أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: من يستهدف عزيز أخنوش وحكومته؟

الدار/ افتتاحية
من الواضح أن الحملة المنتهجة هذه الأيام ضد قرارات الحكومة ومقاربتها لكل قضايا الشأن العام ليست مجرد ممارسة للمعارضة أو النقد العفوي الشعبي أو حتى البرلماني. لقد وصفناها بالحملة، وهي فعلا كذلك، بالنظر إلى أنها منسقة ومنظمة وموضوعاتية إذا صح التعبير. منسقة لأنها تكاد تنطق بخطاب واحد، وتتقاسم المعطيات والمواقف ذاتها، في شبكات التواصل الاجتماعي. ومنظمة لأنها تبدو وكأنها استراتيجية علاقات عامة من أجل الإضرار بصورة الحكومة وبصورة رئيسها بالأساس. وموضوعاتية لأنها في كل مرة تبحث عن مشجب معين لتنسب كل ما يحدث لقراراته ومبادراته.

الفاعل الأول في هذه الحملة، معروف وسبق أن مارس ما يشبهها في سياق آخر، وهم فلول حزب العدالة والتنمية وكتائبه الإلكترونية، التي استرجعت ملفا قديما هو ملف المقاطعة من أجل استهداف شخص رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ليس لأجل الإضرار بمصالحه الخاصة، ولكن بالأساس من أجل التشويش عليه وعلى حكومته، وأداء مهامه الدستورية التي تقلدها بناء على نتائج صناديق الاقتراع.

هذه الحملة الخاصة بالمقاطعة التي تنادي اليوم باستهداف مقاولات في ملكية الرجل، هي نفسها التي سبق لكتائب البيجيدي أن خاضتها قبل فترة عندما كان الرجل عضوا في الحكومة التي يقودها الإسلاميون ويتولى فيها منصب وزير الفلاحة. وقد نسى هؤلاء أن عزيز أخنوش الذي يمتلك حسا ديمقراطيا وقانونيا كبيرا اتخذ الإجراءات القانونية اللازمة لفك الارتباط بإدارة شركاته منذ أن تم تكليفه بتشكيل الحكومة.

بعبارة أخرى، الحملة الدائرة اليوم، هي امتداد للحملة القديمة، ومحاولة لاستغلال حساسية الموقع الذي أصبح يحتله عزيز أخنوش اليوم من أجل إضعافه والإضرار بصورته، بل ونسب كل أسباب الفشل والإخفاق إلى حكومته. الواقفون وراء هذه الحملة يتمنون بكل صدق أن يفشل عزيز أخنوش وحزب التجمع الوطني للأحرار في تنفيذ برنامج الحكومة والوفاء بكل الالتزامات الاجتماعية والاقتصادية التي وعدت بها. إنها حملة سياسية خالصة لا يهمها بتاتًا استفادة المواطن من منجزات الحكومة وعملها الدؤوب، بقدر ما يهمها تصفية الحسابات التي قد تصل أحيانًا إلى مستوى الحسابات الشخصية. لكن للأسف فإن هذه الحملة التي تجري اليوم على شبكات التواصل الاجتماعي ضد الحكومة ورئيسها ليست من تنفيذ وتخطيط كتائب البيجيدي فقط.

هناك أطراف أخرى أكثر توغلًا…، لا تريد لهذه الحكومة، ولا لرجل الأعمال الناجح، أن يحول نجاحه في عالم المقاولات إلى نجاح في قيادة الجهاز التنفيذي للدولة. هؤلاء هم الذين يسميهم التاريخ أعداء النجاح، وهم مراكز قوى موجودة في كل الدول التي لها إرث عريق وراسخ. هل يستحق حملُ شارة خارطة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي شارك فيها رئيس الحكومة في المملكة العربية السعودية كل هذه الضجة وهذا الضرب تحت الحزام؟ هل هناك عاقل يمكن أن يشكك في وطنية رئيس الحكومة ودفاعه الطبيعي عن وحدة المغرب الترابية. هذا تحصيل حاصل. عزيز أخنوش ليس في حاجة إلى أن يخرج بتصريح رسمي كي يعبر عن هذا الموقف. لكن الذين استغلوا هذه الجزئية الشكلية كانت لهم أغراض أخرى كيدية، هي الطعن في كفاءة الرجل وفي مدى قدرته على تمثيل المغرب خارجيا أمام الأشقاء والأصدقاء.

أما الحديث عن بروتوكول استقبال عزيز أخنوش من طرف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، فهو جهل صارخ بما يجري حولنا في هذا العالم واستغلال لزاوية محددة من إطار التصوير ولعب بالفوتوشوب.

إن من يقفون وراء هذه الحملة المكشوفة. حاولوا تصوير بروتوكول معتمد في الدول العريقة وحتى في إسبانيا واليابان وبريطانيا..، لحظة استقبال الأمير سلمان لرئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش فقط من رؤية القناص الذي يحاول قنص هدفه.

نتوقع إذن أن تستمر مثل هذه الحملات في محاولة النيل من صورة الحكومة الحالية ومن مكانة رئيسها. وسيحاول حتى بعض الباحثين عن المواقع التشكيك في قدرات فريقه، كما أن مراكز القوى المؤثرة ستحاول باستمرار تحجيم النجاح المفاجئ والكاسح لحزب التجمع الوطني للأحرار ولقيادته، لكن ما لا ينتبه إليه كل هؤلاء أن “الحمية” لا تزيد الأسد إلّا شجاعة وقوة وشراسة، وأن ائتلاف كل هذه الأطراف من أجل إسقاط هذا المشروع النهضوي الذي أطلقته الحكومة الحالية، هو أكبر شهادة على أن اختيارات الحكومة كانت في الصميم وربما ستؤلم بعض الأطراف وتُجهز على أطراف أخرى.

زر الذهاب إلى الأعلى