هل تطلق تمثيلية منتخبي الصحراء في لجنة الـ24 دينامية تفعيل الحكم الذاتي؟
الدار / افتتاحية
بعد ما أعلنه الملك محمد السادس في خطابه الأخير حول إطلاق مشاريع المغرب الأطلسي في الصحراء ثم ما تلا ذلك من تنفيذ لعملية تطهير معبر الكركرات، بدأت الصورة الكاملة لمعالم المرحلة الجديدة في تدبير الملف تتشكل شيئا فشيئا. فالإضافة إلى الشقين الاقتصادي والأمني، يُقْدم المغرب في سنة 2021 على تعزيز هذه المرحلة على المستويين الدبلوماسي والسياسي. ومقدمة هذا التعزيز ظهرت من خلال ما أعلنه ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، وهو يتحدث عن الأهداف التي تسعى الدبلوماسية المغربية إلى تحقيقها خلال سنة 2021، موردا أن في مقدمتها “تكريس شرعية تمثيلية منتخبي الصحراء داخل الأمم المتحدة لجعلها ممارسة اعتيادية داخل لجنة الـ24”.
وتعتبر هذه الخطوة بمثابة إعلان رسمي عن استمرار تشبث المغرب بمبادرة التفاوض حول الحكم الذاتي، وطرحها كحل سياسي عادل ودائم للنزاع المفتعل. بل إن تكريس تمثيلية منتخبي الصحراء في اللجنة الأممية المذكورة يعتبر انطلاقة فعلية في تجربة تدبير سكان الصحراء لشؤونهم الذاتية في شقها الدبلوماسي المتعلق بعلاقاتهم مع المنتظم الدولي. إن ما أعلن عنه ناصر بوريطة الذي كان يتحدث خلال انعقاد لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج، يؤكد بالملموس أن السنوات القليلة المقبلة ستعرف تحولات عميقة وجذرية في مقاربة النزاع المفتعل تتجه نحو طيه بشكل نهائي، خصوصا بعد أن أظهرت أزمة الكركرات أن أوراق الانفصاليين والجزائر تساقطت ولم يعد أمامهم خيارات كثيرة للمناورة.
ففي بضعة أسابيع أطلق المغرب دينامية المشاريع الاقتصادية وقام بتطهير معبر الكركرات وتم تمديد الجدار العازل وافتتاح العديد من القنصليات والتمثيليات الدبلوماسية في الأقاليم الجنوبية، وتم التوقيع على اتفاق للصيد البحري مع روسيا يشمل الأقاليم الجنوبية. كل هذه المؤشرات أكدت أن المغرب يمارس سيادته الفعلية على أراضيه على الرغم من كل المحاولات الاستفزازية والخروقات التي مارسها الانفصاليون بتحريض من الجزائر. وإذا كنا من جانب ندعو إلى رفع سقف المواجهة مع الانفصاليين بسحب مبادرة التفاوض حول الحكم الذاتي، فعلى ما يبدو تمتلك الدبلوماسية المغربية موقفا مخالفا يراهن على تهيئة الأجواء السياسية المحلية والدولية لهذا الخيار، وربما السير فيه فعلا من جانب واحد دونما حاجة إلى اتفاق مع الجبهة الانفصالية.
وقد يبدو هذا الطرح وجيها من جهة تأكيده لحسن نية المغرب واستعداده للذهاب بعيدا في خيار الحكم الذاتي، خصوصا أمام المنتظم الدولي والأمم المتحدة، وفاء للالتزامات والاتفاقات التي تجمعه بها. وسيساعد حضور ممثلي الأقاليم الجنوبية في اللجنة الأممية في توسيع دائرة الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، وتوضيح الصورة الديمغرافية الحقيقية للوضع في الصحراء المغربية، خصوصا أن المغرب لا يزال يواصل المطالبة بتسجيل وإحصاء ساكنة تندوف، التي لا تمثل فعليا كل سكان الأقاليم الجنوبية.
ويندرج تعزيز حضور الصحراويين في اللجنة الأممية بشكل مكرس ودائم في إطار استراتيجية عامة نهجها المغرب في السنوات الأخيرة من أجل اقتحام مختلف الهيئات والمؤسسات الدولية بترشيح العديد من الكفاءات والشخصيات السياسية والاقتصادية والأكاديمية الوازنة. وتعد اللجنة الخاصة أو لجنة الأربعة والعشرين من بين هيئات الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم تأسيسها في سنة 1961 بغرض رصد تنفيذ الإعلان (قرار الجمعية العامة 1514) المؤرخ بـ14 دجنبر 1960.
وتستعرض اللجنة الخاصة سنوياً قائمة الأقاليم التي ينطبق عليها الإعلان وتضع توصيات بشأن تنفيذه. وهي تستمع أيضاً إلى بيانات من ممثلي الأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، وتوفد بعثات زائرة، وتنظّم حلقات دراسية بشأن الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في الأقاليم.