الإغراء بالإشهار .. شعار سماسرة التواصل
عندما تحظى وكالة للتواصل بصفقة عمومية أو خاصة للترويج لمنتوج معين، بصرف النظر عن مدى استحقاقها للصفقة من عدمه، فإن المفروض في هذه الوكالة المحظوظة أن تقدم الخدمة التواصلية كاملة غير منقوصة، أي إعداد المحتوى الرقمي، واختيار الرسائل المؤثرة في الرأي العام، وتدبيج عناصر الخطاب في المبنى والمعنى، فضلا عن استثمار شبكة علاقاتها داخل الوسط الصحفي والإعلامي لضمان التعميم الواسع والتفاعل الكبير في صفوف الفئة المستهدفة.
لكن حظوة الوكالة المعلومة تتجاوز السقف المحدد لمختلف الوكالات التواصلية، إذ أنها تستفيد من رسو الصفقات في شروط تنافسية غير معلومة، أو على الأقل غير معلن عنها، كما أنها تستفيد أيضا من خدمات مجانية من جانب موظفي “الإدارة” الذين يبادرون بالاتصال بالصحفيين بشكل “شبه رسمي” نيابة عن الوكالة المحظوظة، لتعبيد الأرضية وتبليط البساط لإنجاح مهمتها التي تقاضت عنها مبالغ مهمة من المال العام.
والمؤسف أن “مكالمات التواصل بالنيابة” التي يجريها موظفو “الإدارة” تتضمن وعودا بالإشهار والخير العميم في حالة التفاعل الإيجابي مع المكالمات اللاحقة للوكالة المحظوظة، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الحدود الفاصلة بين التنافسية والمنافسة غير المشروعة، وكذا مدى نجاعة هذه الوكالة التواصلية بدون الاستعانة بخدمات “الأغيار” أصحاب إغراءات “النشر مقابل الإشهار”.
ولفهم طريقة عمل مثل هذه الوكالات المحظوظة، يؤكد مصدر إعلامي بأنها تراهن على 2000 درهم “للراس”، وللأسف هذا هو التعبير المستخدم في “مارشي” الوكالات المحظوظة، أي تقديم قيمة هذا المبلغ الجزافي لمراسلي المنابر الإعلامية المختلفة بغرض التسويق لمحتوى تواصلي محدد سلفا، دونما حاجة للتعاقد في كثير من الحالات مع المنابر الإعلامية المشغلة للمراسل أو الصحفي المذكور.
ويضيف ذات المصدر، بأن هذه الطريقة المبتذلة مهنيا تمس بصورة الوسط الصحفي، وتساهم في إسفافه، وتخلف موعده مع التحديث والتطوير، وذلك لأن الوكالات المحظوظة تقوم باستخلاص أكثر من تسعين بالمائة من مبلغ الصفقة لفائدتها الشخصية ولصالح مسيريها الكبار، ولكم أن تتخيلوا قيمة مبالغ هذه الصفقات، وتعمد في المقابل إلى صرف حوالي سبعة في المائة لفائدة الصحفيين وإقامة حفلات الاستقبال والإيواء والإعاشة في الفنادق على شرفهم، بينما تخصص في الغالب القيمة المتبقية في حدود ثلاثة في المائة لصالح المؤسسات الصحفية والإعلامية، مما يحرم هذه الأخيرة من موارد كفيلة بتطوير أدائها وبنياتها.
وتخصيصا للسياق العام أعلاه، نؤكد بأن العديد من الصحفيين والمواقع الإخبارية الوطنية توصلوا مؤخرا “بمكالمات شبه رسمية” تبشر بالخير الوفير على يد الوكالة المعلومة بدعوى أنها ستتصل بهم للترويج للقاح مكافحة وباء كوفيد19!! فهل سلامة المغاربة وأمنهم الصحي بحاجة لوسيط تجاري تواصلي؟ وهل اللقاح الموعود يحتاج لوكالة “أمين ومن معه” لمصالحة المغاربة مع اللقاح المنتظر؟، وهل ميزانية الدولة قادرة على صرف ثمن هذه الصفقة في سياق الأزمة الحالية، مع العلم أن الصحفيين المغاربة برهنوا عن انخراط كبير ونكران للذات طيلة زمن الجائحة بدون حاجة لوسائط ولا سماسرة تواصل.
خلاصة القول، فإن أبلغ مثال شعبي مغربي ينطبق على وكالة التواصل المحظوظة هو “زيد الشحمة في ظهر المعلوف”.