شهادات ضحايا بوعشرين تفضح “ازدواجية” خطابات منجب والرياضي وغالي حول حقوق الانسان
الدار / تحليل
أماطت كل من أسماء لحلاوي، وسارة لمرس، ونعيمة الحروري، ضحايا الصحافي توفيق بوعشرين، اللثام عن حجم المعاناة التي تكابدهن في صمت، وذلك خلال ندوة صحفية نظمتها، اليوم الخميس، “هيئة الدفاع عن ضحايا الاغتصاب الجنسي” بالعاصمة الرباط.
وبقدرما كشفت تصريحات الضحابا ما يعتمل في دواخلهن من آلالام ومعاناة جراء ما تعرضن له، على حد قولهن من “تنكيل” و”تضييق” في ملف الإغتصاب المدان فيه مؤسس جريدة “أخبار اليوم”، بقدرما أزاحت هذه التصريحات الستار عن ازدواجية مواقف بعض الجمعيات والحقوقيين، الذين يدعون زورا وبهتانا، الدفاع عن حقوق الانسان، ويرفعون شعارات مناصرة المضطهدين والمظلومين.
وفي وقت كان ينتظر فيه من المعطي منجب، المفرج عنه بسراح مؤقت، مؤخرا، الاصطفاف الى جانب ضحايا الصحافي توفيق بوعشرين، من منطلق انساني محض بعيدا عن أجندة الجمعيات والمنظمات الحقوقية، اختار منجب الترويج لمزاعم وأضاليل مباشرة بعد خروجه من السجن بسراح مؤقت، مدعيا أن ضحايا الصحفي توفيق بوعشرين هن صنيعة لـ”بنية سرية”، يمتزج فيها القضاء والأمن والصحافة، وهو ما اعتبرته “هيئة الدفاع عن ضحايا الاغتصاب الجنسي”، على لسان المحامي عبد الفتاح زهراش، “تصريحات مسيئة للضحايا، مؤكدا بأنه “سيتم رفع دعوى قضائية دولية بالتشهير ضد المعطي منجب”.
وتناسى المعطي منجب، الذي يقدم نفسه كـ”مؤرخ سياسي”، أن السرية الوحيدة التي كانت حاضرة في قضية الصحافي توفيق بوعشرين، هي انفراده وتمثيله بشرف الضحايا فوق أريكة معزولة في الطابق العلوي من عمارة الأحباس بالدار البيضاء.
خديجة الرياضي، هي الأخرى التزمت الصمت تجاه ما تكابده ضحايا توفيق بوعشرين من معاناة نفسية، اذ فضلت الانسياق وراء خطاب “المؤامرة” ضد بوعشرين والصحافة المغربية، وهو الخطاب الذي ظلت أطراف عدة تروج له، ولم تنتصر لقضايا حقوق الإنسان والمرأة، بل و اختارت التحيز في تأويلها للقرار الأممي بخصوص إنصاف ضحايا توفيق بوعشرين.
وعلى نفس منوال المعطي منجب، وخديجة الرياضي، سار زميلهم، عزيز غالي، الذي يدعي الدفاع عن حقوق الانسان، في إطار “الجمعية المغربية لحقوق الانسان، اذ اعتبر أن “الرأي العام تم تضليله في قضية الصحافي توفيق بوعشرين”، عازفا هو الآخر على وثر “مظلومية” المدان، مفضلا الاستثمار السياسي في قضايا حقوقية تتطلب أقصى درجات الموضوعية والتجرد والتحيز كيف ما كان الطرف المدان فيها.
وكسرت ضحايا بوعشرين اليوم الخميس بالرباط، جدار الصمت، وفضلن البوح بما يكابدهن من معاناة نفسية من جراء الاعتداء الجنسي الذي تعرضن له، وآثاره النفسية والمعنوية والمادية، التي لازالت جروحها لم تندمل بعد.
هذه التصريحات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن ازدواجية خطابات المدافعين عن حقوق الانسان، في المغرب، لابد لها أن تنكشف أمام معاناة ضحايا الاعتداءات الجنسية، سواء في ملف ضحايا بوعشرين أو غيره.
واذا كان المعطي منجب وخديجة الرياضي وعزيز غالي، وغيرهم ممن يدعون الدفاع عن حقوق الانسان، قد اختاروا منذ تفجر هذا الملف، التشكيك في مصداقية المؤسسات الوطنية، وضرب في استقلالية القضاء، وتشكيك في الأفعال الإجرامية، وهو ما يجرمه القانون الجنائي المغربي والقوانين الدولية، فان تصريحات الضحايا، اليوم، تكشف أن هناك فئة من أشباه الحقوقيين الذين يفضلون الاستثمار السياسي في قضايا حقوق الانسان، وتبني ازدواجية المواقف.
ان منجب وخديجة الرياضي وعزيز غالي، يدافعون بتصريحاتهم المناوئة لضحايا الصحافي توفيق بوعشرين، عن الاغتصاب والاتجار بالبشر وهتك العرض، بل ويذهبون حد شرعنة واستباحة هذه الجرائم وتشجيع إفلات مرتكبيها من العقاب والتشهير بالضحايا، تحت مبررات واهية ووهمية تتمثل الدولة ومؤسساتها كـ”بنية سرية” تلفق التهم، وتفبرك الملفات.
فبغض النظر عن انتمائهم الحقوقي، ألم يجدر بالمعطي منجب، وخديجة الرياضي، وعزيز غالي، أن يعلنوا عن تضامنهم مع ضحايا توفيق بوعشرين، من منطلق انساني محض، بحكم أن هن في آخر المطاف، ضحايا ممارسات مهينة حاطة بالكرامة الإنسانية بعيدا عن خطابات “التشكيك” و “المؤامرة” و “المخزن” و “المظلومية”.
وعرفت الندوة الصحفية، التي نظمتها “هيئة الدفاع عن ضحايا الاغتصاب الجنسي”، اليوم الخميس بالرباط، تقديم شهادات مؤثرة وصادمة لعدد من ضحايا الاعتداءات الجنسية من طرف توفيق بوعشرين، وهن أسماء حلاوي وسارة لمرس ونعيمة لحروري، وكذلك شهادة لحفصة بوطاهر، التي تتهم الصحفي عمر الراضي بالاعتداء عليها جنسيا، حيث حكين عن معاناتهن اليومية جراء هذه الاعتداءات، وتداعياتها على حياتهن المهنية والاجتماعية والشخصية، وآثارها المعنوية والمادية.
واغتنمت الضحايا، الفرصة خلال الندوة الصحفية، للتنديد بالتشهير الذي يتعرضن له من قبل بعض الجهات، وبالتشكيك في صفتهن كضحايا اعتداءات جنسية، مؤكدات أنهن اخترن اليوم تقديم شهادتهن من أجل كسر الطابوهات الاجتماعية المرتبطة بالاعتداءات الجنسية، داعيات جميع الضحايا لتقديم الشكاوى ضد من اعتدى عليهن وعدم التزام الصمت عن هذه الجرائم الشنعاء.