أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: لمن ولماذا يجب أن نسارع إلى التصويت في انتخابات 8 شتنبر؟

الدار/ افتتاحية

العزوف لن يخدم إلا الوضع القائم. تقاعس الناخبين عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع يوم 8 شتنبر سيكرس الواقع القائم على مستوى الخريطة الانتخابية ولن يغير من التوازنات الحالية شيئا. التيار المستفيد من العزوف الانتخابي معروف وله سوابق في مسألة اقتناص المقاعد بالحد الأدنى من الأصوات. حزب العدالة والتنمية انتزع رئاسة الحكومة الحالية بمليون و600 ألف صوت في انتخابات 2016. ماذا يمثل هذا الرقم من 14 مليون مواطن يشكلون الكتلة الناخبة؟ وماذا يمثل من أكثر من ثلاثين مليون مغربي؟ طبعا نسبة هزيلة لا يمكن أن تمثل شرعية حقيقية للحزب الحاكم، ومع ذلك استفاد حزب العدالة والتنمية من تدني نسب المشاركة ليحصل دستوريا وقانونيا على السلطة.

إذا استمر العزوف الانتخابي في انتخابات 8 شتنبر فسيتكرر بالضرورة السيناريو ذاته، أي أن يفوز حزب العدالة والتنمية بالحد الأدنى من الأصوات لأن لديه قاعدة من المنخرطين والمتعاطفين المجندين انتخابيا والذين يلتزمون برفع الاستحقاقات الانتخابية وتحدياتها. في المقابل فإن الأحزاب السياسية الأخرى التي على الرغم من اجتهاداتها على مستوى صياغة البرامج وخوض الحملة الانتخابية، لا تزال تحاول اكتساب الناخبين من العموم ولا يمكنها أن تراهن على الكتلة التي يمثلها المناضلون باعتبار أنها ليست وازنة ولا بنفس الدرجة من التنظيم والاهتمام.

لذلك فإن الناخبين يمثلون في انتخابات 8 شتنبر العامل الأكثر تأثيرا وحسما. بإمكانهم اليوم إذا ما أقبلوا على صناديق التصويت بكثافة أن يغيروا دفة الاختيار والقرار السياسي، ويقلبوا الطاولة رأسا على عقب. إذا كان الناخبون يريدون التغيير المنشود والخروج من نفق سنوات تميزت بقدر كبير من الضغط الاجتماعي والليبرالية الموجعة وتراجع دور الدولة في رعاية المواطنين، فإن الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك هي العودة بقوة إلى صناديق الاقتراع وأداء الواجب الانتخابي. الغياب والعزوف سيؤدي حتما إلى عودة الوجوه ذاتها إلى السلطة والحكومة، وربما الاستمرار في السياسات ذاتها التي تراهن على إنقاذ المالية العمومية على حساب المواطنين.

هذا يعني أن المرشح المثالي في الظرفية الاقتصادية والاجتماعية الحالية ليس هو هذا الذي يقدم خطابا أخلاقيا متجاوزا، وإنما هو ذلك المرشح أو الحزب الذي يقدم أفكارا وحلولا من خارج الصندوق. يطرح بدائل لتجاوز محنة الولايتين الحكوميتين المنصرمتين اللتين تميزتا باعتداء شنيع على القدرة الشرائية للمغاربة سواء من الموظفين أو حتى من الشرائح الفقيرة، مع تقديم وعود لا حصر لها بدعم هذه الفئات دون أن يتحقق شيء من ذلك. هل يعقل أن يستمر الناخبون في التصويت على حزب أو مرشح يعتبر أن توظيف الآلاف من الموظفين وفقا لنظام التعاقد يعتبر إنجازا من إنجازات حكومته؟ أو يظن أن تخصيص 100 درهم في الشهر لكل تلميذ في إطار برنامج دعم التمدرس يعتبر أيضا ثورة في المجال الاجتماعي؟

نحن اليوم في حاجة إلى جيل جديد من الإصلاحات والمقترحات الوازنة والثورية المؤثرة على حياة الناس وعلى معيشهم اليومي. المغاربة اليوم يريدون برنامجا حكوميا سينقلهم فعلا من حالة الفقر والخصاص والهشاشة إلى حد أدنى من الاستقرار الاجتماعي والاستجابة للاحتياجات الأساسية. لن يجد الناخبون الكثير من البرامج الانتخابية التي تحمل مثل هذه المقترحات وتقدمها بشكل مفصل، فجل الأحزاب السياسية لم تجتهد كثيرا في بلورة برامج مرقمة وتقنية مضبوطة. وهذا هو الحزب أو البرنامج الذي ينبغي التصويت عليه. هذا الذي لا يقدم وعودا وعناوين عن “القضاء على البطالة” و”توفير الشغل” و”تأهيل البنيات التحتية” دون أن يوضح لنا الإجراءات التي سيعتمدها لتحقيق كل ذلك. صوتوا بكثافة إذن على البرنامج الطموح والواقعي وتجاهلوا كل أماني وأوهام الماضي.

زر الذهاب إلى الأعلى