فرنسا..حقوقيون يرفضون استخدام القوة لإعادة القاصرين المغاربة والداخلية الفرنسية تطمئن
الدار / خاص
توصلت جمعية فرنسية بشكل غير رسمي، بنسخة من الوثيقة الرسمية المتعلقة بالاتفاقية، التي وقعتها وزارة الداخلية الفرنسية ونظيرتها المغربية لإعادة الأطفال القاصرين غير المصحوبين إلى ديارهم، الذين يعيشون وضعاً مأساوياً في مختلف المدن الفرنسية.
وذكر الموقع الاخباري “infomigrants” أنه بالرغم من عدم نشر نص الاتفاق الذي وقعته فرنسا والمغرب الشهر الماضي، والذي ينص على تسهيل عودة القاصرين المهاجرين غير المصحويين، نشرت إحدى الجمعيات وثيقة مسربة تتعلق بالاتفاق.
وأضاف أن الأمر يتعلق بجمعية جيستي Gisti المعنية بتقديم المساعدة القانونية للمنفيين، التي نشرت وثيقة سُربت إليها في 12 يناير الجاري، بعنوان ”مخطط إجراءات لرعاية القاصرين المغاربة غير المصحوبين بذويهم“، وُضعت في أكتوبر عام 2019 وتحدد الإطار القانوني للتعاون بين البلدين.
واعتبرت الجمعية المذكورة، الوثيقة بـ”مثيرة للقلق لأسباب عدة” فهي تُنبئ بتنظيم عودة للمهاجرين القاصرين دون موافقتهم أو من دون طلب عائلاتهم، كما تتضمن احتمال استخدام القوة لتنفيذ تلك العودة. ومما تضمنته الوثيقة “أن الوسائل السابقة تطبق على من يعانون أوضاعا صعبة ومن لم يكن من الممكن إقناعهم بالعودة ولم تستطع الخدمة المسؤولة عنهم تنفيذ إجراء الإعادة بطرق أخرى”.
وأوضح المحامي في جمعية “جيستي”، جون فرنسوا مارتيني، لموقع “informigrants” أنه “لا يجب ترحيل المهاجرين القاصرين باستخدام القوة” مبديا اعتراضه على الأمر وعلى موضوع ”وجود إجراء سلطوي للترحيل“ وعلق بالقول ”تحت غطاء تولي أمر القاصرين في خطر من قبل قاضي الأطفال l’assistance éducative، السلطات في صدد ابتكار إجراء خفي لترحيل القاصرين الأجانب، يستهدف حاليا القاصرين المغاربة ولكننا نخاف من أن يستهدف بعد ذلك قاصرين من بلدان أخرى”.
وفي مواجهة الأمر، تفضل وزارة الداخلية الفرنسية التحدث عن إجراء يتيح نقل القصر عبر الحدود “placement transfrontalier de mineur” وتقول إن المخطط الفرنسي المغربي يندرج ضمن اتفاق 19 أكتوبر 1996 المتعلق بحماية الأطفال والمرتبط بالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
وأضافت وزارة الداخلية الفرنسية أن كل هذا يرتكز على قانون قائم ولم يتم اختراع شيء، وأن الفكرة من الإجراء التنظيمي هي تحديد الترتيبات العملية التي تمكن قاضي الأحداث من إعداد قراره واتخاذه وضمان تنفيذه. وتقتضي أن تتولى رعاية هؤلاء الأطفال في بلدهم الأصلي المؤسسات المعنية بحماية الطفولة أو عائلته، وفق ما تتطلبه المصلحا العليا للقاصر.
وأكدت الوازرة أن الاتفاق الفرنسي المغربي لم يتضمن إنشاء أي نص جديد في القانون، عدى موضوع تولي قاضي الأطفال حماية القاصرين في خطر أو ما يطلق عليه بالفرنسية l’assistance éducative. “للقاصر حق الاستعانة بمحامي واستئناف القرار، في المقابل من الممكن ألا يقبل القاضي رفض القاصر للعودة وذلك لن يمنع الإعادة، إلا أن القاضي سيسعى دائما أن يحصل على موافقة القاصر وسيحكم لمصلحته”.
وتؤكد وزارة العدل الفرنسية “أن هناك اتفاقات مبرمة مع المغرب لتسوية مسائل الإجراءات الجنائية، وأن الاتفاق الجديد هو جزء من عملية حماية الطفل. ومع ذلك، يوصى بإلغاء الإجراءات الجنائية الحالية أو إغلاقها قبل إيداعها”.
ومع ذلك، تعتبر جمعية “جيستي” أن الضمانات ضئيلة، حيث يؤكد جون فرنسوا منتقدا افتقار الحكومة الفرنسية للشفافية “نعلم أن قاضي الأطفال المغربي لا يتدخل إلا في القضايا الجنائية، فكيف سيتعاون مع نظيره الفرنسي في موضوع حماية القاصرين من الخطر؟ كيف نتأكد من ظروف عودة القاصرين إلى بلادهم؟”.
وبالعودة إلى الوزارة، فإن فرنسا مثل المغرب وقعت على اتفاق العام 1996 الخاص بحماية الطفولة لذا هناك ضمانات أكيدة، وفق ما تقول الوزارة “إن دعوة حماية الطفولة تندرج تحت قانون العقوبات في المغرب، فعلى قاضي الأطفال في المغرب أن يكون مختصا بالدعاوى المدنية والجنائية للقاصرين، توافقا مع المعايير الدولية”.
وتفصّل وزارة العدل الفرنسية أن نص الاتفاق لم يطرح للعامة لأنه لم يرسل بعد إلى القضاة المعنيين والذين سيتلقون ملاحظات دقيقة متعلقة بالموضوع والإجراءات، مشيرة إلى أن المغرب هي المعني الأول والأخير بالاتفاق وهناك إمكانية تكراره مع دول أخرى لن يتم ذكرها في هذه المرحلة.
أوليفيه بيرو، من جمعية تراجيكتوار “Trajectoires” التي تحاول مساعدة القاصرين المهاجرين، أوضح لموقع “infomigrants” أن “وجود القاصرين المشردين غير المصحوبين بعتبر ظاهرة جديدة في فرنسا منذ عام 2017 على الرغم من كونه أمر ليس بغريب في كل من إسبانيا والسويد وإيطاليا وبلجيكا التي شهدت ظاهرة تجول المهاجرين القاصرين”.
وأضاف، “هناك صعوبة في التواصل معهم، فهم أطفال عاشوا في الشوارع لفترة طويلة، ولم يصبحوا مرتكبي جنح في المنفى، فهم عاشوا لوحدهم في شوارع المغرب”.
ووقعت وزارة الداخلية الفرنسية ونظيرتها المغربية سنة 2019، اتفاقا انتقلَ بموجبه أربعة شرطيين مغاربة إلى فرنسا، وبالضبط إلى منطقة “لاغوت دور” بباريس، حيث يتجمع هؤلاء الأطفال. وتروم الاتفاقية المعروفة باسم “الترتيبات الإدارية لتعزيز التعاون في الاشتغال الأمني” مكافحة الهجرة غير القانونية والجريمة المنظمة، وتشمل تبادل الخبرات الفنية والعمل الميداني.