أخبار الدارسلايدر

الحسن الداكي : نسعى لتعميق التفكير مع الجامعات الوطنية للتعاون من أجل تجويد آليات تكوين وإعداد مهني العدالة

الدار/ هيام بحراوي

 

أكد الحسن الداكي ، الوكيل العام للملك ، رئيس النيابة العامة، بمناسبة إفتتاح الندوة العلمية حول موضوع “دور الجامعة في تكوين مهني العدالة” اليوم الجمعة بمقر جامعة عبد المالك السعدي بتطوان، أن رئاسة النيابة العامة أولت منذ صدور القانون رقم 17-33 المتعلق ” بنقل اختصاصات السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، وبسن قواعد تنظيم رئاسة النيابة العامة” عناية خاصة للمهن القانونية والقضائية بالنظر لمساهمتها الفعالة في تصريف العدالة ومساعدة القضاء في تحقيق الأمن القانوني والقضائي وتكريس الحكامة القضائية.

وأوضح رئيس النيابة العامة في كلمته التي ألقاها أمام الحاضرين ، أنه هذا الاهتمام تم تكريسه من خلال قرار الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة رقم1/17 الصادر بتاريخ 2 أكتوبر 2017  المغير والمتمم بمقتضى القرار رقم22/2021 الصادر في 31 دجنبر 2021 المتعلق بتنظيم بنيات إدارة رئاسة النيابة العامة وتحديد اختصاصاتها وخاصة المادة 11 منه التي نصت على إحداث قطب خاص بالنيابة العامة المتخصصة والمهن القانونية والقضائية وحماية الأسرة والمرأة والطفل، بحيث يضطلع هذا القطب بتتبع ومراقبة عمل النيابة العامة في ما يخولها القانون من صلاحيات تتعلق بالمهن القانونية والقضائية ومراقبتها، والتنسيق مع الهيئات والمؤسسات المعنية بتسيير هذه المهن، وهو ما يحفزنا إلى تعميق التفكير مع شركائنا في الجامعات الوطنية للبحث عن التجارب الفضلى في مجال التكوين والتنسيق حول السبل المثلى للتعاون من أجل تجويد آليات تكوين وإعداد مهني عدالة الغد.

وعبر الداكي عن أن انعقاد مثل هذه الندوة ومثيلاتها في المستقبل سيكون له الأثر البالغ في تعزيز التنسيق بين الجامعة ومكونات السلطة القضائية ومن بينها رئاسة النيابة العامة فضلا عن دور مهنيي العدالة على مستوى التكوين الذي يضطلع به كل منهم والذي من شأنه المساهمة بكل إيجابية في تأهيل طلبتنا لولوج عالم المهن القانونية والقضائية ومواكبة المستجدات التشريعية والتطورات التكنولوجية والاقتصادية والاجتماعية فضلا عن مجالات التخليق والقيم المثلى وما يفرضه كل ذلك من إكراهات وتحديات بالنسبة للممارسة المهنية.

واعتبر المتحدث، أن عملية التعليم الجامعي لها أبعاد مهمة وكبيرة، فهي ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وإنسانية ونفسية وثقافية باعتبارها عملية مستمرة ليست مرتبطة بزمان أو مكان محددين، وليست مرتبطة بجيل دون غيره، فالتعليم الجامعي كان ولا يزال يشكل ركنا أساسيا في تعزيز بناء مقومات المؤسسات تكوينا وإعداداً للأطر، وولوج مجتمع المعرفة بكل تحدياته، كما هو بكل تأكيد مساهم محوري في قاطرة تحقيق التنمية.

وتتجلى أهمية انفتاح الجامعة على محيطها، في مدى ارتباط التعليم الجامعي بحياة المواطنين ومشاكلهم، وحاجاتهم وتطلعاتهم، دون إغفال أهمية دورها في بناء القدرات والمهارات، وتجويد عطاءات المتخرجين منها ومدى قدرتهم على إحداث نقلة نوعية في الرفع من مؤشرات التنمية البشرية والتقدم العلمي والتكنولوجي.

وقال ، ” تعتمد جل المجتمعات اليوم على ما تنتجه منظومة التعليم العالي بمختلف تخصصاتها، باعتبارها أساسا للتطور والنمو الفكري والعلمي، وهذا ما تعمل مختلف الدول على تحقيقه، ودون شك فإن بلادنا لا تخرج عن هذه القاعدة، وهو الأمر الذي تترجمه الإصلاحات الجوهرية التي طرأت على مناهج التعليم العالي منذ الاستقلال إلى اليوم”.

وتابع قائلا ” إذا كانت الممارسة العملية تعتبر همّـًا يوميا يراود كل مهني، ويجعله ينغمس في البحث عن إيجاد حلول للقضايا التي وُلِـي أمر القيام بها بحسب كل مهنة من المهن القانونية، فلا ينبغي أن تنسينا دور الجامعة التي بصمت فينا معاني الحق ومعاني القانون، فقد كان للجامعة دور أساسي في تكوين أجيال من منتسبي المهن القانونية والقضائية، من قضاة ومحامين، وضباط الشرطة القضائية، وعدول، وموثقين، ومفوضين قضائيين، وخبراء قضائيين وتراجمة وغيرهم، حيث كانت الجامعة ولا تزال فضاء لإنتاج النخب والكفاءات وفضاء للتجديد والإبتكار، ومصدرا للتكوين المستمر لمختلف منتسبي المهن القانونية والقضائية، سواء بصفة مباشرة عبر الانخراط في البحث الأكاديمي، أو بطريقة غير مباشرة من خلال الأبحاث العلمية التي يتم انتاجها“.

وأشار الحسن الداكي ، في خضم كلمته أن دور الجامعة في تكوين وإعداد منتسبي المهن القانونية والقضائية يجب ألا ينحصر فقط في الجانب العلمي الأكاديمي، ذلك أن المأمول منها سيزيد في رقي عطاءاتها وتلقين طلابها مختلف فضائل التربية وتكريس القيم المثلى والأخلاق الفاضلة التي ستظل معانيها من خلال أساتذة أجلاء فضلاء نبراسا يهتدى به في زرع معاني القيم السامية في منتسبي المهن ومنهم وعبرهم في مجال العدالة برمتها، وتلكم أمانة يجب الحفاظ عليها مهما حققناه من تطور وتقدم علمي، فالحفاظ على القيم الأصيلة التي خلّدها جيل من رواد أساتذة الجامعات الأجلاء، ومن رواد المهن، والاستمرار في ترسيخها جيلا بعد جيل، سيما عبر فضاء الجامعة، تعتبر أساسا لتحصين المعرفة العلمية، من كل زيغ عن الحق والعدل، واستكمالاً لرسالتها السامية في ترسيخ المبادئ الأخلاقية التي تؤسس للمواطنة الحقة وللإحساس بالمسؤولية اتجاه الوطن والمواطنين.  والحفاظ على نقلها وتجديدها بكل أمانة عبر امتداد الزمن إخلاصاً لدورها المحوري في إعداد أجيال الغد من نساء ورجالات الدولة وتحقيقا لرسالتها العلمية والتربوية.

 كما أوضح أن دور الجامعة في تكوين منتسبي المهن القانونية والقضائية، يعد إسهاما حقيقيا في تنمية أحد أهم مناحي حياة المجتمع واستمرار رقيه، وهي بذلك تلعب دوراً أساسياَ في بناء أفضل رأسمال بشري سوف يوكل إليه تدبير العديد من جوانب معيشه اليومي واستقرار معاملاته وضمان حقوقه وتحقيق أمنه القضائي والقانوني، فضلاً عن تكريس التوازن بين الحقوق والواجبات داخل المجتمع.

ويتجلى ذلك ، يضيف، من خلال أفواج خريجي الجامعات الذين يلتحقون بالمحاكم كقضاة وباقي المهنيين الآخرين ذوي الصلة بالعدالة، كالمحامين والعدول والموثقين والمفوضين القضائيين والخبراء والتراجمة وأطر كتابة الضبط وضباط الشرطة القضائية، ولذلك فإن الأمر أصبح يتطلب إيلاء العناية اللازمة بالجامعة وبأطرها من الأساتذة والأطر الإدارية لإعدادهم الإعداد اللائق والكفيل بإنتاج وإعداد رأسمال بشري قادر على مسايرة التحولات التي يعرفها العالم اقتصاديا وتكنولوجيا ورقميا واجتماعيا والعمل على حسن استثماره والاهتمام به.

يشار أن ندوة المنظمة شكلت بداية العمل المشترك والتعاون بين رئاسة النيابة العامة والجامعة، وسط دعوات بأن تستمر وتتعمق هذه العلاقات أكثر ويتسع مجالها مع جامعات أخرى على أمل تحقيق الغايات المذكورة خدمة للعدالة وتكريسا لدور الجامعة في ذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى