أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: هل تمثل حكومة أخنوش نموذج الانسجام والتناغم الحكومي؟

الدار/ افتتاحية

ما هذه السلاسة والسرعة القياسية التي تسير بها عمليات بناء التحالفات بعد انتخابات 8 شتنبر خصوصا على مستوى المجالس الجماعية؟ لقد تم توزيع كعكة رئاسة المدن الكبرى بسرعة قياسية، وأخذ كل فريق نصيبه دون أن نسمع عن عمليات الاختطاف أو الاحتجاز التي كان يتعرض لها المستشارون في الماضي بسبب الصراعات الشرسة التي كانت تدور عند تشكيل المكاتب وانتخاب الرئيس. وكأن حاجزا ما كان يجثم على صدور الأحزاب السياسية الظافرة اليوم بالانتخابات والتي تبدو في قمة الانسجام على الرغم من أنها تنتمي في الأصل إلى تجاوب تاريخية مختلفة نوعا ما.

ومع هذا التباعد المفترض تسير الأمور بسرعة نحو الحسم في رئاسة المجالس المنتخبة بعد أن تم الحسم في رئاسة الجهات بقدر كبير من التوافق، ونسير بوتيرة لا تقل سرعة في عمليات التنسيق والتشاور بخصوص تشكيل الحكومة برئاسة الرئيس الجديد المكلف عزيز أخنوش. هل تعني هذه السلاسة إذن أن الآلية الديمقراطية بدأت تتخذ موقعها الطبيعي في المؤسسات المنتخبة محليا أو جهويا أو مركزيا؟ ربما يكون هذا جوابا متفائلا. نتذكر جميعا التعثر الذي عاشته الحكومة السابقة قبل تشكيله والشهور الطويلة التي قضاها عبد الإله بنكيران من أجل صياغة تحالف مع الأحزاب الأخرى، وآل في النهاية إلى الفشل، حتى تم تعيين رئيس حكومة جديد ممثلا في سعد الدين العثماني من أجل بعث روح السلاسة المفتقدة.

إذا كنا نريد فعلا أن نكون عمليين وواقعيين فنحن في الحقيقة في حاجة فعلا إلى الانتقال للسرعة القصوى في تشكيل المؤسسات وبنائها. هناك رهانات وتحديات لا حصر لها تنتظر المسؤولين المنتخبين الجدد. ومن المفيد لنا كمواطنين وناخبين أن يتم بسرعة الدخول في مرحلة العمل الحكومي الجديد وتفعيل المؤسسة التشريعية في أقرب الأوقات الدستورية المقررة لها. بعبارة أخرى يجب أن تكون الحكومة والبرلمان قادران على الانطلاق معا في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر القادم بفريق العمل وطاقم الوزراء الجدد، خصوصا أن الأحزاب التي فازت بالانتخابات كلها متلهفة إلى حد كبير من أجل ممارسة السلطة واقتسام كعكة الوزارات. وإذا كانت هذه اللهفة قائمة فيجب استغلالها فيما يفيد السير الفعال للشأن العام.

وتزيد هذه السهولة عندما نستحضر غياب الفروق الإيديولوجية والبرامجية بين الأحزاب المتسابقة حاليا من أجل الدخول في التحالف الحكومي الجديد. ما الفرق بين أفكار التجمع الوطني للأحرار وأفكار حزب الأصالة والمعاصرة؟ في اعتقادي لا يوجد أي فرق ما دام الحزبان معا يمتحان من الثقافة السياسية الليبرالية والرأسمالية للأعيان باعتبارهم شريحة سياسية وتاريخية وازنة ومهمة في المغرب. وما الذي يمكن أن يختلفا فيه عن حزب الاستقلال مثلا الذي على الرغم من طابعه المحافظ، إلا أنه دافع ويدافع بدوره عن الليبرالية الاقتصادية. هذا يعني أن التحالف الحكومي المرتقب ربما سيكون من أسهل التحالفات صياغة وبلورة، كما أن الحكومة المنبثقة عنه ستكون إحدى الحكومات الأكثر حظا بالنظر إلى أن مكوناتها تبدو غاية في الانسجام.

إن معطى الانسجام مهم جدا هنا بالنظر إلى أن إحدى الصعوبات التي واجهت الحكومتين السابقتين هي غياب الانسجام في الرؤية والأهداف والتصورات. وهذا يعد في حد ذاته عاملا من عوامل فشل العمل الحكومي، لذلك فإن الحكومة التي سيرأسها عزيز أخنوش تمتلك اليوم كل مقومات النجاح والفعالية والنجاعة في الأداء والإنجاز. لقد تخلصت حتى قبل تشكيلها من كل المثبطات التي مكن أن تشكل حاجزا أمام قادة الأغلبية. وقد لاحظنا جميعا كيف كانت تفاعل مسؤولي الأحزاب بعد لقائهم برئيس الحكومة الملكف إيجابيا ولم يترددوا جميعهم تقريبا في التعبير عن الرغبة المبدئية في المشاركة. فهل ستمثل إذن حكومة أخنوش نموذج الانسجام والتناغم في العمل الحكومي؟

زر الذهاب إلى الأعلى