أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: خطاب الملك..رسائل سياسية عميقة وهادفة في ذكرى المسيرة الخضراء

الدار/ افتتاحية
كانت بضع دقائق كافية للملك محمد السادس من أجل توجيه رسالته السياسية العميقة والهادفة بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء. لا شيء يعلو على شرعية القضية الوطنية ومغربية الصحراء، بعيدا عن كل اللغط والجعجعة التي تملأ سماء المنطقة منذ أيام مع تمادي النظام الجزائري في حماقاته، وسعيه إلى تسميم الأجواء وقتل كل المبادرات السلمية التي تقدم بها المغرب. لقد تسامى جلالة الملك مرة أخرى وهو يطرح مسألة عدالة القضية الوطنية والتقدم الذي حصل فيها دبلوماسيا وسياسيا على الصعيد الدولي، وترك لمن يهمه الأمر رسائل بليغة كان من أهمها تلك التي وجهها الملك إلى شركاء المغرب والتي بعث بها إلى بعض من يتخذون مواقف ملتوية وغير واضحة من القضية الوطنية.

وبعيدا عن الجدل العقيم لم يتردد الملك محمد السادس في توجيه رسالة مباشرة إلى شركاء المغرب، الذين لا يزالون مترددين في اتخاذ خطوات دبلوماسية فعلية وجوهرية في دعمهم للوحدة الترابية للمملكة على غرار ما فعلته دول كبرى غربية وعربية، كالولايات المتحدة الأمريكية ودولة الإمارات العربية المتحدة. فمن المستغرب أن تستمر دول شريكة للمغرب كفرنسا وبريطانيا على سبيل المثال في ممارسة سلوك دبلوماسي ملتبس تجاه القضية الوطنية، على الرغم من العلاقات الوثيقة التي تجمعها بالمغرب، وعلى الرغم من حرصها الدائم على مصالحها بالمنطقة. هذا ما دفع الملك محمد السادس أن يؤكد أن “من حقنا اليوم، أن ننتظر من شركائنا، مواقف أكثر جرأة ووضوحا، بخصوص قضية الوحدة الترابية للمملكة”.

لقد أكد جلالة الملك على التقدم الحاصل في القضية الوطنية مع افتتاح أكثر من 24 قنصلية في العيون والداخلة بشكل يؤكد الدعم الواسع للقضية الوطنية. لكننا نلاحظ بالمقابل هذا التردد اللامفهوم لدول وقوى دولية أخرى لا تزال تتخذ مواقف غير واضحة بهذا الخصوص، في الوقت الذي تؤكد فيه باستمرار أنها مع إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل. وهذا التردد لا يؤدي بالمناسبة إلا إلى استدامة هذا النزاع والمساهمة في تذكيته وتأجيجه في اتجاهات لا تكون باستمرار سلمية وفي خدمة الاستقرار بالمنطقة. وعلى الرغم من أن بعض هذه الدول لا تخفي رغبتها في الاستفادة من كعكة الاستثمارات والتنمية في المنطقة وعلى امتداد العمق الإفريقي للمغرب.

لذلك كان جلالة الملك أكثر وضوحا في خطاب ذكرى المسيرة الخضراء وهو يوجه لهؤلاء خطابا صريحا جاء فيه “كما نقول لأصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة، بأن المغرب لن يقوم معهم، بأي خطوة اقتصادية أو تجارية، لا تشمل الصحراء المغربية”. وفي صريح هذه الرسالة لم يستثن جلالة الملك الشريك الرئيسي للمغرب الاتحاد الأوربي، الذي لا يزال يلعب على الحبلين في قضية الوحدة الترابية للمغرب، بممارسة الابتزاز عبر مؤسساته القضائية التي حكمت بعدم شرعية الاتفاق الزراعي واتفاق الصيد البحري، والمساومة عبر مؤسساته الدستورية كالبرلمان والحكومات الأوربية المركزية. إن منطوق الخطاب الملكي أن المغرب لن يجدد أي اتفاق مع الاتحاد الأوربي مستقبلا إذا أصر الأوربيون على ازدواجية المواقف ونهج الغموض الدبلوماسي في الوقت الذي يحرصون فيه في الوقت نفسه على ضمان مصالحهم وامتيازاتهم في المنطقة.

إن خطاب ذكرى المسيرة الخضراء يمثل نقلة نوعية جديدة في الاستراتيجية الدبلوماسية للمغرب سيكون لها ما بعدها، ويمثل هذا الخطاب توجيها رسميا من أجل اتخاذ قرارات حاسمة من أجل ضمان المصالح الوطنية وإنهاء الابتزاز الذي تحاول بعض الأطراف ممارسته تجاه قضية الوحدة الترابية. كما أنه إعلان على أن المغرب لم يعد منشغلا بتاتا بالثرثرة والتشويش الذي تحاول الجارة الشرقية إثارته بين الفينة والأخرى بقراراتها الانفعالية، في الوقت الذي أصبحت فيه القوى الدولية الفاعلة معنية مباشرة بالرسائل السياسية للملك محمد السادس.

زر الذهاب إلى الأعلى