أخبار الدارسلايدر

هل صدمت تعهدات أخنوش قيادات حزب العدالة والتنمية؟

الدار/ افتتاحية

من الواضح أن رد الفعل الذي عبر عنه بعض قياديي حزب العدالة والتنمية في مدينة أكادير يظهر قدرا كبيرا من التوتر وفقدان الثقة والإحساس بسخونة المعركة الانتخابية المقبلة. التعهدات التي أطلقها رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش يوم الخميس الماضي بأكادير، وضعت قيادة البيجيدي في حرج كبير، بل ظهر الإسلاميون كمن فقد البوصلة السياسية وهم يبحثون عن ردود مناسبة من حجم الأرقام والمعطيات التي يعلنها حزب التجمع في لقاءاته التواصلية الأخيرة. وبدلا من تقديم وعود مماثلة أو برامج ومشاريع قريبة، يتقوقع قياديو العدالة والتنمية وراء الهجوم الشخصي على قيادة التجمع الوطني للأحرار واستثمار الدعاية حول توظيف المساعدات الاجتماعية رغم أن وزارة الداخلية حسمت الموضوع تحت قبة البرلمان وأعلنت عن عدم وجود أي شبهة أو أدلة على ذلك.

لا بد من الإقرار هنا بأن ما قدمه حزب التجمع الوطني للأحرار من أرقام وبرامج مثل خلق مليون فرصة عمل وتخصيص منحة 1000 درهم لكل من لا يمتلك معاشا، تعتبر مفاجأة غير سارة تماما بالنسبة لحزب العدالة والتنمية. نحن نتحدث عن حزب عمل خلال ولايتين متتاليتين على إخلاف كل وعوده الانتخابية التي بدأ بها مسيرته في الحكم منذ 2012. حينها كان عبد الإله بنكيران قد أطلق الكثير من الوعود عن تخصيص الدعم المالي للفقراء والرفع من المعاشات وغيرها. لكن التجربة الحكومية للإسلامية أثبتت عكس هذه الوعود. تم إقرار إصلاح لنظام المعاشات أثار الكثير من التخوفات والغضب في أوساط الموظفين. كما أن حكومتا العدالة والتنمية كانتا وراء تقليص مخصصات الدعم التي كانت تقدم للكثير من المواد الأساسية وعلى رأسها المحروقات.

من الطبيعي إذن أن يمثل التعهد الذي أطلقه عزيز أخنوش صدمة بالنسبة للوزير عزيز رباح الذي تكلف في أكادير بالرد بقدر كبير من التوتر والعصبية، بل والتهريج أحيانا، على كل هذه المشاريع. كان شباب العدالة والتنمية المجتمعون في أكادير ينتظرون من الوزير الشاب أن يقدم تصورات جديدة عن مغرب ما بعد جائحة كورونا، وعن أساليب وطرق توزيع الثروة على المواطنين، بعد الخروج من الأزمة الصحية. لكن الخطاب السياسي للحزب يبدو أنه أصبح عالقا تماما في فخ المواجهة بدل نهج طرح البدائل. من يسمع عزيز رباح يتحدث في أكادير قد يعتقد أنه يمثل حزبا معارضا، بينما يمثل حزب التجمع الوطني للأحرار حزبا يقود الحكومة. والحال أن حزب التجمع ليس سوى حليف للعدالة والتنمية الذي يرأس الحكومة ويمتلك أكبر حصة من حقائبها الوزارية.

ومن المؤكد أن استمرار الإسلاميين في حملتهم الانتخابية والتواصلية على هذا النهج وتصور عزيز أخنوش في شكل العدو الذي ينبغي إسقاطه، ليس في مصلحة الحزب بتاتا. ما ينبغي إسقاطه حقيقة ليس هو شخص هذا السياسي أو ذاك، وإنما ادعاءات الطهرانية المتواصلة، التي لم تعد تمثل أبدا رصيدا سياسيا يمكن المراهنة عليه في المرحلة القادمة.

خطاب نقاء اليد وصفاء السريرة لم يعد مقنعا بالنسبة للناخب المغربي. الناخب المغربي اليوم يخرج من أزمة صحية واجتماعية مدمرة، تدفعه إلى الاقتناع تماما بأن السياسي الأجدر بالحكم والحصول على أصوات الناخبين هو ذلك السياسي الذي سيقدم البدائل الاقتصادية والاجتماعية، التي تضمن له الحد الأدنى من العيش الكريم وفرص التمتع بنصيب معين من الثروة الوطنية. ماذا قدم الإسلاميون لشريحة واسعة من الموظفين يمثلها الأساتذة غير الهشاشة المبنية على نظام التعاقد؟ هل سيمتلكون الجرأة ذاتها التي امتلكها أخنوش وهو يتعهد بزيادة الأجور بنسبة 50 في المائة؟ هذه هي المنافسة الحقيقية التي يمكن أن تضع أي حزب في موقع التقدير الانتخابي.

زر الذهاب إلى الأعلى