أخبار الدارسلايدر

حكومة أخنوش في مواجهة الإرث الثقيل لحكومة البيجيدي

الدار/ تحليل

من الظاهر أن الحكومة الحالية تدفع اليوم ثمن الكثير من الإخفاقات التي سجلتها الحكومة السابقة. لقد كشفت الأرقام التي أعلنتها نادية فتاح العلوي عن الثغرة الهائلة التي خلفتها قرارات الحكومة السابقة في مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية. وزادت هذه الثغرة عمقا بسبب تأثيرات جائحة فيروس كورونا وانعكاساتها السلبية على مختلف المؤشرات الاقتصادية. تضخم للقطاع غير المهيكل وفشل في مجموعة من البرامج الاجتماعية وغياب للحماية الاجتماعية إضافة إلى معدل نمو اقتصادي محدود لم يتعدى طوال العشر سنوات الماضية 2.5 في المائة، بينما انتقل معدل البطالة من 8.9 في المائة سنة 2011 إلى أكثر من 12 في المائة بداية 2021، وارتفع معدل المديونية من 52.5 في المائة إلى 76 في المائة.

إنه إرث اقتصادي واجتماعي ثقيل جدا، لا تكاد تتحمله أي حكومة مهما كانت فعاليتها وإمكاناتها ومواردها. هذا الواقع الذي يلقي اليوم بظلاله على البنية الاقتصادية الوطنية وعلى آفاق نموها وكذلك على الوضعية الاجتماعية لعموم المغاربة، يعتبر تحديا كبيرا وعائقا مهما ينبغي تجاوزه وحل المشكلات الناتجة عنه من أجل الانتقال بالمغرب إلى مرحلة جديدة قوامها الإقلاع والنمو وتحصين المكتسبات الاجتماعية وضمان الحد الأدنى من الكرامة للمغاربة. لا بد أن نتذكر أن الحكومة التي قادها عبد الإله بنكيران بدأت مشوارها بخطاب اجتماعي ترفع فيه شعار تمكين الفقراء والبسطاء من الدعم الاجتماعي المباشر، لكنها انهت مهامها وقد فرضت نظام تقاعد مجحف ونظام تعاقد فاشل وأغرقت البلاد في مستويات غير مسبوقة من الدين العمومي الخارجي والداخلي.

لذلك فإن التحديات التي تنتظر حكومة عزيز أخنوش كبيرة وضخمة جدا، لا بد أولا من تصحيح هذه الأوضاع السابقة، وعلى رأسها إنجاح ورش تعميم الحماية الاجتماعية، والقطع مع حالة البؤس الاجتماعي الذي لا تزال تغرق فيه فئات واسعة من المغاربة، ومن هنا جاءت مقترحات التصريح الحكومي الذي تحدث عن تخصيص دعم اجتماعي للفئات الاجتماعية التي لا تمتلك أي معاش أو دخل، كما أن الزيادة في قيمة التعويضات العائلية وتخصيص منحة للمولود الأول كانت واحدة من الأفكار الأساسية المهمة في هذا المجال. بعبارة أخرى لقد كان لدى حلفاء حكومة عزيز أخنوش، وعلى رأسهم حزب التجمع الوطني للأحرار وعي مبكر بضرورة تصحيح هذه الاختلالات الاجتماعية العميقة التي تركتها ولايتان حكوميتان قاد فيهما حزب العدالة والتنمية الحكومة بنفس رأسمالي صارخ لم يعر أي اهتمام للبعد الاجتماعي.

والحال أن الرؤية التي أعلنت عنها حكومة عزيز أخنوش في تصريحها الرسمي تحاول خلق نوع من التوازن بين هذا النفس الاجتماعي الذي يسعى إلى إنقاذ الفئات الهشة ومساعدتها على ارتقاء السلم الاجتماعي، وبين النفس الاقتصادي الرأسمالي الذي يحاول تمكين النسيج الاقتصادي من تحفيزات النمو وتأهيل المقاولة المغربية من أجل تنافسية عالية وطنيا ودوليا. هناك أسس تحتاج إذن إلى تعميق في هذا الإطار، وهي التي أعلن عنها الملك محمد السادس في عز أزمة الجائحة الوبائية، عندما أطلق ورش تعميم الحماية الاجتماعية، بمختلف أبعاده الصحية والمهنية، ولعل الحكومة الحالية تمتلك من الفرص والوسائل والمرجعيات ما يكفي اليوم أكثر من أي وقت مضى من أجل إنجاح هذه الورش والذهاب به إلى أبعد مدى حتى لا يبقى مغربي واحد دون رعاية صحية أو ضمان اجتماعي.

وما أعلنت عنه نادية فتاح العلوي فيما يخص واقع البنية الاقتصادية والمالية للبلاد بعد تجربة الحكومتين السابقتين لا يعتبر تهربا من حكومة عزيز أخنوش من مسؤولياتها السياسية، بل هو مجرد وضع للنقاط على الحروف من أجل شفافية أكثر مع المواطنين والإعلام والفاعلين الاقتصاديين المحليين والدوليين، وإعلان شبه رسمي عن عزم هذه الحكومة على السير قدما في تفعيل برامجها وتصوراتها، من أجل تحسين المؤشرات الاقتصادية وإعادتها إلى الإقلاع من جديد، وعلى رأسها معدل النمو الذي أعلنت الحكومة الحالية أنه لن يقل عن 4 في المائة.

زر الذهاب إلى الأعلى