وهبي في حضن الإسلاميين..رحلة البحث عن الهوية تتواصل
الدار / افتتاحية
قبيل الإعلان الرسمي عن موعد الانتخابات التشريعية المرتقبة في صيف 2021 قرر عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب “الأصالة والمعاصرة” حسم التساؤلات حول المدى الذي يمكن أن يذهب إليه في تقاربه مع حزب العدالة والتنمية، عندما أعلن صراحة أنه لا يمانع في الدخول مع حزب “العدالة والتنمية ” في الحكومة من حيث المبدأ. وأوضح وهبي في حوار مع قناة “سكاي نيوز عربية”، أنه أعلن بشكل صريح قبل المؤتمر الرابع لحزب “الأصالة والمعاصرة”، بأنه سينفتح على “البيجيدي”، ورغم ذلك تم انتخابه أمينا عاما للحزب. وأكد وهبي أن تصريحات قيادات حزب “العدالة والتنمية” ضد حزبه جاءت كرد فعل ضد بعض القيادات السابقة لحزب “البام”، وبالتالي ليس هناك أي إشكال يمنع من الجلوس معهم ومناقشتهم، خاصة أنه لم يضع أي خطوط حمراء مع أي حزب مغربي بما فيهم حزب “العدالة والتنمية.
هذه التفاصيل الجديدة التي يقدمها المحامي عبد اللطيف وهبي حول شروط وإمكانات التحالف مع حزب العدالة والتنمية تأتي في سياق سياسي خاص، يتميز بجمود كبيرة تعرفه العلاقات بين مكونات التحالف الحكومي الحالي. إذ لم تعقد رئاسة الأغلبية اجتماعاتها منذ أشهر، رغم أن ميثاقها ينص على ضرورة عقد اجتماعات دورية بدعوة من رئيس الحكومة لتتبع وتقييم تنفيذ البرنامج الحكومي ودراسة كل القضايا المرتبطة بتدبير شؤون الأغلبية. كما أن عاشت قبل شهور قليلة صراعات خفية ومعلنة عبر تراشقات وتسريبات لا تنتهي، كان آخرها الجدل المثار حول تعيينات بعض المحسوبين على حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في هيئة ضبط الكهرباء.
ولا يعتبر ميول وهبي للتقارب مع الإسلاميين بدعة مستجدة، فقد عبر عن ذلك مرارا قبل توليه الأمانة العام لحزب الجرار، كما كشفت علاقاته مع وزراء العدالة والتنمية رغبته في الحصول على مواقع مسؤولية كما سبق أن أعلن عن ذلك المصطفى الرميد إبان توليه مسؤولية وزارة العدل. وفي ظل هذا الجمود بل والصراعات التي لا تنتهي بين مكونات الأغلبية الحكومية الحالية، وخصوصا بين رأسيها المتمثلين في البيجيدي والأحرار، يبدو أن عبد اللطيف وهبي يريد أن يقدم نفسه مبكرا كحليف مستقبلي للحزب الذي سيفوز في الانتخابات وسيكلف بمهمة تشكيل ورئاسة الحكومة. لكن هذا التصريح ينطوي على نبوءة سابقة لأوانها إذ يبدو وكان الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة حسم في حظوظ حزبه الانتخابية وتوقع من الآن أن يكون حليفا للإسلاميين الذين يفترض أنهم سيحتلون المرتبة الأولى حسب هذا العرض الذي قدمه.
لكن لماذا يريد الأمين العام للحزب الفائز بالمرتبة الثانية في الانتخابات الماضية أن يكسر من الآن الحواجز التي تفصله عن التحالف مع البيجيدي؟ يبدو أن في طيات هذه الدعوة اعتراف صريح بأن المعارضة لا تليق بحزب الأصالة والمعاصرة. فإذا كان الحزب الذي تأسس أصلا من أجل مواجهة الإسلاميين والحد من هيمنتهم على المشهد السياسي مستعدا اليوم وبكل حماس للدخول معهم في تحالف حكومي، فهذا يعني أنه لا يزال يبحث عن هويته السياسية المفتقدة. فرغم القوة البرلمانية العددية التي يمتلكها إلا أن هذا التهافت على فكرة المشاركة والتحالف مع “الخصوم” يثير الكثير من التساؤلات حول واقع الحزب بل ومستقبله، خصوصا بعد أن استبطن بذور التفكك بسبب الصراع حول إرث إلياس العماري.
فهل يشتري حزب الأصالة والمعاصرة صك المشاركة من الإسلاميين؟ صحيح أن الجواب على هذا السؤال ستحسمه نتائج الانتخابات المقبلة، لكنه يؤكد في جانب آخر منه أن الأحزاب الحديثة لم تعد قادرة على الاختراق والبقاء دون أن تصنع لنفسها تاريخا، ولو في أحضان الخصوم في الفكر والرؤية والأهداف.