حكومة عزيز أخنوش تنقح الإصلاحات من التوظيف الانتخابي.. الدعم المباشر للأسر المعوزة عنوان جديد للدولة الاجتماعية

الدار/ تحليل
تمثل جلسة المساءلة الشهرية التي انعقدت أمس الإثنين أكثر الجلسات التي عقدها رئيس الحكومة عزيز أخنوش من حيث الحصيلة والمعروض السياسي الذي تم تقديمه. لقد تم الإعلان عن العديد من المستجدات الجوهرية التي ستنقل حياة المواطنين المغاربة نحو آفاق جديدة، وتغير نمط تعاطي الدولة مع الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية. ولعلّ أبرز ما تم الإعلان عنه في هذه الجلسة عزم الحكومة تعميم الدعم المباشر للأسر المعوزة ابتداء من العام المقبل. وبهذا الإعلان تؤكد حكومة عزيز أخنوش سيرها الحثيث نحو ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، وتوجه رسالة واضحة لكل الفرقاء السياسيين الذين ادّعوا في وقت سابق أن التوجهات الليبرالية لن تسمح بإقرار منطق المساعدة المباشرة.
لكن الأهم في رسائل رئيس الحكومة التي أطلقها خلال جلسة المساءلة الشهرية هو هذا التوضيح الضروري بأن هذا الدعم المباشر الذي سيتم إقراره، ينبغي أن يظل خارج حسابات التوظيف السياسي والانتخابي. وهنا يؤكد أخنوش على لحظة سياسية معينة عاشتها الحكومة ما قبل السابقة عندما كانت بعض القيادات الحزبية تدعي أنها اقترحت إجراء الدعم المباشر لكن تم رفضه من طرف بعض الحلفاء. واليوم تتضح الصورة ويؤكد أخنوش أن حكومته لم تكن يوما ضد إقرار هذا الدعم بقدر ما كانت ضد الاستغلال الذي كانت بعض الأطراف الحزبية أن تمارسه من خلال استمالة فئات اجتماعية معينة خلال فترات الحملات الانتخابية. وما يؤكد على مصداقية هذا الطرح هو أن حكومة عزيز أخنوش تسارع الخطى من أجل إقرار هذا الدعم المباشر منذ عامها الأول بعيدا عن نهاية ولايتها حتى تتجنب هذا اللغط وذلك التكسّب الذي يرغب البعض بتحصيله من ورائها.
واليوم تتضح الصورة أكثر بخصوص خارطة الإصلاحات التي تريد حكومة عزيز أخنوش إقرارها. إنها موزعة على كافة الفئات الاجتماعية والفرقاء الاقتصاديين، بدء بالأسر المعوزة التي ستحصل على الدعم المباشر مرورا بفئات الطبقة الوسطى التي استفادت من زيادات في الأجور أو ستستفيد من ثمار تخفيض الضريبة على الدخل وصولا إلى أرباب العمل الذين سيحظون بدورهم بامتيازات ضريبية من أجل التحفيز على المزيد من الأعمال والمبادرات. هذه الإصلاحات الشاملة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمثل نظرة انتخابوية ضيقة، بقدر ما هي رؤية استراتيجية تتجاوز الزمن الانتخابي، بل حتى الزمن السياسي. عندما أعلن رئيس الحكومة أن الإجراءات العشر التي سيتم اتخاذها ستشمل الأسر الفقيرة والهشة، والطبقة الوسطى والعاملين بالقطاعين العام والخاص والعاملين غير الأجراء والمتقاعدين، إنما كان يؤكد على أن هذه الحكومة هي حكومة الجميع دون استثناء ولم تأتِ للتمييز بين المغاربة من خلال تفضيل فئة واستهداف أخرى.
والواقع أن هذه المقاربة الشاملة هي تصحيح للمسار الإصلاحي الذي بدأته الحكومات السابقة، ووقعت خلال في خطأ سياسي فادح، عندما وجّهت كل إجراءاتها الإصلاحية ضد فئات معينة، كان على رأسها الموظفون، الذين تضرورا سواء من خلال إصلاح نظام المعاشات أو تجميد الترقيات أو تجاهل المطالب الفئوية لها. ومن ثمة فإن ما تقوم به حكومة عزيز أخنوش اليوم هو تقويم ضروري في المرحلة الحالية للتوجهات الإصلاحية الكبرى، التي لا ينبغي أن تبقى مرتهنة للصراعات الحزبية الضيقة بل والطموحات الشخصية جدا أحيانا، كما حدث في الحكومتين السابقتين عندما كان بعض القياديين ينسبون إلى أنفسهم قرارات استراتيجية اتخذتها الحكومة، ويمارسون نوعا من الابتزاز للدولة ومؤسساتها. ولذلك كان هذا التنبيه الذي قدّمه رئيس الحكومة عزيز أخنوش ضروريا عندما شدد على تنقيح الإصلاحات من أي توظيف سياسي أو انتخابي وأكد أن ما تقوم به الحكومة من إجراءات هو في نهاية المطاف امتثال للتوجيهات والإرادة الملكية السامية.