أخبار دوليةسلايدر

التونسيون منقسمون إزاء مكاسب الثورة بعد مرور 10 سنوات على سقوط نظام بن علي

يحتفل التونسيون الخميس بالذكرى العاشرة لسقوط نظام بن علي في 14 يناير 2011. وهي مناسبة لتقييم مكاسب الثورة ونقائصها. وبعدما تجولت فرانس24 في العديد من مناطق البلاد، كتطاوين وصفاقس والقصرين وتونس العاصمة، التقت ببعض المناضلين الذين شاركوا في الاحتجاجات التي وقعت قبل سقوط نظام بن علي. فكيف يرون نتائج ثورتهم بعد مرور 10 سنوات عن حدوثها وماذا تغير فيهم؟

عشرة سنوات مرت على سقوط نظام زين العابدين بن علي في 14 يناير2011.

الرئيس التونسي، الذي توفي في المنفى بالسعودية في 2019، حكم البلاد لمدة 23 عاما (1989 – 2011) بقبضة من حديد قبل أن تطيح به احتجاجات شعبية غير مسبوقة انطلقت من مدينة سيدي بوزيد إثر إضرام الشاب محمد البوعزيزي النار في نفسه بسبب قيام الشرطة بمصادرة الخضار والغلال التي كان يبيعها في السوق لكسب قوته.

وانتشر خبر إشعال البوعزيزي النار في نفسه ليصل إلى مختلف مناطق تونس التي ثارت بدورها، ليصبح هذا الشاب المنحدر من عائلة فقيرة رمزا للثورة التونسية كما أطلق عليها. هذه الثورة أنهت حكم الرئيس بن علي الذي وصل بدوره إلى السلطة بعد “انقلاب” سياسي ناعم على الرئيس الحبيب بورقيبة في 1989. ثم انتشرت إلى بلدان أخرى على غرار مصر وليبيا…

وسيبقى يوم 14 يناير 2011 محفوظا في ذاكرة التونسيين الذين خرجوا آنذاك بكثافة إلى الشارع للمطالبة برحيل النظام على الرغم من الانتشار المكثف وغير المسبوق لقوات الأمن التي استخدمت الرصاص والغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وتابع التونسيون بدهشة لحظة رحيل بن علي وعائلته على متن طائرة إلى السعودية ليعيش في المنفى إلى غاية وفاته في 19 شتنبر 2019.

فتلاشت هواجس الخوف وعمت الفرحة كل التونسيين الذين استعادوا كرامتهم بعد 23 عاما من الدكتاتورية والحكم السلطوي الذي فرضه بن علي اعتمادا على الاستخبارات الداخلية والشرطة السياسية وأجهزة الأمن.​

وشارك في الثورة تونسيون وتونسيات من جميع الأعمار والطبقات الاجتماعية، لا سيما الشباب والطلاب الذين كانوا حاضرين بقوة في الحراك التونسي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. من بيهم هاجر الغرياني ومحمد علي عبد الله ووديع الجلاصي وآخرون.

فرانس24 التقت هؤلاء النشطاء بعد مرور عشر سنوات على الثورة، فتطرقت إلى نضالهم ورصدت مواقفهم وآراءهم إزاء ما عاشوه، في ظل الوضع اليوم.

هاجر الغرياني (31 عاما)، محامية

“في 14 يناير 2011، شاركت في المظاهرة بشارع بورقيبة رفقة والدي وجدتي. كان عمري آنذاك 21 سنة وكنت طالبة في كلية الحقوق. كنت أشعر في الجامعة بأن شيئا ما سيحصل في البلاد بسبب الغليان السياسي الذي كان ظاهرا. لكن لم يتوقع أحد بأن نظام بن علي سيسقط بتلك السرعة. شاركت في الاحتجاجات للتعبير عن غضبي إزاء النظام السائد ولمساندة الحراك الاجتماعي الذي برز آنذاك.

قوات الشرطة طوقت المتظاهرين وبدأت تطلق الغاز المسيل للدموع. لكن هذا لم يمنع أن يسقط النظام وندخل في حقبة تاريخية وسياسية جديدة. اليوم وبعد مرور عشر سنوات، لا أستطيع القول بأن كل شيء سلبي… لا. فلقد أصبحنا نتمتع بالحرية وبالديمقراطية والانتخابات أصبحت شفافة وغير مزورة. حتى القوانين أصبحت أحسن وتحترم حقوق الإنسان، والمواطن التونسي أصبح يشعر بأنه يملك حقوقا سياسية ومدنية. لا أريد العودة إلى نظام بن علي أبدا. ربما كان الوضع الاقتصادي أحسن خلاله، لكن كنا نفتقد إلى الحرية والكرامة. من الناحية الاقتصادية، الثورة فشلت والأحزاب السياسية أصبحت تركض وراء مصالحها. لذا يجب تغيير المنظومة السياسية بأكملها”.

وديع الجلاصي (31 عاما)، ناشط في المجتمع المدني

“في 14 يناير 2011، كان الشعب التونسي كله موحدا. نزل إلى الشارع ليدافع عن حقوقه ضد غلاء المعيشة وغياب الحريات والكرامة. لم تكن هناك أحزاب ولا جمعيات”.

“الشعب كان يطالب بحكومة نظيفة وبرلمان نظيف. كان لدينا أمل كبير في أن تنجح تونس ونتقدم إلى الأفضل ونزيح الفقر والفساد والسرقة. قبل 14 يناير، خططنا لتنظيم مسيرة شعبية كبيرة بالرغم من أنه كان من الصعب أن نخرج إلى الشارع ونرفع شعاراتنا بسبب التواجد الكثيف لقوات الأمن. لكن على الرغم من ذلك تمكننا من عبور الحواجز الأمنية وأخذنا معنا اللافتات والتقينا كلنا في شارع بورقيبة. أخذت معي قفصا بداخله حمامة مسجونة، وعندما وصلت إلى شارع بورقيبة، أطلقتها وطارت”.

“الصورة كانت معبرة. دلالتها أن الشعب التونسي تحرر وخرج من القفص الذي وضعه فيه نظام بن علي. بعد 10 سنوات، أتذكر شهدائنا الذين قتلوا لكن ننعم اليوم بالحرية، وأتذكر تلك المرأة المسنة التي وقعت ضحية قوات الأمن الذين كانوا يضربونها ويتعدون عليها وأتذكر أيضا كلمة ’ارحل‘ التي كان يرددها كل الشعب”.

“شخصيا على الرغم من مرور 10 سنوات، بقيت ’ولد‘ الشعب وولد ’باب الله‘ (أي مواطنا عاديا بسيطا). أناضل من أجل بلادي وشهداءها. صحيح كنت أتوقع أن تتحسن تونس ويعم فيها الخير وتنتهي السرقة والرشوة والفقر، لكن للأسف وقع العكس. فالطبقة السياسية أصبحت فاسدة ونواب البرلمان يتعاركون فيما بينهم من أجل المناصب والامتيازات. لم يتحقق أي شيء بعد مرور 10 سنوات عن الثورة. بل بالعكس ازداد التهميش والفقر والهم. إذا استمرت الأوضاع على حالها، فستفيض براكين أكبر وأخطر من بركان 14 يناير 2011”.

محمد علي عبد اللوي (23 عاما)، طالب في كلية الحقوق

“خلال الثورة التونسية في 2011 كان عمري تقريبا 13 عاما. كنت تلميذا في المدرسة النموذجية بمدينة صفاقس. كان الوضع في المدارس متذبذبا بسبب المظاهرات التي كانت تنظم في جميع ولايات البلاد.

كنت أخرج إلى الشارع وأنضم إلى الاحتجاجات دون أن أعرف سبب هذه الاحتجاجات ومن كان ينظمها. كنت أيضا أنشط كثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي وأتقاسم الفيديوهات والاعلانات المؤيدة للثورة.

لكن كنت أناضل في الخفاء لأن عائلتي كانت ضد مشاركتي في التجمعات والمظاهرات بسبب صغر سني. كنت أضع موزة وقارورة ’كوكا كولا‘ في محفظتي وأذهب لأشارك في المسيرات. أتذكر شعارا كنت أردد دائما وهو “يا كمال يا مرجان يا عميل الأمريكان” (في إشارة إلى السياسي التونسي كمال مرجان).

“سقوط الرئيس بن علي كان بمثابة منعرج سياسي بالنسبة لي. ففهمت المقولة التي تقول بأن إرادة الشعوب أقوى من إرادة الحكام. بعد مرور 10 سنوات على الثورة، أشعر بأن الوضع الحالي أحسن من الماضي. أصبحنا نتمتع بالديمقراطية والحريات العامة والفردية محترمة وحرية التعبير والصحافة محفوظتان أيضا. أكثر من ذلك، الثورة علمتني أن أكون شجاعا ولا أخاف. وهذا مكسب كبير. اليوم أمامنا رهان واحد: إما أن نترك البلاد في يد الإسلامين والموالين لهم لكي يعبثوا بها، أو نتوحد كلنا وننقذها”.

المصدر: الدارأف ب

زر الذهاب إلى الأعلى