أخبار الدارسلايدر

افتتاحية الدار: انهزم هو وقائده أمام حنكة الحسن الثاني.. جلود الذي اعتاد تغيير جلده يعود ليكذب على الموتى

الدار/ افتتاحية

آخر من يمكن أن يتحدث عن التاريخ أولئك الذين تقلّبوا فيه يمينا وشمالا، واعتنقوا من العقائد والإيديولوجيات ما يؤمنون به صباحا ويكفرون به مساء، أولئك الذين يغيرون جلودهم خصوصا عندما تكون الجلود اسما على مسماهم، وهذا التائه الليبي واحد منهم. عبد السلام جلود الذي كان عونا للعقيد الليبي معمّر القذافي لسنوات وشارك معه في الإطاحة بنظام السنوسي ثم عاد لينقلب عليه بعد أن مالت دفة السلطة ضده، وها هو ذا اليوم يحترف عادة من عادات الأنذال عندما قرّر أن يكذب على التاريخ والواقع وينسب إلى الملك الراحل الحسن الثاني تصريحا لا يصدّقه لا محبوه ولا حتى أعداءه.

فحتى الجزائريون بل عناصر البوليساريو لا يمكن أن يصدقوا ما قاله عبد السلام جلود الذي نسب إلى الملك الراحل أنه قال له ذات يوم إن الصحراء ليست مغربية، ويروي في مذكراته، التي اختار أن يتحدث فيها عن الموتى بدلا من أن يقارع بها ذاكرة الأحياء، أن هذا الكلام سمعه من الحسن الثاني عندما زاره في المغرب ليطلب منه دعم جبهة البوليساريو في مواجهة الاستعمار الاسباني مباشرة بعد تأسيسها من طرف العقيد الليبي معمر القذافي وبحضور الرئيس الجزائري هواري بومدين. يطلق جلود هذه النكتة الخائبة والسمجة عن ملك كان كل من القذافي وبومدين يعملان بكل ما يملكان من عتاد وعدة وأموال من أجل الإطاحة به وزعزعة استقرار نظامه.

هل يعقل أن يقول الحسن الثاني ما نسبه إليه عبد السلام جلود في الوقت الذي كان الليبيون حينها قد اختاروا خط المواجهة مع المغرب واستضافوا التيارات المسلحة من المعارضة المغربية وألّبوا على الحسن الثاني القيادة المصرية وموّلوا وسلّحوا الجبهة الانفصالية؟ لا يمكن أن يخرج ما أورده عبد السلام جلود عن دائرة التصريحات المشبوهة ولن نبالغ إذا قلنا التصريحات المأجورة المؤدى عنها من طرف الجهات المعلومة الباحثة عن قشة من قش الماضي للتشبث بها ونفخ الحياة في أطروحة تلاشت وتكاد تدفن في قبور النسيان. ما قاله عبد السلام جلود وتبجّح به في استوديو القناة التلفزيونية فرانس 24 التي تعج هيئة تحريرها بخصوم المغرب والحاقدين عليه، محاولة يائسة لبعث الروح في اليائسين من المغرر بهم في تندوف أو المحتجزين فيها الذين أضحى يقينهم يتعاظم يوما بعد يوم بأن مستقبلهم لن يكون خارج الأقاليم الجنوبية وتحت سيادة المغرب وسلطته.

وليس هذا التصريح بغريب عن شخصية من طراز عبد السلام جلود، الذي قضى ردحا من الزمن إلى جانب قائده معمر القذافي وهما يفكران ويدبران للإطاحة بالملك العبقري الحسن الثاني، وأنفقا لأجل ذلك المليارات وحشدا كل ما تملكه ليبيا من تأثير دبلوماسي وعلاقات خارجية، ثم آلت كل محاولتهما للفشل المبين. ولا شك أن تصريح جلود اليوم يدخل في إطار نزعة انتقامية لتصفية حسابات قديمة مع ملك استطاع بدهائه وحنكته أن يُفشل كل المخططات التي وقف وراءها الليبيون وحلفاءهم الجزائريون من أجل النيل منه ومن استقرار بلادنا. وإذا كان جلود وأسلافه من القيادة الليبية الهالكة قد فشلوا تاريخيا في تحقيق هذه الأهداف في مواجهة مملكة خالدة فإن ما صدر عنه اليوم لا يمكن بأي حال من الأحوال، مهما خلق من جدل، أن ينال من ثبات المواقف الوطنية تجاه قضية الصحراء المغربية. لقد عبأ الملك الراحل الحسن الثاني كل إمكانيات المغرب البشرية والمالية والسياسية من أجل استكمال وحدته الترابية واسترجاع الأقاليم الجنوبية، وخاض لأجل ذلك حربا ضروسا دامت لسنوات واستشهد فيها المئات من الجنود المغاربة الأحرار، وغامر فيها بسلطته وحكمه في مناسبات عديدة، ونجح في نهاية المطاف في هزم كل المتواطئين والمغامرين. لأجل ذلك نقول إذن لعبد السلام جلود وغيره، الكذب على الموتى لا يشرف صاحبه، والمهزوم يبحث عن انتصارات وهمية، لكنه أبدا لن يصنع مجدا بعد خيبة.

زر الذهاب إلى الأعلى