أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: الحكومة تنتهي من تثبيت أقدامها وتشرع في تنفيذ وعودها

الدار/ افتتاحية

من الواضح أن بدايات عمل الحكومة الحالية كانت مشوبة بالكثير من العراقيل والصعوبات، بل والتشويش المقصود للنيل من أدائها واستقرارها. كان واضحا أن هناك من يقصد الإطاحة بتماسك هذه الحكومة قبل أن تقف على رجليها، ولا تزال هناك محاولات من هذا القبيل مستمرة من خلال تداول مقاطع الفيديو والتصريحات والمواقف التي يدلي بها وزراءها. بل لا يكاد يصدر عنها تقريبا أي مبادرة أو قرار إلا وكان موضوعا للتعاليق التي ليس هدفها هو تقويم العمل الحكومي وممارسة المعارضة البناءة. لكن كان واضحا أيضا أن الحكومة وقيادتها تريد أن تضع قواعد جديدة لهذا العمل وترسم ملامح هيمنتها السياسية الطبيعية في أفق تنفيذ برنامجها بكل بنوده وحذافيره.

قرار تحديد سن التقدم لمباراة التدريس وفرض جواز التلقيح وإغلاق الحدود الجوية وغيرها من القرارات التي تثير جدلا في أوساط العديد من الفئات الاجتماعية وتخلق زوابع إعلامية لا تنتهي، هي في الحقيقة تعبير عن سلطة الحكومة المستندة إلى شرعيتها الانتخابية وتأكيد لمكانة المؤسسات وصلاحياتها الدستورية التي تخول لها اتخاذ ما يلزم من القرارات حتى ولو كانت موصوفة في بعض الأحيان بـ”اللاشعبية”. وها هي الحكومة تنتقل بعد أن تجاوزت هذه المرحلة من تثبيت الأقدام إلى مرحلة تنزيل برنامجها الذي وعدت به.

فقد أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة أن الأسبوع المقبل سيشهد الإعلان عن الشرائح الجديدة التي ستستفيد من التغطية الصحية في إطار برنامج تعميم الحماية الاجتماعية. كما أعلن الوزير نزار البركة قبل يومين أن الحكومة ستشرع في تنفيذ وعدها بمنح 400 درهم في مرحلة أولية للمسنين الذين لا يستفيدون من أي معاش في أفق رفع هذا المبلغ إلى 1000 درهم. كما تم الإعلان عن المنحة المالية التي ستمنح للشباب للمساعدة في تدبير أزمة البطالة في أفق الحصول على فرصة عمل قارّة.

لقد كان الكثير من صناع الجدل السياسي يتمنون أن تتردد الحكومة الحالية في تنفيذ هذه المقترحات وغيرها، وأن تفشل قبل أن تبدأ في القيام بذلك. لكن هناك فرق بين الأماني الجدلية العقيمة وبين العهود والالتزامات السياسية المتعاقد عليها. فالسنة المالية الحالية ستشهد تنزيل بعض من مشاريع هذه الوعود التي قدمت في الحملة الانتخابية، ومن المفترض أن تُمنح الحكومة الفرصة الزمنية الكافية للقيام بذلك بعيدا عن كل المزايدات الجانبية المثارة هنا وهناك عن تصريحات هذا الوزير أو مستوى تلك الوزيرة. وليس عبثا اختيار الأسبوع المنصرم توقيتا لتوقيع ميثاق الأغلبية الذي سيسرع من التنسيق في المواقف والجهود بين مختلف القطاعات الحكومية المنتمية للأحزاب الثلاثة التي تشكل التحالف الحكومي. فهذا الميثاق يأتي في هذه الظرفية بالضبط التي قررت فيها الحكومة الثبات على مواقفها وقراراتها والدفاع عنها في إطار رؤيتها الاستراتيجية الخاصة للعديد من القضايا الاجتماعية والاقتصادية.

ليس من الضروري إذن أن تحظى اختيارات الحكومة وإجراءاتها بالإجماع خصوصا في فضاءات التواصل الاجتماعي التي لا تكاد تترك صغيرة أو كبيرة إلا وأثارت من حولها الجدل. فهذا الإجماع يكاد يكون من رابع المستحيلات بالنظر إلى أن كل القرارات التي يتم اتخاذها تكون دائما ضد مصلحة جيوب المقاومة وبعض اللوبيات التي تقدس الاستمرارية والوضع القائم. وهذه الحكومة كما يعلم الكثيرون لم تأتِ للحفاظ على الوضع القائم وإنما لتغيير الكثير من الوقائع والدفع نحو إصلاحات جوهرية وعميقة تحافظ على المكتسبات المسجلة في كثير من المجالات وتفتح الباب أمام تحقيق مكتسبات جديدة في ملفات اجتماعية حساسة كالتعليم والصحة والتشغيل.

زر الذهاب إلى الأعلى