أخبار الدارسلايدر

لماذا يؤيد المغرب وحدة الصين الشعبية وسيادتها على تايوان؟

الدار/ تحليل

تأكيد المغرب تأييده لوحدة جمهورية الصين الشعبية، على خلفية الأزمة التي أثارتها قضية زيارة نانسي بيلوسي إلى تايوان، دليل آخر على أن بلادنا لا تحسن الخطابات المزدوجة ولا التلاعب والتوظيف السياسي للمواقف من الحقوق والشرعيات الدولية أينما كانت ومهما امتد أثرها. المغرب واثق من قناعاته التي ارتكزت دائما على دعم الوحدة الترابية للدول واستقلالها وسيادتها على أراضيها في مواجهة أي نزوع نحو التقسيم أو الانشقاقات المدعومة في الغالب من الخارج من أجل تحقيق أهداف سياسية واستراتيجية غير معلنة أحيانا ومعروفة أحيانا أخرى. لقد كان المنتظم الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك القوى المنتصرة في هذه الحرب، تعترف بمبدأ صين واحدة ونظامان.

بعبارة أوضح لقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية كلها تؤكد باستمرار حق الصين في السيادة على تايوان على الرغم من فرض الأمر الواقع من طرف النظام القائم في هذه الجزيرة. وهذه الجزيرة الصغيرة هي التي تتحول اليوم إلى حصان طروادة جديد من أجل اختبار متبادل بين الصين والدول الكبرى. والمغرب كان منذ القديم محافظا على هذا التوجه المؤيد لوحدة الصين لأنه يدرك أيضا أن النفخ في قصة استقلال تايوان ليس سوى توظيف سياسوي مفضوح من طرف باقي القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة التمدد الصيني واستغلال هذه القضية في انتزاع مكاسب تجارية بالأساس.

ومن هذا المنطلق فإننا في المغرب نكاد نفهم جيدا ما تتعرض له الصين لأننا نعيش منذ عقود على وقع حكاية مشابهة عندما تم اختلاق نزاع مفتعل على أرض مغربية ودعم هذا الانفصال بالسلاح والمال والتأييد السياسي من طرف الجيران للأسف، ولا نزال إلى يومنا هذا نبذل الجهود الوطنية الكبيرة من أجل الحفاظ على وحدتنا الترابية ودفع كل المؤامرات التي تحاك ضدها. هذه الوحدة الترابية المتحققة فعليا وتاريخيا هي أيضا تواجه بين الفينة والأخرى ابتزازات مشابهة كهذه التي تتعرض لها الصين في علاقة بسيادتها على جزيرة تايوان. صحيح أن جل القوى الدولية الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، اعترفت مؤخرا بسيادة المغرب على صحرائه، لكننا نستوعب جيدا ما يعنيه هذا النوع من الاستفزازات التي تمس سيادة الدول على أراضيها.

لذلك فإن المغرب المنسجم مع قناعاته يمارس أيضا سيادته الكاملة على قراراته فيما يتعلق بعلاقاته الخارجية، ولا يتردد في دعم المواقف الشرعية والقضايا العادلة أينما كانت وفي أي معسكر وقعت. لقد رفض المغرب على سبيل المثال أن يتدخل في الشأن الإسباني على الرغم من تاريخ إسبانيا فيما يتعلق بسيادة المغرب على صحرائه، ولم يقبل أبدا أن يقدم أي دعم أو حضن للحركة الانفصالية في إقليم كاتالونيا أو في إقليم الباسك، أو في غيرها من الأقاليم الإسبانية. لم يكن هذا الموقف خوفا أو حذرا وإنما كان من باب الاقتناع الكامل بأن للدول سيادة ووحدة ترابية ينبغي احترامها والابتعاد عن المساس بها. وقد وعت إسبانيا ذلك في الآونة الأخيرة عندما اتخذت قرارها الشجاع بدعم سيادة المغرب على صحرائه واعتذرت بشكل غير مباشر عن استقبالها سابقا لزعيم الجمهورية الوهمية الذي لم يجد اليوم مستشفى يستقبله إلا في نظام جنوب إفريقيا المجنون.

سيظل المغرب باستمرار مؤيدا للسيادة الوطنية للدول بعيدا عمّا تبشر به العولمة المتوحشة التي أفلت زمامها من يد صناعها، ولن تتراجع بلادنا أبدا ولو للحظة عن تأييد الوحدة الترابية للدول، وستظل تدافع كما اعتادت عن هذا التوجه الاستراتيجي الذي لا رجعة عنه في مختلف المنتديات الدولية وأمام مؤسسات المجتمع الدولي، لأن المغرب الذي يدافع عن وحدته الترابية بكل ما أوتي من جهد وكفاح ونضال لا يمكن أن يتناقض مع قناعاته وينفق أمواله في دعم الانفصال في بلدان أخرى مثلما يفعل بعض الجيران الذين يهدرون مقدّراتهم الوطنية على مجانين السلاح ويتركون شعوبهم تحت خط المعاناة والفقر.

زر الذهاب إلى الأعلى