أخبار الدارسلايدر

المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية …من أول دولة تعترف باستقلال أمريكا الى شريك استراتيجي ذو مصداقية

الدار – تحليل

ماضي موسوم بمداد من العلاقات التاريخية وحاضر قوامه علاقات متميزة، ومستقبل بآفاق أرحب، أهم سمات العلاقات المغربية الأمريكية، تزامنا مع احتفال أمريكا بعيد استقلالها في الرابع من شهر يوليوز الجاري.
ارث تاريخي عميق، ذلك الذي يجمع بين الرباط و واشنطن، انطلق من الاعتراف المغربي باستقلال الولايات المتحدة عام 1787، وما تلا ذلك من مراسلات دبلوماسية بين السلاطين المغاربة والرئيس الأمريكي جورج واشنطن، كانت بمنزلة أوّل صداقة تجمع بلاد العم سام ببلد إفريقي.
“المغرب كان أول دولةٍ اعترفت باستقلال بلادي”، وردت هذه العبارة على لسان الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما في خطابه الشهير بالعاصمة المصرية القاهرة عام 2009، أوباما وهو يؤكد آنذاك معلومة تاريخية، أذهل المغرب الرسمي والشعبي، ومن بعدهم الدارسون والرأي العام العربي، وهو يتوخى الإنصاف لهذه المملكة العريقة، ويفتح أعين آخرين على جزء منسيّ من علاقات دول تبدلت وتغيّرت.
يرجع ذلك إلى تاريخ سحيق حين كانت بضع ولايات أمريكية تناضل للتحرر من نير الاستعمار البريطاني، بعدما ضاف ذراع سكان هذا الجزء من العالم من سوء التبعية للإمبراطورية العظمى.
ابان القرن الثامن عشر، كانت الولايات البالغ عددها 13، ، تتكئ على دعم أوروبي من فرنسا وإسبانيا، وهي تائهة في العالم دون اعتراف بها كدولة مستقلة، نظرا لطول يد بريطانيا، التي وُصفت ساعتها بأنها الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، لكن الاعتراف الذي كانت الولايات الأمريكية في أمس الحاجة إليها وقتها، جاء من المملكة المغربية، حين أقدم سلطان البلاد حينها سيدي محمد بن عبدالله؛ على إصدار وثيقةً رسمية تقضي باعتبار ذاك الجزء من العالم دولة مستقلة ذات سيادة.
في 20 فبراير 1778، اعترف السلطان سيدي محمد بن عبد الله باستقلال الولايات المتحدة، وثماني سنوات بعد ذلك، وتحديدا في 23 يونيو 1786، وقع الطرفات “معاهدة الصداقة، والملاحة والتجارة. وقد جاء اعتراف السلطان الصريح بالولايات المتحدة ضمن قرار يسمح لبعض الدول بممارسة نشاطات تجارية مع المملكة المغربية، وهو ما سمح للدولة الوليدة آنذاك بموطئ قدم بعيدا على سلطة بريطانيا العظمى، الي تمتد مستعمراتها شرقا وغربا، وتستحوذ على أغلب أساطيل البحار.
وتجسد الاعتراف دبلوماسيا باعتماد المغرب قنصلا للولايات المتحدة الأمريكية، هو الفرنسي توماس باردي، الذي تم تنصيبه عام 1797، في طنجة. و
ومع مرور الوقت، جرت الكثير من المياه تحت جسر الزمن، وعلاقات المغرب والولايات المتحدة، التي أصبحت القوى العظمى، فردت واشنطن الجديدة هذه المرة الجميل للمغرب وإن بعد قرون؛ فاعترفت بسيادة المملكة على صحرائها في الأقاليم الجنوبية.
في دجنبر 2021، اعترف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالسيادة المغربية على الصحراء في تتويج لجهود الرباط في هذا الملف، الذي عد محور سياستها الخارجية. وتحمل هذه الصفحة من التاريخ مرجعا في كتاب العلاقات الدولية، يبرز في كل مناسبة ليؤكد مدى عراقة علاقة الولايات المتحدة والمغرب، ويفسر مستوى التنسيق الدبلوماسي بين البلدين.
وصادف أمس الثلاثاء/ ذكرى استقلال ما سيعرف لاحقا بالولايات المتحدة الأمريكية عن بريطانيا؛ قبل ما يقرب من قرنين ونصف القرن من الزمن. فقبل 248 عاما من الآن، اتخذت 13 ولاية أمريكية قرارها بالاستقلال عن الإمبراطورية البريطانية، لتفتح بذلك الباب؛ أمام قيام الولايات المتحدة؛ بعد حرب مع بريطانيا العظمى استمرت لسنوات.
توطدن علاقة المغرب والولايات المتحدة قوة في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وهو الذي جمعته علاقات صداقة مع كل الرؤساء الذين عايشهم في فترة حكمه، فيما عرفت مرحلة كلينتون تقاربا خاصا تطورت خلالها العلاقات من مجرد دولتين صديقتين إلى علاقة صداقة متينة بين العائلة الحاكمة في المغرب وأسرة كلينتون، لتترسخ في أذهان المغاربة صورة الرئيس الأمريكي كلينتون وزوجته وهما يسيران في جنازة الراحل الحسن الثاني، لتكون بذلك بداية لعلاقة لن تنقطع مع العائلة الملكية، في ظل حكم محمد السادس، الذي حظي، في كل زيارته الى واشنطن، باستقبال كبير، داخل البيت الأبيض، من طرف الرؤساء الأمريكيين.
وبعد اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، تأكد جليا على أن السياسة الأمريكية تتجه إلى اعتبار المغرب شريكا قويا ذا مصداقية وله مكانته، حيث أن المناورات العسكرية السنوية بين المغرب وأمريكا، والاتفاق العسكري لمدة عشر سنوات، وأيضا التعاون الأمني العسكري بين المغرب وإسرائيل، كلها معطيات تعد بمستقبل زاهر للعلاقات بين البلدين.

زر الذهاب إلى الأعلى