دراسة ترصد ترسخ العقيدة الأشعرية وتجدرها في الممارسة الدينية المغربية في العهد العلوي
الدار- خاص
كشفت دراسة همت رصد “ملامح من الحركة التأليفية العقدية بالمغرب: العصر العلوي أنموذجا”، أن هذا العصر عرف حركية تأليفية عقدية واسعة، من خلال كل ما تم عرضه من مجموع التآليف التي عرفها العصر العلوي في مجال الدرس العقدي.
وأشارت الدراسة، التي أعدها “مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوك”، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، الى أنه يظهر من طبيعة هذه المؤلفات خصوصية المرحلة وتميزها في سياق الصيرورة التاريخية التي عرفها الفكر الأشعري بالمغرب، وتميز هذه المرحلة عن غيرها من باقي المراحل السابقة لها، وكيف أن هذا العصر يعد محطة خاصة وفريدة ضمن المحطات العلمية السابقة له، ويظهر هذا جليا في طبيعة القضايا العقدية المتداولة، والإضافات النوعية التي قدمها علماء هذا العصر للدرس والفكر الأشعريين.
وتطرقت الدراسة لملامح عامة عن طبيعة هذه الحركة، وبيان معالمها الكبرى وخصوصيتها، وذلك من خلال سرد وعرض جملة من التآليف العقدية على اختلاف أشكالها ومواضيعها، وهو ما يعطي للقارئ العادي، بل القارئ المتبصر، تؤكد ذات الدراسة، مدى ترسخ العقيدة الأشعرية وتجدرها في الممارسة الدينية المغربية في بعدها العقدي في هذا العصر كما غيره من العصور السابقة له”.
وأضافت الدراسة ذاتها أن هذا الأمر يظهر جليا فيما عرفه من تآليف عقدية أشعرية غزيرة، سواء تلك التي تحمل طابعا تنظيريا وتقعيديا، أو تلك التي طمحت إلى تقريب العقيدة الأشعرية وتيسيرها وتبسيطها إلى عموم المسلمين.
وأبرزت الدراسة أن من يتتبع حركة التأليف العقدي في العصر العلوي يلاحظ الغلبة الواضحة للمؤلفات ذات البعد التقريبي، حيث انصب اهتمام العلماء في هذه الفترة بالاجتهاد في تقريب مضمون العقيدة الإسلامية أكثر، وفق الأصول التي كان عليها أهل السنة والجماعة، بما يتلاءم والمستجدات السياقية التي عرفها هذا العصر؛ علمية واجتماعية وغيرها، وهذا المقصد التقريبي سيبدو من خلال كثير من المؤلفات التي سعى فيها أصحابها إلى بسط المضمون العقدي الأشعري وتقريبه، سواء تلك التي انصب اهتمامها بمعالجة قضايا بعينها وبسط القول فيها وفي مغاليقها ومتعلقاتها، أو تلك التي جرى السعي فيها إلى بسط وتقريب عدد من المتون العقدية التي شكلت أصولا كبرى للفكر الأشعري من جهته المضمونية والتي دارت في فلكها الكتابات العقدية في العصر العلوي.
ومن هذه الأصول المضمونية؛ تؤكد الدراسة، نجد: عقيدة ابن أبي زيد القيرواني، العقيدة البرهانية للسلالجي، المرشدة لابن تومرت، مؤلفات السنوسي، عقيدة سيدي عبد القادر الفاسي، توحيد المرشد المعين لعبد الواحد بن عاشر، أرجوزة جلال الدين السيوطي المسماة “التثبيت في ليلة المبيت” في سؤال الملكين وفتنة القبور، وغيرها من المتون، هذا بالإضافة إلى ما أنشئ حول أسماء الله الحسنى من شروح، وكذا بعض التقاييد التي اختصت بكلمة التوحيد …،
فهذه المتون جميعها، تضيف ذات الدراسة، تعتبر أصولا شكلت المعالم الكبرى التي دار حولها التأليف العقدي في المغرب في العهد العلوي، هذا بالإضافة إلى ما حظي به كل واحد من هذه المتون من عناية كبيرة من لدن العلماء؛ من خلال ما وضعوه عليها من شروح وحواشي وتقاييد وأنظام، وهو ما أسهم بفاعلية في خلق حركة تأليفية واسعة تمركزت حول هذه المؤلفات، وهذه الحركة في مجملها اتسمت بالطابع التقريبي، كما سبق التنبيه إلى ذلك، لِما طمح إليه أصحابها من تيسير لتلك الأصول العقدية الأشعرية وتبسيطٍ لمعانيها، ويمكن أن نتتبع تفاصيل هذه الحركة من خلال النظر المفصّل في العناية الكبيرة التي نالته هذه المتون من قِبل العلماء.