“رابطة العلماء” تصدر ورقة حول تأثير كورونا على المساواة في توزيع الأدوار بين الجنسين داخل الأسرة المغربية
الدار/ خاص
أصدر “مركز الدراسات والأبحاث في القضايا النسائية في الإسلام”، بالرابطة المحمدية للعلماء، ورقة بحثية تتناول التأثير الذي يحدثه فيروس كورونا المستجد على العلاقات بين الجنسين وتمظهرات تدبير الوقت والأدوار بينهما في إطار التفاعل اليومي داخل الأسرة المغربية.
وأكد صاحب المقال، الأستاذ الياس بوزغاية، الباحث بالمركز، أنه في معظم الدراسات السوسيولوجية، يتم توصيف أغلب المجتمعات بأنها تنظم علاقاتها الجندرية في الأسرة بشكل تقليدي حيث تتولى الأنثى المهام المنزلية ويتولى الذكر المهام الخارجية المرتبطة بتأمين لقمة العيش.
وأوضح الباحث الجامعي أن كثيرا من من الدراسات والتقارير التي تم إنجازها خلال فترة الحجر الصحي تشير إلى أن هناك تفاوتا بين أعباء النساء والرجال، على اعتبار أن كثيرا من النساء وجدن أنفسهن محاصرات بأعباء إضافية غير تلك التي اعتدن على القيام بها”، مشيرا الى أنه في ظل الإغلاق التام وإغلاق المدارس ومراكز رعاية الأطفال، تتولى كثير من النساء مهمة رعاية الأطفال والتدريس بجانب القيام بأعباء البيت”.
وأبرز المقال أن استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “كيسر” للأسرة أظهر أن النساء يتضررن نفسيا أكثر من الرجل حيث وجد أن النساء أكثر ميلا للقلق من العواقب السلبية لفيروس كورونا ويتخذن احتياطات أكبر من الرجال”، مؤكدا أن “تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا والبنك الدولي إلى أنه عندما تكون النظم الصحية ضعيفة، فإن عبء الرعاية المنزلية يقع إلى حد كبير على عاتق النساء، اللائي يقضين في المتوسط سبعة أضعاف الوقت في العمل المنزلي مقارنة بالرجال وفقًا للمندوبية السامية للتخطيط.
وبخصوص مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية بالمغرب، قال الباحث الجامعي في ورقته البحثية أننها تعتبر من بين أدنى المعدلات في العالم (22٪ في 2018 مقابل 48٪ من المتوسط العالمي، بما في ذلك 10٪ في ريادة الأعمال النسائية) وتتراجع منذ 20 عامًا (29٪ في 2000). كما تبلغ فجوة الأجور بين الجنسين للوظائف المتساوية 20٪ على الأقل.[3]
وأضاف أنه إذا كان الحجر الصحي قد تسبب في تزايد حالات الصراع بين الجنسين فإنه كان سببا أيضا في خلق أجواء ساهمت في تحقيق مزيد من التضامن والعدل والمساواة، مشيرا الى أن الحجر الصحي عمل على تكريس الوضع نتيجة الحضور اليومي للرجل داخل المنزل، و هو ما سيجعل كلا من الجنسين يعيدان ترتيب و توزيع الأعمال المنزلية بشكل عادل و مقبول، الأمر الذي سيعمل على توثيق الروابط الاجتماعية بينهما و السير نحو تحقيق الذات البشرية من دون أي تمييز.
وخلص الباحث الياس بوزغاية الى أنه على العموم، يبقى توزيع الأدوار بين الجنسين خلال أزمة كورونا عاملا مهما في تحولات الحياة التي يعرفها المغاربة، مبرزا في هذا السياق أن 78.6 في المئة من المغاربة الذين شاركوا في استطلاع للرأي قامت به مؤسسة “منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية” أشاروا إلى حدوث تغييرات على حياتهم الاجتماعية بسبب الجائحة، مقابل 57.9 في المئة قالوا إن علاقتهم بالمحيطين بهم قد تطورت نحو الأفضل، بينما ذكر 7.3 في المئة أن العلاقات ساءت.[8]
وحاول الباحث من خلال هذه الورقة البحثية الاجابة على السؤال حول مدى تحقيق المساواة والعدل خلال فترة الحجر الصحي و استمرارها بعد رفعه، مؤكدا أن ذلك رهين بالدراسة الميدانية التي ستنتج لا محال معرفة بمسارات التغيير على المستوى الجندري والاجتماعي بالمغرب.
وانطلقت الورقة من التساؤل عن مدى مساهمة التقارب والتواصل المستمر بين الجنسين في ظل الحجر الصحي في خلق واقع جديد يتضمن إعادة اقتسام مسؤوليات البيت بين أفراد الأسرة وضبط الأدوار الجندرية بما يحقق مزيدا من المساواة/العدل.