الدين والحياةسلايدر

ترصد تميز المدرسة المالكية.. الرابطة المحمدية تصدر دراسة حول “سؤال التقريب في الفقه المالكي”

الدار/ خاص

ضمن سلسلة “أبحاث ودراسات” الصادرة عن مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك بالرابطة المحمدية للعلماء، صدر كتاب ” تقريب المذهب والعقيدة والسلوك” للدكتور عبد الله معصر، رئيس المركز.

وأكد المؤلف أن الناظر في مصنفات المالكية وفي التطورات التي عرفها المذهب المالكي يلحظ استئناف سؤال التقريب، وتمخض عن هذا التقريب ظهور المدارس المالكية المشهورة: (مدرسة المدينة المنورة، والمدرسة العراقية، والمدرسة المصرية، والمدرسة المغربية (القيروان ـ فاس)، والمدرسة الأندلسية، وتم تدوين السماعات والآراء الفقهية المروية عن تلاميذ الإمام مالك. ولعل من أشهر هذه السماعات: سماعات عبد الرحمن بن القاسم، وسماعات أشهب، وسماعات ابن وهب، وسماعات ابن عبد ابن الحكم ، وسماعات ابن الماجشون.وقد جُمعت هذه السماعات والآراء في كتب اصطلح على تسميتها أمهات المذهب ودواوينه.

وأوضح الدكتور عبد الله معصر أنه في إطار الممارسة التقريبية للمذهب المالكي، استأنف علماء المالكية سؤال التقريب، لتترسخ معه معالم جديدة للمنهج التقريبي عند المالكية، سواء على مستوى تنظيم الروايات والسماعات واعتمادها على المستوى الرسمي والقضائي كما في سماعات ابن القاسم، كقولهم: “إذا اختلف الناس عن مالك فالقول ما قال ابن القاسم”.

أو على مستوى قواعد الترجيح، كتقديمهم لما يرد في كتاب الموطأ والمدونة على سائر الكتب، وتقديمهم لقول مالك وقول ابن القاسم على بقية آراء تلاميذ الإمام مالك.

أما الممارسة التقريبية على مستوى التصنيف والتدريس، فقد تفتق عنها منهجان: أحدهما اصطلح عليه بالاصطلاح العراقي والثاني اصطلح عليه بالاصطلاح قروي.

وأشار الى أن  الاتصال والتقارب بين العلماء على مستوى الرحلات العلمية، أدى إلى تمازج المنهجين في مصنفات المالكية، حيث سيشكل القاضي عياض نموذجا واضحا لهذا التمازج في كتابه التنبيهات الذي شرح به المدونة، ففيه جمع القاضي عياض بين الطريقة العراقية التي تعتمد على القياس والتأصيل، وتحقيق المسائل، وتقرير الدلائل، والطريقة القروية التي تعتمد على الضبط والتصحيح وتحليل المسائل والمباحث، واختلاف التخاريج والمحامل، زيادة على ما أضفى عياض على هذا الجمع من متانة التقرير، ووضوح العبارة وإحكامها.

ولم يقف سؤال التقريب عند هذا المستوى، بل التفت فقهاء المذهب المالكي إلى أمهات المذهب ودواوينه، وإلى ما كثر فيها من التخاريج وأقوال أهل المذهب. فقاموا بمهمة “الضبط وتجديد التلخيص والتهذيب حتى تتحد الصور، وينسجم التعبير، ويأتلف ما تفرق من الأسمعة، ويجتمع ما تشتت من الأقوال.

وبهذا الجهد دخل التقريب في مرحلة تميزت مصنفاتها بالتهذيب والتنقيح، وتنظيم وترتيب المادة الفقهية. وعرف المنهج في هذه الفترة بمنهج المختصرات، ومختصرات هذه المرحلة كان لها “طابع خاص يختلف شكلا ومضمونا عما آل إليه الوضع في العصور المتأخرة ؛ فهي تمتاز بطرق تقريب جديدة، نتج عنها ظهور مصنفات جديدة التزم فيها أصحابها الصياغة الجديدة  والمنظمة للأقوال الفقهية في المذهب، مع التخريجات والترجيحات الممثلة لمنهج مدرسة معينة داخل المذهب المالكي، ومن أشهر الكتب الممثلة لهذا الاتجاه الرسالة لابن أبي زيد القيرواني، والتفريع لابن الجلاب، والتلقين للقاضي عبد الوهاب

وفي إطار استئناف سؤال التقريب في المذهب المالكي، طور المالكية مفهوم عمل أهل المدينة، وربطوا الفقه بواقعه العملي، واهتموا بالجانب التطبيقي للأحكام الشرعية، فصنفوا في الوثائق والشروط، وبفقه العمليات أو ما جرى به العمل، وبالفتاوى والنوازل. واستأنفوا سؤال التقريب أفقيا وعموديا على مستوى النصوص المنقولة عن أئمة المذهب ورواته، فأعادوا النظر في قواعد الترجيح بين الروايات والأقوال بناء على ما تم ترسيخه داخل المنظومة المذهبية.

زر الذهاب إلى الأعلى