أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: عندما تترافع السعودية والدول العربية على مغربية الصحراء

الدار/ افتتاحية

من المهم الوقوف عند تدخل مندوب المملكة العربية السعودية أمام مجلس الأمن الذي تحدث فيه عن قضية الصحراء المغربية وضرورة التوجه نحو حلها بشكلها نهائي، والقضاء على أطروحة الانفصال وما يرافقها من مخاطر أمنية ومخاطر الإرهاب والانفلات في المنطقة. هذا الموقف الصريح لدولة شقيقة ومؤثرة مثل المملكة العربية السعودية يمثل في الحقيقة جزء من التحول الهام الذي عرفته المواقف العربية منذ أن قررت دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة فتح قنصلية لها بالأقاليم الجنوبية، وتعهدت بالعمل على دعم المغرب ومواقفه وبذل كل الجهود من أجل إنهاء هذا النزاع المفتعل.

إن أهم ما يجب أن نستخلصه من هذا الموقف هو أن بإمكان المغرب اليوم أن يعول على شركاء فعليين لهم علاقات وازنة في العالم ويمكنهم ممارسة الضغط الكافي عبر المؤسسات الدولية من أجل تثبيت الحقوق الوطنية والتصدي للوبيات العاملة من أجل تعزيز الانفصال ودعمه في الصحراء المغربية. مجلس التعاون الخليجي بما يمثله من قوة اقتصادية ودبلوماسية دولية يعتبر بمثابة سند سياسي دولي مهم. لا بد من التذكير هنا بما تمثله أبو ظبي والرياض اليوم في الساحة الدولية بعلاقاتهما الممتدة مع قوى دولية كالولايات المتحدة الأمريكية أو الاتحاد الأوربي. الجزائر مثلا تراهن في الصف العربي على بعض القوى الرجعية والأنظمة العسكرية على الخصوص من أجل الحصول على تأييد ولو رمزي لجبهة البوليساريو.

وقد حاولت الجزائر مرارا وتكرارا أن تجد هذا الدعم العربي خصوصا على مستوى الجامعة العربية لكنها فشلت في مناسبات عديدة. ومن المؤكد أنها لا تزال تبحث إلى اليوم عن منافذ للحصول على هذه الفرصة، ولذلك فإن التقدم الحاصل على مستوى مواقف دول كالإمارات والسعودية يمثل تصديا استباقيا لأي مؤامرة يمكن طبخها على هذا المستوى. صحيح أن الوضع العربي لا يسمح اليوم أبدا بافتعال أي انقسام جديد على أساس قضية كانت دائما ثانوية في قائمة اهتمامات الجامعة العربية، لكن من الواضح أن الهيستيريا التي تعيشها الجزائر في الشهور الأخيرة تجاه المغرب، إلى درجة افتعال سيناريوهات خيالية يمكن أن تدفعها إلى البحث عن أي سبل لمعاكسة المغرب مهما كانت.

لقد حاولت الجزائر دعم بعض الأنظمة السياسية العربية بل حاولت حتى شراء ذمم بعضها بموارد طاقية أو مالية، لكنها لم تنجح أبدا في قلب مواقف جل الدول العربية التي ظلت محافظة على نوع من التوازن في علاقاتها بين المغرب والجزائر. واليوم بلغنا مرحلة جديدة في علاقة العرب بقضية الصحراء المغربية، إنها مرحلة ضرورة الحسم في الموقف الواضح من هذا الملف مثلما فعلت دول الإمارات والمملكة العربية والأردن وغيرها. ولذلك فإن إعلان دبلوماسيي هذه البلدان عن مواقف صريحة في الهيئات الدولية، وخصوصا في الأمم المتحدة، هو خطوة سياسية مهمة لأنها تعتبر بمثابة تسجيل لهذا التحول الذي نتحدث عنه ونريده أن يصبح بمثابة القاعدة العربية الجديدة.

إن كسب المغرب لمعركة الصحراء على الساحة العربية محطة أولية وأساسية في كسبها وإنهائها على الصعيد الدولي. وما تقدمه اليوم دول الخليج العربي وغيرها من الدول الشقيقة دعم دبلوماسي لا يمكن بتاتا الاستهانة به ولا التقليل من نتائجه. فهي قادرة بالإضافة إلى الترافع في المحافل الدولية حول مغربية الصحراء، على أن تضخ أيضا استثماراتها الهائلة في أقاليمنا الجنوبية والمساهمة في إنجاح المشاريع الكبرى لتنمية الأقاليم الجنوبية، التي يريد المغرب أن يجعلها نموذجا لنجاح مشروع الحكم الذاتي والتكامل الاقتصادي مع دول الجوار الإفريقي.

زر الذهاب إلى الأعلى