أخبار الدارسلايدر

مصدر قضائي.. يرد على مزاعم منظمة “فري بريس أنليمايتد”

طالبت منظمة “فري بريس أنليمايتد” الهولندية من السلطات المغربية “تبرئة المعطي منجب من كل التهم الموجهة إليه، بدعوى أن جميع معاملاتها المالية مع المعني بالأمر كانت سليمة”، داعية بذلك إلى إسقاط تهمة ” اختلاس الأموال” عن صاحب مركز ابن رشد للدراسات والتواصل.

وقد حمّل العديد من الأشخاص والجهات هذه التصريحات أكثر مما تحتمل قانونيا وقضائيا واصطلاحيا، إذ اعتبروها بمثابة “صك براءة” أو “دليل مادي” موجب لتبرئة المعطي منجب. فقد كتب إسماعيل عزام، وهو صحفي مغربي بألمانيا، تدوينة فايسبوكية يطالب فيها بإطلاق سراح المعطي منجب، مستندا في ملتمساته إلى “شفاعة هذه المنظمة المدنية الأجنبية”، بينما اعتبر عبد الصمد أيت عيشة، وهو زميل المعطي منجب في مركز ابن رشد، بأن “أفضل جواب للأشخاص الذين يقولون بأن المعطي منجب اختلس أموال المساعدات الخارجية هو بيان منظمة فري بريس الشريك الرئيسي لمركز ابن رشد”.

وفي جوابه على هذا الموضوع، أوضح مصدر قضائي بأن مثل هذه التصريحات والشفاعات تفتقد للتقعيد التشريعي السليم، وتتحكم فيها الانطباعات الذاتية وليس الحجج القانونية، كما أنها تنطلق من جهل مركب ومزدوج: الجهل بوقائع وحيثيات الملف الذي يتابع من أجله المعطي منجب من جهة، والجهل بالمقتضيات والأحكام القانونية المنظمة لجرائم غسل الأموال من جهة ثانية.

فالمعطي منجب، يضيف المصدر القضائي، يخضع حاليا ” لمجريات التحقيق الإعدادي، للتحقق من ثبوت شبهة غسل الأموال التي شكلت موضوع تصاريح بالاشتباه صادرة عن الأشخاص الخاضعين للقانون. وبالتالي، فإن السيد قاضي التحقيق المختص نوعيا ومكانيا هو المؤهل وحده، في هذه المرحلة من مراحل الدعوى العمومية، بإصدار الأمر بالمتابعة أو عدمها بناءً على ما يتوفر لديه من وسائل الإثبات” طبقا للمواد 216 و217 و218 من قانون المسطرة الجنائية.

وتأسيسا على هذه المقتضيات القانونية، يوضح ذات المصدر، فإن المطالب الموجهة ” للسلطات المغربية” من أجل “تبرئة المعطي منجب” أو تقرير “إسقاط التهم عنه” هي ضرب من ضروب “الشعبوية القانونية”، و”تدخل مرفوض في عمل القضاء”، نظرا لأن أحكام ومقررات “البراءة” إنما هي قرارات قضائية ينطق بها قضاة الأحكام وليس السلطات العمومية أيا كانت طبيعة ونوعية هذه السلطات. كما أن قاضي التحقيق، المختص في هذه المرحلة من مراحل الخصومة الجنائية ، ليس من صلاحياته النطق بالبراءة وإنما إصدار أوامر وقرارات محددة بموجب قانون المسطرة الجنائية.

وأردف المصدر القضائي تصريحه بأن ” المعطي منجب وشقيقته غير متابعين قضائيا بتهم اختلاس أموال ومساعدات مالية أجنبية، كما جاء ذلك بشكل مشوب بالخطأ والتحريف في تصريحات بعض الأشخاص والمنظمات المدنية الأجنبية، وإنما يشكلان حاليا موضوع مطالبة بإجراء تحقيق من أجل جرائم غسل الأموال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في المواد 574/1 و574/2 و574/ 3 من مجموعة القانون الجنائية”.
واستنادا لهذه المواد والمقتضيات القانونية، فالعبرة بقيام العناصر التأسيسية لجرائم غسل الأموال هي بمدى ارتكاب المعطي منجب وشقيقته لأفعال “استبدال أو تحويل أو نقل ممتلكات أو عائداتها بهدف إخفاء أو تمويه طبيعتها الحقيقية، وهل باستطاعتهما تبرير الأموال المكتسبة من طرفهما وتحديد مصدرها وإبراز مدى اتساقها مع وضعياتهما الاجتماعية ومداخيلهما المالية”.

وبخصوص هذه النقطة الأخيرة، يتساءل المصدر القضائي ” لئن كانت منظمة فري بريس أنليمايتد تزعم ببراءة ذمة المعطي منجب، فهل يمكنها أن تقدم كشفا دقيقا بالأموال والمساعدات التي قدمتها لمركز ابن رشد طيلة مدة التعاون المشترك بينهما، مشفوعا بسجلات محاسبية لمآلات صرفها وكيفية التصريح بها للأمانة العامة للحكومة؟ كما ينص على ذلك القانون وتقتضيه التوصيات الدولية لمجموعة العمل المالي. وإذا كانت هذه المنظمة تدعي بياض سجل المتهم الأول فكيف يمكنها تبرير الأموال والودائع المسجلة في الحسابات البنكية العديدة المفتوحة باسم شقيقته وهي المتهمة الثانية في الملف؟ وكيف لها أيضا أن تبرر العقارات التي اقتنتها هذه الأخيرة، بودائع مدفوعة من شقيقها، رغم أنها تعمل مدرسة في مؤسسة تعليمية خصوصية بمدينة ابن سليمان؟

وختم المصدر القضائي تصريحه بأن ” براءة أو إدانة المعطي منجب وغيره من المتهمين يقررها قضاة الأحكام، بعد تكوين قناعاتهم الأصيلة، التي يستندون فيها إلى الحجج المادية، والأدلة العلمية، ونتائج الإنابات القضائية الوطنية والدولية، وبعد الإطلاع على التصاريح بالاشتباه وأقوال المتهمين وافتحاص الحسابات البنكية. أما ما دون ذلك من مزاعم وادعاءات وشفاعات ذاتية، فتبقى مجرد تراشق كلامي موغل في الشعبوية لا يعتد به القضاء ولا يرتب عليه أي جزاء قانوني أو مسطري”.

زر الذهاب إلى الأعلى