أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: عزيز أخنوش.. من يستطيع منافسته؟

الدار/ افتتاحية

من المؤكد أن هيمنة شخصية عزيز أخنوش على حديث عبد الإله بنكيران في خرجته الإعلامية الأخيرة وعلى حديث أغلب القياديين من حزب العدالة والتنمية..، دليل على أن الرجل أصبح بمثابة المرشح الأول لمنصب رئيس الحكومة المقبلة. طبعا كل هذا سيتحدد غدا بعد اقتراع 8 شتنبر وظهور النتائج التي سيحصلها كل حزب على حدة.

لكن عموما يبدو أن الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار تحول بالنسبة للكثير من منافسيه إلى المرشح الأول الذي قد يعصف بحظوظهم الانتخابية. لم يتحدث أخنوش كثيرا عن الآخرين لكن الآخرين تحدثوا عنه كثيرا بل أكثر من اللازم.

لذلك، فإن ما يخوضه الرجل اليوم من معركة سياسية حاسمة مع ماكينات انتخابية هائلة كالعدالة والتنمية وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال سيكون له ما بعده، وسيمثل نقطة انعطاف في سيرته وتجربته السياسية التي بلغت مرحلة النضج. ما الذي يمتلكه أخنوش من مواصفات حتى يستحق التصويت عليه وعلى حزبه والترشح لمنصب رئيس الحكومة؟

أولا إنه رجل دولة خبر السياسة والوزارة واعتاد على إكراهات التدبير والإدارة. كثير ممن يختزلون الرجل في كونه مجرد رجل أعمال يتجاهلون أنه يحتك بإدارة قطاع مهم في الاقتصاد الوطني هو قطاع الفلاحة منذ سنوات طويلة. خلالها وقف أمام البرلمان وقدم مشاريعه أمام مجلس الوزراء وعرض مراسيمه أمام رئاسة الحكومة وتبادل وتداول وتناقش في كل هذه القضايا وكان عبد الإله بنكيران واحدا من الشاهدين على ذلك.

لن يكون منصب رئاسة الحكومة مفاجأة أو لغزًا بالنسبة لرجل يمتلك هذا الرصيد. ثم إن تجربته في حزب التجمع الوطني للأحرار هي الأثرى بين كافة القياديين الذين تعاقبوا على هذا الحزب. لقد عاش حزب الحمامة، في ظل رئاسته له، ثورة عملية على مستوى التواصل مع المواطنين واستقطاب النخب وبلورة البرامج. البرنامج الذي يعتمده الحزب اليوم تأسس على وثيقة صدرت منذ سنوات باسم “مسار الثقة” وتتضمن كل الخطوط العريضة للمشاريع والإجراءات المعلنة اليوم. العقلية المقاولاتية التي يمتلكها الرجل كانت وراء هذا التغيير الجذري في الإنتاج الفكري للحزب، الذي استطاع تقريبا وحده أن يقدم وعودًا مرقمة ومدققة بالميزانيات والجدول الزمني.

كثير من المنافسين يركبون على هذه الصفة المقاولاتية ليقللوا من أهلية الرجل لمنصب رئيس الحكومة، بدعوى أن صاحب المنصب السياسي لا يجب أن يجمع بين المال والسلطة. ماذا يمكن أن يقول هؤلاء عن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب؟ لقد دخل البيت الأبيض وهو واحد من أغنياء الولايات المتحدة وأكبر مقاوليها. ثم ما الذي قدّمه رئيس الحكومة الحالي والسابق مع أنهم لا يحملون صفة رجل المال والأعمال؟ أحد البسطاء من المارة علّق على هذا الإشكال في أحد تصريحات الميكروطروطوار قائلا “على الأقل أخنوش شبعان وما غاديش يطمع فالميزانية”. وبغض النظر عن مسألة النزاهة التي يفرضها الوضع المالي المريح الذي يمتلكه رجل الأعمال مقارنة مثلا بالموظف أو العامل، فمن اللازم أن نؤكد أن المغرب دخل منذ أكثر من عقد من الزمن مرحلة التدبير بمنطق الاقتصاد والمقاولات، والإنجازات التي تشهدها اليوم مجالات البنيات التحتية والصناعة والفلاحة وغيرها ليست سوى ثمرة لهذه الثورة المرصودة في مجال التدبير والإدارة، والتي كان من أهم أشكالها إقرار الشراكات بين القطاع العام والخاص.

وأخنوش تجسيد عملي وإنساني لهذه الشراكة الناجحة والمثمرة بين القطاع العام والقطاع الخاص. فهو رجل ناجح في مجال المال والأعمال، ولا يقل نجاحا في تحمل مسؤولياته على رأس قطاع الفلاحة والصيد البحري. وإذا كان أخنوش يعِد من خلال برنامجه بأن يُسيّر المغرب الجديد وفقا لهذا المنطق المنتج والمربح الذي يخلق الثروة للجميع ويطور البلاد بشكل سريع ويتيح فرصا هائلة في مختلف القطاعات، فلا نظن أن أحدا يمكنه أن يعترض على تفعيل هذا البرنامج وتحويله إلى أرضية سياسية متوافق عليها مع السلطات العليا ومع باقي الحلفاء في الأغلبية القادمة.

زر الذهاب إلى الأعلى