تقنين القنب الهندي : ورش يتيح إمكانات كبيرة في خدمة فلاحة مستدامة
لم يعد استعمال القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية محظورا في العديد من بلدان العالم، لما يتيحه من آفاق تنموية واعدة على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، فضلا عن إرساء أسس ممارسة تحترم معايير الفلاحة المستدامة.
وقد قام المغرب بخطوة مهمة في هذا المجال، من خلال مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، والذي يناقش حاليا أمام لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس النواب.
وكشفت دراسة أعدتها وزارة الداخلية تم تقديمها، أمس الثلاثاء، أمام اللجنة، الفوائد التي يمكن أن تجنيها المملكة من الاستعمال المشروع للقنب الهندي، بالنظر للمؤهلات الطبيعية والبشرية التي تتوفر عليها، وكذا لقربها من أوروبا، السوق الرئيسية في هذا المجال بالنسبة لها.
وفي هذا الإطار، أكد رئيس اللجنة، هشام المهاجري، على أهمية هذا اللقاء الدراسي، والذي مكن من تسليط الضوء على آفاق مشروع القانون وآثاره على ساكنة المناطق المعنية، فضلا عن التوقعات بشأن رقم المعاملات التي يمكن أن يحققها.
وأضاف في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن النواب البرلمانيين اطلعوا، خلال هذا اللقاء، على مشروع القانون المتعلق بالاستعمال المشروع للقنب الهندي بأبعاده المختلفة، مشددا على أن المشروع ” لا يتناول ما هو ترفيهي “.
ولفت إلى أن ” الأمر يتعلق بمشروع قانون سيؤطر الاستعمالات المشروعة للنبتة في مناطق جد محددة “.
من جهته، قال رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، مصطفى الإبراهيمي، إن هذه الدراسة، التي تم تقديمها، توقفت عند العديد من الأبعاد المتعلقة بمشروع القانون المتعلق بالاستعمال المشروع للقنب الهندي.
وتابع الإبراهيمي، في تصريح مماثل، أن الوثيقة تعرض السبل الكفيلة بتطوير الاستخدام المشروع للقنب الهندي وتعالج الجوانب الطبية والصناعية.
واستعرضت هذه الدراسة الحالة الراهنة لزراعة القنب الهندي بالمملكة، مقدمة عددا من المعلومات مدعومة بأرقام وإحصائيات حول مختلف جوانب الموضوع.
فبدءا من انتقال المساحات المزروعة من حوالي 130 الف هكتار في بداية سنوات 2000 إلى أقل من 50 ألف هكتار في السنوات الأخيرة، مرورا بالتفاوتات المسجلة على مستوى دخل المزارعين، فإن نشاط زراعة القنب الهندي في شكله الحالي مهدد بالزوال على المدى القريب.
ويرجع ذلك إلى كون تقنين القنب الطبي والترفيهي، الجاري حاليا في أوروبا والذي من المنتظر أن يشمل معظم أرجاء القارة في غضون السنوات العشر القادمة، يهدد سوق تصدير منتوج الزراعة غير المشروعة بالزوال .
بالإضافة إلى ذلك، فإن النشاط بشكله الحالي يعتبر مدمرا للبيئة على أكثر من صعيد وخاصة من خلال الاستغلال المفرط للأراضي الزراعية، بسبب التخلي عن التناوب الزراعي، واستنزاف المياه الجوفية مع العلم أن هذه المنطقة تستقبل أكبر قدر من الأمطار على المستوى الوطني، والاستعمال المفرط للأسمدة الذي يلوث المياه الجوفية، فضلا عن اجتثاث الغابات، حيث يقد ر الغطاء الغابوي المدمر بألف هكتار في السنة.
بالمقابل، وفي إطار استعمال القنب الهندي الطبي، فإن الدخل الصافي للهكتار يمكن أن يصل إلى حوالي 110 ألف درهم سنويا، أي بتحسن قدره حوالي 40 بالمائة مقارنة مع أعلى مستوى للدخل الحالي، وذلك في إطار ممارسات تحترم مواصفات الزراعة المستدامة.
وفي ما يتعلق بتوقعات حصة الإنتاج المغربي في السوق الأوروبي، فقد تم تحديد أهداف الصادرات المغربية من القنب الهندي للاستخدام القانوني في أوروبا بحلول عام 2028، حسب هذه الوثيقة، وفقا لفرضيتين، تتعلق الأولى بفرضية منخفضة تهم استهداف 10 بالمائة من سوق القنب الهندي الطبي (42 مليار دولار)، وهو ما يمثل يعادل 4،2 مليار دولار، ويمثل مداخيل فلاحية سنوية بحوالي 420 مليون دولار.
أما الفرضية الثانية (مرتفعة)، فتتعلق بـ15 بالمائة من سوق القنب الهندي الطبي المستهدف، وهو ما يعادل 6،3 مليار دولار، ويمثل مداخيل فلاحية سنوية بحوالي 630 مليون دولار، وهو ما سيمكن من تجاوز حجم المداخيل الفلاحية الاجمالية الحالية (حوالي 400 مليون دولار سنويا)، خاصة وأن هذه المداخيل المرتقبة لا تأخذ بعين الاعتبار عائدات زراعة و تحويل القنب الهندي لأغراض صناعية.
وبخصوص الأسواق التي يمكن استهدافها بالنسبة للمملكة، فتشير الوثيقة إلى أنه نظرا لمعايير إمكانية التصدير وسهولة ولوج الأسواق من جهة، وكذا العوامل المتعلقة بتوقعات تطور الاستهلاك وحجم الواردات من جهة أخرى، يعتبر السوق الأوروبي، السوق الرئيسي بالنسبة للمغرب.
وعلى مستوى الوضع التشريعي الحالي، يضيف المصدر، فإن الأسواق ذات الأولوية للقنب الهندي المغربي الطبي هي إسبانيا وهولندا والمملكة المتحدة وألمانيا، مع توقعات بقيمة 25 مليار دولار سنويا في عام 2028، مسجلا أنه ” إذا تم أخذ إمكانات أسواق فرنسا وإيطاليا في الاعتبار، فهذا يعزز حجم السوق المحتمل بمقدار 17 مليار دولار (ليصل الى 42 مليار دولار).
المصدر: الدار– وم ع