اليهود المغاربة ظلوا متماسكين رغم “كورونا” والمغرب نموذج للتعايش بفضل الملك محمد السادس
الدار / ترجمات
في ظل استمرار تفشي جائحة وباء “كورونا” في إحداث دمار في العالم، لم يتمكن اليهود المغاربة من الهروب دون أن يصابوا بأذى جراء هذا الوباء المستجد.
لقد عرفت الطائفة اليهودية المتماسكة، التي تضم العديد من كبار السن، عددا كبيرا نسبيًا من الوفيات في الأيام الأولى من تفشي الفيروس، بما في ذلك وفاة الحاخام شولوم إيدلمان. ومع ذلك، فإن قادة الطائفة اليهودية في المملكة المغربية واثقون من أنه من خلال التمسك ببعضهم البعض والاستمرار في دعم بعضهم البعض، يمكنهم تجاوز هذه الأزمة.
هاجر الحاخام إيدلمان، المولود في الاتحاد السوفيتي، إلى المغرب عام 1958 مبعوثًا لحاباد Chabad، وهي حركة التوعية اليهودية الحسيدية. كان كل سنة يتأكد من إحضار شمورة ماتساه، وهو نوع خاص من الماتساه، من فرنسا في الوقت المناسب لعيد الفصح.
الحاخام ليفي بانون، مبعوث آخر من “قباد حاباد” مقيم في المغرب. كان الحاخام إيدلمان يدعى “حاخام الحاخامات” وقال إنه سوف يفتقد بشدة في الطائفة اليهودية المغربية. الحاخام بانون هو الآن الحاخام المفضل في الجنازات المتعلقة بفيروس كورونا.
للطائفة اليهودية في المغرب تاريخ طويل وغني. كانت المملكة في السابق موطنًا ربما لأكبر عدد من اليهود في العالم العربي، اذ بلغ عدد اليهود في المغرب أكثر من 250.000 في ذروته في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي، قبل الهجرة الجماعية التي اندلعت بسبب الحرب العالمية الثانية وتأسيس دولة إسرائيل.
تعود الجذور اليهودية في المغرب إلى سبعينيات القرن الماضي، و على الرغم من وجود فترات من الاضطرابات، فقد كانت هناك أيضًا أوقات من التعايش السلمي.
يُعرف اليهود، الذين استقروا في المغرب، في الأصل باسم “توشافيم”. تلك التي جاءت نتيجة لمحاكم التفتيش الإسبانية في القرن الخامس عشر تسمى “Megorashim”.
في أعقاب محاكم التفتيش، فر عشرات الآلاف من يهود إسبانيا إلى المغرب. على الرغم من أنهم أتوا فقط بالملابس التي كانوا يرتدونها على ظهورهم، إلا أنهم جلبوا معهم التعليم والذكاء التجاري والعلاقات التجارية، و أفادوا بهم مجتمعهم المغربي الجديد.
أدى إنشاء دولة إسرائيل واستقلال المغرب لاحقا عن فرنسا إلى فترة من الاضطرابات السياسية. بدأ اليهود يغادرون إلى إسرائيل سرا، ولكن بأعداد كبيرة. بين عامي 1961 و 1967، غادر حوالي 120 ألف يهودي المغرب. توجه معظمهم إلى إسرائيل، على الرغم من أن البعض اختار فرنسا، التي تشاركوا معها ثقافة مماثلة، كما هاجروا إلى الولايات المتحدة وكندا. بحلول عام 1975، لم يتبق سوى 20 ألف يهودي في بلد كان يتباهى بأكثر من 10 أضعاف هذا العدد.
منذ ذلك الحين، استمر عدد أفراد الطائفة اليهودية في التناقص. يوجد اليوم في مختلف أنحاء المملكة المغربية 2500 إلى 3000 يهودي، معظمهم في الدار البيضاء. يُنظر إلى المملكة المغربية على أنها مثال للتعايش المثالي بين اليهود والمسلمين، وواحدة من الدول العربية القليلة التي تتمسك بحيوية بتاريخها اليهودي، ولا أدل على ذلك اطلاق الملك محمد السادس قبل 10 سنوات، لمشروع لازال مستمر يهم ترميم المواقع اليهودية ذات الأهمية التاريخية في المغرب.
ورغم أن الطائفة اليهودية في المغرب تظل قليلة، إلا أنها لا تزال نابضة بالحياة، اذ يضم المغرب 16 كنيسة يهودية وجزارين كوشير، ومخابز، ومطاعم، ومتعهدين، بالإضافة إلى ثلاث مدارس يهودية تضم حوالي 600 طالب.
كما يستضيف اليهود في المغرب العديد من الزوار، الذين يأتون كل عام، كما أن اليهود المغاربة الذين يعيشون خارج البلاد لديهم صلة عميقة جدًا بجذورهم، اذ يأتي ما يقرب من 50000 لزيارتها كل عام، كسائحين وكمواطنين عائدين. لدى البعض عادة حفلات الزفاف في المغرب، والبعض الآخر يأتي تقليديًا للاحتفال بعيد الفصح. وتضم المدن المغربية 22 فندقًا مخصصة بالكامل لليهود المغاربة الذين يأتون لزيارتها خلال العطلة.
في هذه الفترة التي يعيشها العالم، تضررت الصناعة السياحية في المغرب بسبب تفشي وباء كورونا، لكن اليهود الذين يعيشون في المغرب يعرفون أنه بمجرد أن يصبح السفر أسهل، يمكنهم توقع زيارة إخوانهم وأخواتهم مرة أخرى، لأن اليهود المغاربة، بغض النظر عما يحدث في العالم وأين يتواجدون، سيكونون دائمًا على صلة قوية بالبلد.