أخبار الدارأخبار دوليةسلايدر

نظام الكابرانات يروج لخرافة الانضمام إلى دول “بريكس”

الدار/ افتتاحية

لم ينته نظام الكابرانات بعد من مداواة جروح الفشل في القمة العربية والتراجع الدبلوماسي البيّن في الساحة الإفريقية حتى شرع في الترويج لفقاعة إعلامية أخرى بالحديث عن تقديم طلب للانضمام إلى مجموعة دول “بريكس” التي تضم أسواقا ناشئة هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا. وبينما ينتظر المواطن الجزائري البسيط أن تلتفت عصابة العسكر إلى التركيز على أولوياته المعيشية والتنموية يطلق إعلام شقنريحة هذه الحكاية الجديدة من أجل استثمارها في الحاضر والمستقبل للتغطية على الانشغالات الحقيقية في بلد يحقّق منذ شهور مداخيل قياسية على مستوى مبيعات المحروقات سواء تعلق الأمر بالنفط أو الغاز.

ومن هنا من المشروع التساؤل: لماذا يبحث بلد كالجزائر يعتمد اقتصاده بشكل كلي على تصدير المحروقات عن الانضمام لمنظمة مثل “بريكس” تضم اقتصادات قوية ومنتجة كاقتصاد الصين والبرازيل؟ من المؤكد أن الجزائر باقتصادها الحالي لا يمكن أن تساير القدرة الهائلة التي تمتلكها هذه الاقتصاديات على مستوى خلق الثروات والتصدير وتنويع الموارد واستغلال الفرص وتحقيق الانتقال الطاقي والاقتصادي الذي تفرضه المرحلة. واضح إذن أن هذا الطلب الذي قدّمه نظام الكابرانات، وإضافة إلى أنه مدعاة للسخرية والضحك، فإنه لن يخرج عن كونه محاولة جديدة للبحث عن موقع يضمن استمرار الولاء لأنظمة سياسية مثل روسيا والصين.

نظام الكابرانات يطلب الانضمام لمنظمة “بريكس” ليس لأنه يريد استثمار الفرص الاقتصادية الهائلة التي يتيحها ذلك، وإنما بالدرجة الأولى من أجل تحقيق مكاسب سياسية لا أقل ولا أكثر، تهمّ بالأساس ضمان الحماية والدفاع عن قرارات هذا النظام، واستقراره الداخلي، خصوصا أنه يعتمد عسكريا وبشكل شبه كلي على التزويد الروسي وبعض المنتجات الصينية. ومن المؤكد أن هذا الطلب الذي قدّمه النظام الجزائري سيكون مشفوعا بالأساس بمغريات التزويد بالطاقة، على اعتبار أن هذا النظام يرقد فوق بحر من الموارد النفطية والغازية التي تثير اهتمام هذه الاقتصاديات المتعطشة للمزيد من الطاقة، وخصوصا بالنسبة للصين والبرازيل والهند، التي لا تعد بلدانا منتجة للطاقة الأحفورية.

بعبارة أخرى نظام الكابرانات على استعداد لتقديم تنازلات كبيرة في مجال استغلال الثروات الجزائرية في هذا المجال من أجل الحصول على موقع ضمن هذه المنظمة الدولية الصاعدة. لكن لنعد إلى أرض الواقع، انضمام الجزائر إلى هذا التكتل يبدو من رابع المستحيلات بالنظر إلى أن التحالف الذي تشكل بين هذه الدول الخمس كان نتيجة مخاض سياسي ودبلوماسي طال لسنوات قبل أن يتم التفاهم على بلورته في إطار منظمة “بريكس”، وهو الاصطلاح الذي يختصر أسماء البلدان المشكلة له. بالنسبة لبلد كالصين أو حتى روسيا، التي تعدّ نظاما حاميا للجزائر، فمن الصعب أن يتم اعتبار الجزائر عضوا رسميا كامل العضوية بهذا الاتحاد في ظل ضبابية المشهد السياسي داخل هذا البلد، والغموض الذي يلفّ مستقبله مع الازدواجية التي تعتري نظام الحكم بين هيئة عسكرية تنفيذية وهيئة رئاسية شكلية لا دور لها.

الهوية السياسية للنظام الذي يمكن أن ينضم إلى منظمة مثل “بريكس” ينبغي أن تكون واضحة وخالصة. ليس المقصود أن تكون ديمقراطية، لكن يجب أن يكون هناك مخاطب واضح. في الهند والبرازيل وجنوب إفريقيا أنظمة رئاسية منتخبة، وفي روسيا نظام الزعيم الوحيد الذي يسيطر على الوضع، وفي الصين نظام الحزب الوحيد الذي يقود البلاد ويفرض فيها حالة من الانضباط والانسجام على مستوى القرارات السياسية. أما في الجزائر فالوضع مرتبك، والنظام الشبيه بالمافيا، تتقاذفه الكثير من الهيئات سواء تعلق الأمر بالمخابرات العسكرية أو الجنرالات أو قدماء جبهة التحرير الوطني أو الرئاسة المنتخبة شكليا، وبالتالي فإن تعاطي دول “بريكس” مع هكذا مزيج سياسي أمر مستبعد تماما.

ثم هل تمتلك الجزائر مشروعا ينسجم مع أهداف منظمة “بريكس”؟ ما هي الإضافة التي ستقدمها لهذه المنظمة في الوقت الذي تحصد فيه داخليا فشلا ذريعا على كل الأصعدة؟ لقد تأسست منظمة “بريكس” من أجل خلق قطب دولي جديد في مواجهة استحواذ القطب الغربي بقيادة الولايات المتحدة، وترى دول “بريكس” أنها تمتلك مقومات اقتصادية كافية لتجعلها قادرة على التأثير في صناعة القرار الدولي، وخلق نظام عالمي جديد. إنها أهداف استراتيجية تاريخية وإنسانية كبيرة من الصعب على نظام تقوده عصابة من الجنرالات المسنين أن تستوعبه أو تبادر إلى المساهمة فيه لأنها لا تمتلك لا المرجعية ولا الأفكار ولا الموارد ولا حتى الإرادة السياسية التي تمكّنها من ذلك. ولو انشغل الكابرانات بتنمية حاسي مسعود وحاسي الرمل وتامنراست لكانت هذه البرامج والمشاريع كافية لإرضاء الشعب الجزائري بدلا من ترويج خرافات وأساطير كخرافة الانضمام إلى منظمة “بريكس”.

زر الذهاب إلى الأعلى