوية المكشوفة.
لكن يبدو أنه من الطبيعي أن يسارع العمدة وحزبه إلى التهافت على نسب هذه المبادرة إليهم، في ظل تنامي مؤشرات الفشل في تدبير جائحة فيروس كورونا بعد أن تضاعفت حالات الإصابة وتزايدت أعداد الوفيات على الصعيد الوطني. فمسؤولية الحكومة التي يقودها حزب العمدة واضحة وثابتة في هذا الشأن، لكن على رئيس المجلس الجماعي لمراكش أن يدرك أن إيفاد لجنة حكومية لا يعد في حد ذاته إنجازا في الأصل، وإنما الإنجاز والشجاعة الحقيقية تتمثل في اتخاذ مبادرات عملية لدعم القطاع الصحي والتخفيف على العاملين فيه بالمدينة الحمراء.